نشرت الصحف، أمس الأول، عن اجتماع «ودى» تم فى أحد فنادق القاهرة الكبرى بين الدكتور البلتاجى والدكتور العريان والدكتور الجزار من قبل جماعة الإخوان، وبين الدكتور حمزاوى والدكتور الشوبكى من قبل جبهة الإنقاذ، وحضر الاجتماع مجموعة أخرى من القوى السياسية أبرزها حزب الوسط. وقيل، حسب الخبر المنشور، إن الاجتماع تركز حول قواعد اللعبة السياسية فى المرحلة المقبلة، وشدد الخبر على أنه لم يتناول الانتخابات البرلمانية المقبلة. ونشر الخبر فى الصفحة الأولى من صحيفة «المصرى اليوم»، وفى مكان بارز يعكس «أهمية وندرة» الحدث فى حد ذاته. فى مصر حينما يلتقى ممثلون عن الحزب ذى الأكثرية وممثلون عن المعارضة السياسية على دعوة عشاء فى أحد الفنادق، يصبح حدثاً يشار إليه. السؤال: لماذا؟ الإجابة: لأننا ببساطة مجتمع قليل الخبرة الديمقراطية، تعلمنا الخصام السياسى والمقاطعة وإهمال بعضنا البعض، أكثر مما تعلمنا الحوار والتواصل والتفاوض الجدى والحرص على احتواء مشاعر الآخر وإزالة مخاوفه وهواجسه. الإجابة المؤلمة: إننا ننشد تجربة ديمقراطية دون تراكم ديمقراطى. الإجابة المؤلمة: إننا نؤمن بالهزيمة أو الانتصار فى اللعبة السياسية، ولكن لم نتعلم «اقتسام السلطة وتعميق مشاركة الجميع من أغلبية داخلية». الإجابة المؤلمة: إننا لا نضع اعتباراً للعلاقة الإنسانية فى أدبيات التعامل السياسى، ويكفى أن نصف قادة تيار الإسلام السياسى بأنهم لم يقدموا واجب العزاء للفريق أحمد شفيق فى وفاة المرحومة زوجته، لأنه كان منافساً من الفلول على مقعد الرئاسة! فى لبنان، كان السيد حسن نصرالله أول المعزيين فى بيت الشهيد رفيق الحريرى، رغم التباين الشديد فى المواقف السياسية بينهما. فى واشنطن، يسهر ويخرج وينتزه أقطاب الحزبين الديمقراطى والجمهورى، رغم المعارك السياسية بينهما، بل إنهما وضعا نظاماً بشكل دورى لحوار جميع أعضاء اللجان البرلمانية فى مجلس الشيوخ والنواب بشكل رسمى، أو فى منتجعات يتم فيها ما يعرف باسم «الخلوة السياسية». يجب أن يكثر الحوار واللقاءات الرسمية والودية العلنية والسرية بشكل دورى دائم، ويجب ألا تنقطع خطوط الاتصال شبه اليومى بين جميع القوى السياسية من كل التيارات. لا بديل للحوار مهما كان صعباً ومهما كان مؤلماً ومهما كان مكلفاً، لأن البديل هو الفوضى المفروشة بالدماء!