ما أن أنهى خطيب مسجد "الفتح" خطبته في الذكرى الثانية لاندلاع ثورة 25 يناير، حتى بدأت الهتافات تتعالى. فالخطبة التي تحدثت عن ثورة الرسول (صلى الله عليه وسلم) على الفساد، وبداية البناء وتوحيد الصفوف بين المتظاهرين، لم تفلح كلماتها مع جموع المتظاهرين. على أبواب المسجد كان أول الهتافات "الشعب يريد إسقاط الظام" و"يسقط يسقط حكم المرشد"، فيما ردت صيحات الخارجين من المسجد رافعين المصاحف في وجوه المحتجين: "الشعب يريد تطبيق شرع الله" و"إسلامية إسلامية". المشهد يمثل النقيضين معا، هكذا بدت الأمور قبل دقائق من صلاة الجمعة. فأمام ساحة المسجد الكبيرة اختلطت كافة الاتجاهات للاستعداد للصلاة، واعتلى علم النادي الأهلي السور الخارجي للمسجد، فيما جلس أحد الملتحين فاتحا كتاب الله يتلو منه آيات من الذكر الحكيم، بينما كانت طبول الثورة تقبع خلف ظهور المصلين من الشباب، الذين يرتدي معظمهم ملابس موحدة زُيِّنَتْ بعبارة "أولتراس ثورجي"، مدونة أعلى نصف وجه ملثم، وذلك في الوقت الذي قلَّت فيه أعداد العلم المصري في هذه المسيرة المتجهة صوب ميدان التحرير. وتقدمت لافتات تحمل صور الشهداء المسيرة، فهذه صورة "جيكا"، وأخرى لأحد شهداء مجزرة بورسعيد، فيما كانت السويس مهد الثورة حاضرة عن طريق أحد أبنائها، هو فؤاد محمود، الذي قدم خصيصا ليشارك المتظاهرين في القاهرة، بعدما أدى واجبه في السويس حتى آخر لحظة. الرجل الأربعيني تحمل يمناه علم السويس أزرق اللون. "لحد الساعة 12 بالليل إمبارح كنت مع الثوار أمام مسجد الشهداء بالسويس، وسِبتهم لأن السويس مليانة رجالة، وقلت أساند الناس هنا". وبينما بدأت الحشود تبتعد عن أسوار المسجد، تلاشت تداخلات أصوات مؤيدي ومعارضي النظام، فيما عادت أصوات الباعة الجائلين لتتصدر المشهد.