ماذا يريد قادة جبهة الإنقاذ الوطنى؟ ما هو هدفهم؟ وكيف سيحققون أهدافهم؟ هل سيرفعون شعار العصيان المدنى لإسقاط النظام أم شعار الاحتجاجات المتوالية لإرهاقه تمهيداً لتغييره عبر صندوق الانتخابات فى نهاية المدة المقررة أم فى أخرى مبكرة؟ وبغض النظر عما حدث أمس فى ميدان الثورة «التحرير»، فإن تعدد وتبدل الشعارات صبغ مسيرة الجبهة بظلال تحتاج إلى تفسير حول طبيعة هدف المرحلة وكيف يتحقق، خصوصاً أن البعض يجنح كثيراً هنا وهناك دون وضوح لأسباب هذا الجنوح. الجميع من دون استثناء يتهمون رأس النظام بالحنث باليمين الدستورية، وبمخالفة الدستور والقانون بإصدار الإعلان الدستورى الذى عاد فيه ولم يعد فى نتائجه، وبانتهاك العقد الاجتماعى الموقع بينه وبين الشعب، وخطف صندوق الانتخابات والجنوح بنتائجه لمسارات معادية للديمقراطية، والصمت على جرائم قتل المتظاهرين أمام الاتحادية، بل وصل البعض إلى مستوى الحديث عن التواطؤ بالصمت مع جماعة الإخوان فى أحداث الاتحادية والمحكمة الدستورية ومع حازمون فى أحداث مدينة الإنتاج الإعلامى. ورغم ذلك ما زال البعض من قادة الجبهة يخرجون علينا بمقولات مثيرة للدهشة والتساؤلات مثل انتخابات رئاسية مبكرة، وأن تغيير الرئيس المنتخب يكون بالانتخابات، ويذهب البعض منهم للقاءات قبل يومين مع قادة إخوانيين للتفاهم على أسس التنافس السياسى دون اعتداءات جسدية، وأخيراً وضع أطر لضبط الإعلام. كيف تستقيم كل هذه الأقاويل المتضاربة مع كل هذه الوقائع الفاضحة لممارسات رئاسية تفقأ العين من جسامتها؟ أفهم أن قادة من الجبهة يطلقون تصريحات تخضع لإرادة وقرارات أنصار الجبهة، لكنى لا أفهم أن البعض يتصرف ويتحرك على الأرض دون العودة للأصول والارتباط بها. لا أفهم أبداً أن نتفاهم مع من نتهمهم بالمعاداة للدستور والقانون، ولا أفهم أبداً أن نجلس لنتشاور مع من خطط ودبر ونفذ مؤامرات خطف متظاهرين أبرياء وقام بتعذيبهم وانتزاع اعترافات منهم قبل أن يطيح بتظاهرتهم المطالبة بالحرية. لقد كان جلياً فى لقاء بعض قادة الحركة السلفية مع قادة الجبهة مدى ذعر الجماعة الأولى من أحاديث إسقاط النظام بزعم أنه نظام منتخب، وما لا أفهمه: هل لأنه منتخب يحق له مخالفة قواعد الانتخاب ويظل رغم ذلك متمتعاً بالشرعية التى انتهكها؟ لقد نبتت فجأة مجموعة من الحركات والجماعات الغريبة عن واقعنا المصرى، لكنها نبت ابن اللحظة التى لا تفرز سوى توتر وتشدد وعنف، وهى جزء من المناخ الذى فرضته ممارسات وتصريحات جماعة الإخوان وحلفائها، والتى سيكتوون بنيرانها، والمؤكد أن الجبهة ستتأثر بهذه المتغيرات إذا لم تحافظ على التئامها ويتوقف البعض عن المحاورات والمناورات الجانبية.