من طفل فقد أبيه في الثالثة من عمره، ثم تعامل مع زوج أمه الذي أجبره على تعلّم مهنة الحلاقة حتى يتكفل بمصاريفه، إلى ريادة المسرح الغنائي العربي. بعد أن عمل في مجال الحلاقة تكفّله صديق أبيه وأدخله الكُتّاب وتعلم مبادئ التجويد ومقامات الغناء وفي كل مساء كان في جلسات الإنشاد، حتى أصبح محترفًا في هذا المجال، ثم انتقل من الغناء الفردي إلى تشكيل فرقته الخاصة من الشعراء والموسيقيين ليغني في الأفراح والليالي السعيدة حتى غدا أشهرهم في هذا المجال. بعدها أصبح يقدم عروضًا على مسرح «الخياط» ثم تنقّل بين العديد من الفرق حتى وصل إلى فرقة «إسكندر فرح» وظل معهم لسنوات طويلة حتى اختلف معهم، وكوّن فرقته الخاصة الشهيرة باسم «فرقة الشيخ سلامة حجازي»، ولم يكتف حجازي بالغناء والتلحين فقط بل أدى دور البطولة في المسرحيات أيضًا. سافر الشيخ سلامة لتقديم عروضه في دول عربية وأوروبية، وسمع الموسيقى الغربية، فسبق عصره ومزج الألحان الشرقيةوالغربية وقدم أعمالًا جديدة ومميزة. وقدّم الشيخ سلامة، مسرحيات في مختلف المجالات، فقدم المسرح الغنائي مثل «مجنون ليلى، وشهداء الغرام، والأندلس» وقدّم مسرحيات فكاهية مثل «الشاعر والقبطان»، وأيضًا مسرحيات عالمية لشكسبير وهوجو وفولتير وديماس وغيرهم. وبالرغم من إصابته بالشلل في أواخر أيامه إلا أنّه استمر في تقديم عروضه على كرسي متحرك، غنّى من ألحانه العديد من المشاهير منهم منيرة المهديّة، وعبد الوهاب، كما لا ننسى أنّه مكتشف سيد درويش، وقدّمه إلى الجمهور على المسرح لأول مرة، فتحول من مطرب مغمور يغني في قهوة «شيبان» بالإسكندرية، إلى أحد المطوّرين في هذا المجال، وتغنّى سلامة حجازي بألحان سيد درويش في مسرحية «ورد شاه». تأثّر بسلامة حجازي، العديد بخلاف سيد درويش، مثل زكريا أحمد وكامل الخلعي وداوود حسن، حتى إنّهم أعادوا مسرحياته بعد وفاته. لم يكن صباح فخري وحده من بدأ مشواره كمؤذن في مسجد، فالشيخ سلامة حجازي اعتلى مآذن جامع البوصيري، والمرسي أبو العبّاس وهو في الخامسة عشرة، ورفع الآذان بصوته الذي عشقه الناس، وهنا أتذكر حديث قديم لأحد الشيوخ عن أنه أثناء سفر سلامة حجازي إلى لبنان لعرض إحدى مسرحياته وكان وقتها غير معروف جيّدًا بالخارج، فكان خائفًا من عدم النجاح فما كان منه إلا أن ذهب إلى المسجد الرئيسي في بيروت وأذن للصلاة، ما لفت أنظار الناس وزاد إقبالهم على حضور مسرحيته «صلاح الدين» ولاقت استحسان شديد وقتها. في النهاية لا يسعني سوى أن أنظر إلى حال المسرح الغنائي الذي أصبح منسيًا وخارج حسابات المسرح والموسيقى معًا، فمن بعد سيد درويش، ظهرت فكرة المطرب الأوحد والفيلم الاستعراضي ولم يعد للمسرح الغنائي دوره مثلما كان، ولعل يشاركني في رأيي المطرب التونسي الجميل لطفي بوشناق حين غنى معبرًا عن استياءه مما وصل إليه حال الأغنية العربية هذه اليام : «حبي اللي سرقته كلمة كلمة من صوت العصفور عطشان لأغاني تخلّي الضلمة وردة ريحتها نور لكن يا خسارة اليوم أغانينا تغنّي وما تغنّيش فينك يا عبد الحي.. يا سلامة.. يا شيخ سيد درويش؟».