لم يكن عمرو الإمام، الطالب بكلية الإعلام، يملك إلا التفاؤل يوم 25 يناير من عام 2011، فلا الأوضاع القائمة كانت ترضيه، ولا المستقبل يطمئنه، فقط الأحاديث والمواعيد التى ضربها الشباب من حوله للثورة أعطته الأمل، وجعلته يشعر أن فى الغد شيئاً يستحق الانتظار، لكن ظروف امتحاناته منعته، حضر المسيرة بحكم قربه من موقع مسجد الاستقامة بميدان الجيزة، لكنه لم يتابع المسير بها، ذهب الجميع وبقى هو يشاهد ويفكر فى الامتحان وجدواه وفى الثورة التى أصبحت أمراً واقعاً، وليس أضغاث أحلام. لم تكن المظاهرات الأولى التى حضرها «عمرو» كبيرة، أعداد صغيرة تهتف عند مقهى البورصة بمنطقة وسط البلد، لم يكد يقف ويهتف حتى أُلقى القبض عليه، لأول مرة فى حياته يدخل إلى السجن، ويفهم معنى «الحجز»، «ما أفرجوش عنى غير فى فجر يوم 28 يناير، السجن كان فى الجبل الأحمر، واللى بيخرجوه، كانوا بيرموه على طريق السويس»، تصور طالب «الإعلام» وقتها أن المسألة انتهت عند هذا الحد، وأن المعاملة التى يصفها ب«فوق السيئة» التى لاقاها داخل «الحجز» كانت أقصى ما يمكن أن يحصل عليه الشباب، «جوّه السجن رفضت الإهانة، والمعاملة السيئة، فاتفاجئت بكمّ البهدلة والإساءة اللى تتخطى أى خيال». رحل «مبارك»، أو هكذا بدا الأمر، من وجهة نظر «عمرو»، إلا أن منحنى تفاؤله بدأ فى الانخفاض، حتى وصل إلى مرحلة اليأس، بداية من المرحلة الانتقالية، وانتهاء بالمرحلة الحالية التى يراها أبعد ما تكون عن الاستقرار: «مش هو ده اللى كنا عاوزينه، الإحباط كان بيزيد يوم عن يوم، المجلس العسكرى كان بداية الإحباط، أولاً عشان عسكر، المسألة عندهم أوامر، وطاعة بس، ثانياً عشان شُفت بعينى الكوارث اللى حصلت واللى شايف إنهم جزء منها ومسئولين مسئولية كاملة عنها»، كانت أحداث «محمد محمود» ومجلس الوزراء، و«ماسبيرو»، بمثابة صفعات متتالية لروح أملت خيراً فى الثورة، فقد الشاب الذى خرج فى «25 يناير» مطالباً بالعيش والحرية والعدالة الاجتماعية صديقه المقرب محمد مصطفى فى أحداث مجلس الوزراء، ولم يقف الأمر عند هذا الحد، حيث تُوجت المأساة بأحداث بورسعيد. الشاب الذى أصبح يخرج من مسجد الاستقامة مع كل مليونية ومسيرة من «الجيزة» يرى أن تتمة المرحلة الماضية فى القصاص لكل الشهداء، بمن فيهم شهداء بورسعيد، «القصاص هيحصل هيحصل، إما ينفذوه بنفسهم، أو هننفذه إحنا». يرى «عمرو» أن فترة الرئيس «مرسى» أسوأ فترة مرت به منذ الثورة وحتى الآن، «أسوأ ما فى السنتين، إذا كان الواحد بيموت فى لحظة وخلاص، الشعب كله بيموت ببطء من شهور، الفترة دى أسوأ من كل اللى فات، حتى من حكم المجلس العسكرى، على الأقل كان عندنا أمل إنه فيه رئيس جاى ينقذ الموقف، لكن مع مرسى اختفى الأمل، وبقينا كل يوم فى تدهور، مفيش أى إنجاز، ولا أى حاجة كويسة حصلت، الوضع من شدة سوئه مفيش حاجة توصفه». لا يخشى الشاب مما يدور حول قيام «ثورة إسلامية»، يستبعد الفكرة تماماً، ويرى كل الهجوم الذى يتم ضد «25 يناير» مجرد «شىء يدعو للضحك»: «حتى لو قام الناس اللى بيقولوا إنهم إسلاميين بثورة، آخرهم إيه؟ هيقتلونا؟ الشباب دلوقتى الموت بالنسبة له مش حاجة تخوف، حاجة عادية، قعدنا له فى البيت جايلنا، نزلنا له هايجيلنا، الخوف مش هينفع، والثورة الإسلامية مش هتنفع، مش دماغنا ولا روحنا التشدد، كمان الدولة اللى إحنا عاوزينها مش يهودية، مش عاوزين اليهود يرجعوا مصر، مش إحنا اللى قُلنا لهم أهلاً». على المستوى الشخصى لم يعُد الشاب يرى فى الدكتور محمد البرادعى قائداً عظيماً للثورة، فالأجدر بالقيادة، فى رأيه، هو المرشح الرئاسى السابق خالد على، وعلى الرغم من أن أمر القائد ليس محسوماً بعد، فإن الأكيد بالنسبة له أن أجواء «25 يناير» فى الأنحاء، وأن الحرية التى يصبو لها الجميع تستحق التضحية». الأخبار المتعلقة: «إمبابة والمطرية وشبرا».. تضع حجر أساس «الثورة الثانية» المطرية.. دولة الشهداء التى أنجبت «إبراهيم» يوم 25 يناير إمبابة.. ثورة «وليد فرغلى» تستمر على «3 أرغفة عيش و5 لتر بنزين» شبرا.. «محمد» يلتزم بوضع جدول المسيرات كل «جمعة وأحد وثلاثاء»