وسط مجموعة من الشباب فى أحد شوارع دار السلام، أخذ يرقص ويلف حول نفسه بشكل دائرى، حاملاً فوق رأسه سلة مليئة بالذرة المشوية، أكثر ما لفت إليه الانتباه ليس رقصه فقط، بل نداؤه الذى جعل كل من حوله يضحك بهستيرية. الطفل أيمن صلاح (12 عاما) نادى على بضاعته قائلا: «درة الثورة المشوية.. كوز مرسى بجنيه وكوز شفيق بجنيه ونص، أحلى من الحمام يا درة». سأله أحد الشباب: «يعنى إيه درة الثورة؟».. فرد: «أنا رحت التحرير مرة لقيت واحد بينادى على البطاطا ويقول بطاطا الثورة يا معسلة، وواحد تانى بينادى على شاى الثورة، فقلت فيها إيه لما انا كمان أقول درة الثورة؟». سأله شاب آخر: لماذا أطلقت اسمى مرشحى الرئاسة على الذرة؟ فقال: «عشان آكل عيش، اللى عاوز مرسى ياخد واللى عاوز شفيق ياخد.. وأنا خليت مرسى بجنيه عشان الناس اللى عاوزاه غلابة وكوز شفيق بجنيه ونص عشان الناس بتوعه معاهم فلوس». خفة دم أيمن هى التى دفعت من حوله إلى الاقتراب وشراء الذرة منه، كل حسب المرشح الذى يؤيده. أيمن ترك دراسته العام الماضى بعد أن وصل إلى الصف الخامس، بعد أن توفى والده السباك فى حادث سيارة ولم يترك له ولإخوته معاشاً، فلم تجد الأم غير إخراج أيمن وأخته من المدرسة للعمل. أحد ملاك العمارات الجديدة فى دار السلام عطف على الأم وساعدها على العمل فى إحدى عماراته كحارسة عقار، وأعطاها حجرة صغيرة تعيش فيها مع أطفالها الثلاثة.. وشقيقة أيمن الكبيرة تساعد والدتها أيضاً بالعمل فى شىّ الذرة فى فرن كهربائى اشترته بالتقسيط. لا يكتفى أيمن ببيع الذرة بل يعمل مع صاحب عربة فول فى الصباح مقابل خمسة جنيهات فى اليوم. يبدأ عمله فى الخامسة صباحا وينتهى فى الثانية عشرة ظهرا، يعود بعدها إلى المنزل منهكا: «باكل لقمة سريعة وانام ساعتين عشان أقدر أخرج أبيع الدرة.. أختى تشوى وانا أبيع».