اتفق عدد من الخبراء الأمنيين على أن الجريمة فى مصر بمختلف أنواعها تزايدت بشكل غير مسبوق عقب أحداث ثورة 25 يناير التى مهدت لموجة عاتية من الانفلات الأمنى. وقال العميد محمود قطرى الخبير الأمنى ل«الوطن» إن أسباب زيادة معدلات الجريمة بل وتزايد أعدادها، سواء كانت سرقات بسيطة أو بالإكراه أو جرائم قتل، يرجع فى الأساس إلى تفشى حالة الغياب الأمنى وعدم فاعلية الوجود الشرطى. وأضاف: لدينا وجود شرطى لكنه «منظرة»، فبعد ثورة 25 يناير عمت الفوضى فى البلاد وفقدت الشرطة هيبتها، «يعنى الشرطة موجودة والناس مش خايفة منها». وتابع قطرى قائلاً إن تراجع هيبة الدولة والقانون يرجع إلى افتئات أعداد كبيرة من ذوى الميول الإجرامية والمراهقين واجترائهم على النظام العام. وقال اللواء عبدالله الوتيدى مساعد وزير الداخلية السابق إن أعداداً كبيرة من المساجين الهاربين لا يزالون طلقاء فى الشوارع وهم من عتاة الجريمة ويبلغ عددهم حالياً ما يقرب من 3 آلاف هارب كلهم تقريباً كونوا تشكيلات عصابية بالإضافة إلى قرارات العفو التى شملت أعداداً ليست قليلة من المجرمين الخطرين وذوى السوابق. وأوضح الوتيدى أن أرقام ونسب الضبط فى تقرير الأمن العام لا تعد ضعيفة مقارنة بحجم الجرائم التى تُرتكب كل لحظة، مشيراً إلى أن الأمن فى رأيه يبذل مجهوداً خارقاً للتصدى للجرائم بمختلف أنواعها، لكن المشكلة فى الفهم الخاطئ للحرية مع تراجع معدلات الردع والخوف فى نفوس المواطنين وسعى قطاعات كبيرة من العاطلين والجانحين إلى استغلال الأجواء الحالية فى تحقيق أكبر قدر من المكاسب المادية السريعة. وحول انتشار ظاهرة سرقة السيارات تحديداً قال الوتيدى إن ذلك يرجع لعدة أسباب منها عدم وجود جراجات، وترك السيارات فى الشوارع بلا حراسة، وإهمال تأمين السيارات، وظهور أنماط جديدة من التصرف فى السيارات المسروقة من خلال تهريبها إلى غزة ورفح، وضعف رقابة مؤسسات الدولة، وعدم فاعلية الوجود الأمنى، ونمطية إجراءات المواجهة، والقصور فى إجراءات النشر والتعميم، والتراخى فى الإبلاغ، واستحداث طرق جديدة فى السرقة لا تواكبها أجهزة الأمن بتطور مماثل فى البحث والتقصى. وقال اللواء قادى الحبشى مدير مباحث القاهرة الأسبق إنه يجب للسيطرة على هذا الارتفاع فى معدلات الجرائم ووضع استراتيجية كاملة لمواجهة الجريمة والقضاء عليها من خلال تكثيف جهود إدارات البحث الجنائى بمديريات الأمن فى ضبط وملاحقة العناصر الإجرامية وتكليف مجموعات عمل لمتابعة إجراءات الضبط من خلال حملات منتظمة بالتنسيق مع مديريات الأمن وإدارات البحث المختلفة والتكامل فى تبادل المعلومات لتحجيم المتهمين وضبطهم. وأشار حبشى إلى ضرورة التنسيق بين كافة الجهات المعنية لتطوير الخطاب الدينى وتفعيل القانون وتطوير إجراءات الاستعلام الأمنى حتى يتسنى تضييق الخناق على المجرمين وضبطهم. من جانبها أبدت الدكتورة فادية أبوشهبة أستاذة علم الاجتماع بالمركز القومى للبحوث الجنائية والاجتماعية مخاوفها من هذا الارتفاع، مشيرة إلى أن تلك الأرقام تدل بشكل قاطع على أن هناك أمراً ما خطأ سواء فى تركيبة المجتمع والمزاج العام لأفراده أو حدوث خلل بيّن فى العلاقات والمفاهيم المجتمعية والأطر الحاكمة للضمير. وأشارت إلى أن «الناس مابقلهاش كبير» واللى عاوز يعمل حاجة بيعملها لأن الوضع الآن يقول إن الدولة بلا قانون أو شرطة، موضحة أنه يلزم للحد من هذه الجرائم عدم إلقاء المسئولية على وزارة الداخلية وحدها، بل يجب تضافر كافة مؤسسات الدولة والتنسيق فيما بينها وتطوير الخطاب الدينى والسياسى لتفريغ حالة الاحتقان.