إن رَفَعَ السلطانُ سيفَ القَهْرْ رميتُ نفسى فى دَوَاةِ الحِبرْ أو أَمَر السيَّافَ أن يقتلَنى خرجتُ من بوَّابةٍ سِرِّيَّةٍ تمرُّ من تحت أساسِ القَصرْ هناكَ دوماً مَخْرَجٌ من بطْشِ فِرْعَونٍ.. يُسمَّى الشِّعْرْ.. هكذا عبر نزار قبانى عن اعتراضه على الظلم والقهر قبل وفاته عام 1998، لكنه لم يكن يعلم أنه وقبل وفاته بسنوات قليلة ولد جيل ملّ من التعبير عن ضيقه من الظلم بالكتابة، وأبى أن يكون رأيه مهمّشاً، وآمن بمقولة «ما ضاع حق وراءه مُطالِب»، فهذا ما ينطبق على وضع الألتراس فى مصر حالياً، فهم الفئة الوحيدة المتمسكة بتحقيق مطالبها، وستنجح فى الوصول إلى العدالة والقصاص ل72 شاباً ماتوا فى ريعان شبابهم، وكل جريمتهم هى الذهاب لتشجيع فريقهم. لا أسعى هنا لإصدار حكم على المتهمين فى قضية بورسعيد، خصوصاً أن الطرفين المتنازعين خارج القضية، وهما ألتراس «أهلاوى» و«جرين إيجليز» المنتمى إلى النادى المصرى، مصريون وأحب أن أذكرهم بذلك، لكن القضية الآن بين يدى القضاء وكل ما نتمناه أن يصدر قرارات رادعة، فإذا كانت الكارثة مدبّرة فيجب الانتقام من مدبريها، وإن كانت نتيجة تقصير أمنى فيجب أيضاً محاسبة المقصرين. وإننى لسعيد بنجاح جيل الشباب وللمرة المليون فى تحقيق هدفه، فبعد أن أسقط نظام مبارك الظالم فى 2011، ها هو الآن يدافع عن قضيته بشتى الطرق للحصول على حقوق مَن نحتسبهم عند الله شهداء، أتمنى أن تنتهى تلك الأزمة سريعاً حتى يتفرغ هؤلاء الشباب لإنقاذ مصر من أسوأ عصورها فى التاريخ الحديث، فعقلية الألتراس التى تقود هؤلاء الشباب هى وحدها قادرة على إنقاذ مصر من الأزمة التاريخية المقبلين عليها، سواء رياضياً أو اقتصادياً أو حتى اجتماعياً، لأنهم مؤمنون بالقدرة على التغيير ومواجهة الظلم ولديهم عقول مضيئة تستطيع إنارة الطريق إلى مستقبل أفضل بحق. وهنا أنصح أى مسئول على مستوى الدولة، بداية من الرئيس مرسى وحتى أصغر مسئول فى حكومة هشام قنديل بالاعتماد على هؤلاء الشباب والثقة فى قدراتهم، قبل أن تصل ثورتهم إليكم قريباً لتحقيق مطالبهم التى نزلوا من أجلها للشوارع. أحب أذكركم أن الألتراس هم أول من هاجموا الفساد بحق فى ظل استقواء نظام مبارك، وانتقدوا استغلال الشركات أموال الشعب فى الإنفاق على كرة القدم، وطالبوا بوجود كرة قدم نظيفة دون استغلال للنفوذ ورأس المال، كما أن هؤلاء الشباب هم أول من ثار فى وجه وزارة الداخلية التى كانت تظلم قطاعاً كبيراً من الشعب فى ذلك الوقت، ووقفوا يداً واحدة لمواجهة أى ظلم، حتى إنهم وضعوا من شعار «إخوة فى الدم» هدفاً أمامهم ليؤكد أنهم متوحدون نحو هدف واحد ولن يسمحوا لأى فاسد أن يتدخّل بينهم، والجميع يعلم أنه لولا وجود هؤلاء الشباب فى ميدان التحرير منذ بداية الثورة ب25 يناير لما نجحت تلك الثورة، وليس وجود الإخوان كما يدّعى البعض، بدليل أن شهادات مسئولى وزارة الداخلية قالت إن من نزلوا فى 25 يناير ليسوا من الوجوه المألوفة للداخلية التى تعرف كل قيادات الجماعات المنظّمة قبل الثورة. ورغم كل ذلك، ومع اقتراب الذكرى الثانية للثورة واقتراب الذكرى الأولى لكارثة بورسعيد ما زال مسئولونا يعتبرون الألتراس شباباً تافهاً ولم يفهموا رسالتهم «ما تحاولوا تفهمونا ولّا وجودنا عليكوا خطير»، وتناسوا أنهم ردوا وبكل قوة على مقولة المخلوع «يا راجل كبّر مُخك وخليهم يتسلّوا»، وسيكون ردهم على تصرفات النظام الحالى أعنف وأقوى، فهذا الجيل، وأقصد الألتراس بجميع انتماءاته، شارك فى إسقاط مبارك فى 2011، وأسقط حكم العسكر فى 2012، فمن سيسقط فى 2013؟