أتذكر اليوم الذى وضعت فيه علياء المهدى صورتها العارية لأول مرة على مدونتها على الإنترنت، كم كانت صدمة للجميع أن يروا بنتاً مصرية تضع صورة عارية لها بكامل إرادتها ليراها العلن إيمانا منها أن هذا من حقها وأنها لا تخجل من جسدها العارى. لن أسرد ما حدث لها لأنكم تعلمونه، ولكن أصبحت هذه الصفحة من أكثر الصفحات زيارة فى تاريخ المدونات عالميا إلى أن اُستغلت سياسيا من التيار الدينى كمثال للحرية التى ينادى بها التيار العلمانى. فى رأيى الشخصى، لم تكن علياء المهدى الوحيدة التى تعرت بعد الثورة، فقد تعرى الكثيرون مثلها بعد الثورة. بداية من أول أيام الثورة تعرى الكثير عندما ثار الشعب على ديكتاتوره، فكان هناك من نظنه شريفا ومعارضا فوجدناه يدافع عن مبارك بحجة أو بأخرى، فتعرى عن ثوبه المعارض ليتضح أنه كان معارضة ناعمة لتجميل شكل نظام قبيح فقط. تعرى رجال دين أيضاً، استخدموا الدين لإقناع المتظاهرين أن الخروج على الحاكم معصية، لووا ذراع الدين وتفسيره للدفاع عن طاغية ليسقط احترامنا لهم ولكلامهم ولتكون بداية لسقوط المصداقية عن التيار الدينى أكثر وأكثر كل يوم. تعرى أيضاً بعدها بقليل معظم -ولا أعمم- التيارات الدينية المحترفة للسياسة، تعرت أهدافهم، أصبح جليا أن دعوتهم وخدماتهم لم تكن لوجه الله فقط، لكنها شراء أخلاقى لأصوات الناخبين، تعرى أيضاً عنهم رداؤهم المتسامح المتقبل للآخر ليظهر وجه حقيقى يظن أنه على حق أدلج والآخر على ضلال لجلج والاختلاف فى الرأى يساوى تكفيرا وتحقيرا. تعرى شيوخ كثيرون كنا ننتظر منهم الحكمة والفتوى، لنجدهم يحقرون بأنفسهم من دعوتهم بعد كلمة نفاق لهذا أو لعق حذاء لهؤلاء. تعرى من كان يعارض السلطة بشعارات وعندما وصل لنفس الكرسى الحاكم فعل ما كان يعارضه وقال على معارضه متآمر أو مزايد. تعرى كل من ظهر على أنه بطل بموقف أو اثنين ثم اكتشفنا تلونه وكذبه لمصلحة أو لأخرى، سريعا وبسبب سرعة الأحداث والاختبار بعد الآخر أن لا أحد منهم يفعل شيئا لوجه الله أو لمصلحة الشعب. تعرى المناضل المعارض عندما طرح نفسه لأى منصب وسئل عن خططه، لنكتشف جميعا أن المناضل الشريف لن يكون بالتبعية مديرا أو قائدا ناجحا، كما أنك لو وضعت أعظم ناقد رياضى أمام الهدف لركل الكرة ويحرز هدفاً قد يحرز هدفاً فى مرمى فريقه وليس الفريق الآخر. تعرى الليبرالى المدافع عن الحرية عندما وجدته يتمنى القمع لمن يختلف معه فى الرأى، ويقول إنه يتفهم الآن قمعهم فى العهد السابق. تعرى العلمانى الذى وجدناه من أجل مقعد فى البرلمان يقول إنه مع الشريعة ولكن مع تفسيرها «الوسطى» كنوع من أنواع التنازل السياسى، أفهم أن يقبله سياسياً كحل، لكن لا أفهم أن يبدل قناعته ليقول إنه «مؤمن» به. تعرى أمامنا العاقل وهو يستمتع بنقل إشاعة يستطيع الطفل الرضيع إدراك أنها خيال مطلق لمجرد أنها على هواه، تعرى أمامنا المتدين وهو يسب من يختلف معه بأقذع الألفاظ، تعرى أمامنا المفكر وهو غير قادر على إيجاد حل حقيقى واحد لأى أزمة. تعرى أمامنا الكثير من المعارضين الشرفاء عندما اكتشفنا أن كلا منهم يحمل الأطنان من غرور العظمة الذى يمنعهم جميعا من إنشاء تحالف والحفاظ عليه لشهر واحد. مع كل تعرٍ من هؤلاء اكتشفنا أن كل هؤلاء تعروا ليكشفوا لنا جميعاً أنهم يؤمنون ويقولون عكس ما يفعلون، لتكون علياء المهدى الوحيدة التى كان تعريها متسقا مع ما تؤمن به مهما اختلفت أنا وأنت وجميعنا مع ما تؤمن هى به. ولتدركوا جميعاً أن هذا العصر وهذا الجيل بأدواته وثوراته سيكون كاشفاً لجميع العورات.. فلتستحوا.. وإن لم تستحوا فافعلوا ما تشاءون.