ربما لم تمر البورصة المصرية بظروف أسوأ من الظروف التى مرت بها خلال العام الماضى، الذى يعد أشد قسوة وضراوة من العام السابق له، لما شهده من اضطرابات سياسية واقتصادية. وعلى الرغم من تلك الاضطرابات، جذبت السوق أكثر من 22 ألف مستثمر جديد خلال العام الماضى بينهم نحو 20 ألف مستثمر مصرى و740 مستثمراً عربياً و1400 مستثمر أجنبى، الذين يمكن أن نطلق عليهم لقب «الباحثين عن الفوائد فى أوقات المصائب»، فجذب انخفاض أسعار بعض الأسهم عدداً كبيراً من المستثمرين لدخول السوق، أملاً منهم فى ارتفاع الأسعار مرة أخرى بعد تحسن المؤشرات الاقتصادية فى البلاد. وكشف التقرير السنوى للبورصة عن أن العام الماضى شهد تسجيل 1458 مؤسسة جديدة بالبورصة المصرية، منها 71% مؤسسات أجنبية، و22% مؤسسات مصرية، وأخيراًً المؤسسات العربية بنسبة 7%، موضحاًً أن المؤسسات سيطرت على نحو نصف تعاملات البورصة المصرية خلال العام الماضى، مقابل 59% فى العام الماضى، فيما ارتفعت نسبة الأفراد خلال العام إلى 50% مقارنة بنحو 41% للعام الماضى. وأشار تقرير البورصة السنوى إلى أن صافى مبيعات الأجانب تراجع خلال العام الماضى إلى نحو 3٫6 مليار جنيه مقارنة بصافى بيع قدره 4٫3 مليار جنيه العام الماضى، بينما اتجه العرب إلى الشراء بقوة لينهوا العام بصافى شراء بلغ 1٫6 مليار جنيه مقارنة بصافى شراء بحوالى 188 مليون جنيه فقط للعام السابق، بعد استبعاد الصفقات. وقال محسن عادل، نائب رئيس الجمعية المصرية لدراسات التمويل والاستثمار: إن عام 2012 كان يمتاز بتفاؤل نسبى بعد قرارات الرئيس الجديد وإتمام التشكيل الحكومى، بالإضافة إلى استقرار الوضع فى الشارع السياسى وبدء مفاوضات صندوق النقد الدولى والزيارات الخارجية لتنشيط الاقتصاد المصرى، ما أثر على ارتفاع حجم السيولة والتداولات وتحقيق الاستقرار للمنظومة الاستثمارية. وأكد «عادل» أن استقرار الأوضاع السياسية وما يترتب عليه من تحسن فى البناء الاقتصادى يمثل دعماً إضافياً على قدرة البورصة المصرية على التعافى، وهو ما يستلزم تفعيل أدوات لتنشيط السيولة والإسراع بتفعيل عدد من التعديلات فى منظومة التداولات خلال الفترة المقبلة، مشيراًً إلى أن الاستقرار السياسى من الممكن أن يؤدى إلى تمكن السلطات من مواجهة تحديات هيكلية ضاغطة وتحقيق تقدم فى السياسات الاقتصادية، لدعم الجنيه المصرى والوضع المالى للبلاد. من جانبه، قال محمد السلامونى، محلل أسواق مال: إن البورصة المصرية مرشحة لتكون كبرى أسواق المال فى المنطقة خلال الفترة المقبلة شريطة تحسن الأوضاع الاقتصادية والاهتمام بالقطاع الاقتصادى فى الدولة، مضيفاً أن أزمة تراجع الجنيه المصرى أمام العملة الأمريكية (الدولار) ربما تكون له مساوئ بوجه عام على الاقتصاد، لكن فيما يتعلق بالبورصة، قد يؤدى هذا التراجع إلى زيادة مشتريات المستثمرين الأجانب والعرب فى سوق الأوراق المالية بعد ارتفاع القوى الشرائية للعملة الأمريكية وانخفاض المحلية. وأضاف «السلامونى» أنه فى حال تحسن المؤشرات الاقتصادية بالدولة ورفع الحد الأدنى للأجور والاهتمام بقضايا التوظيف فإنه من المتوقع زيادة أعداد المستثمرين بالبورصة من صغار المتعاملين، مؤكداً أن شريحة صغار المستثمرين تمثل أكثر من 65% من المتعاملين بسوق الأوراق المالية. ولفت «السلامونى» إلى أن العام الماضى لم يشهد إصدارات قوية فى سوق الإصدار خوفاً من عدم تمكن الشركات من تحقيق التغطية المطلوبة للاكتتاب، لافتاً إلى أن شركات كبيرة كانت تعتزم طرح جزء من أسهمها فى البورصة لكنها أرجأت هذه الخطوة لحين تحسن الأحوال الاقتصادية.