د. مصطفى إكرام عبدالعزيز استشارى طب الأطفال الطفل يشعر بالحاجة للملكية شعوراً تلقائياً فى سن مبكرة جدا فقد يظهر هذا الشعور فى نهاية السنة الأولى وأغلب الأطفال يدعون ملكية أشياء لا تخصهم ولكنهم مع تطور النمو يدركون ما هو لهم وما لغيرهم خصوصاً لو أن الآباء أفهموهم من وقت لآخر أن الاعتداء على ملكية الغير صفة غير محببة وأنها تسمى «سرقة» وأنه من الخطأ الشديد أن يقابل الأباء اعتداء طفل على لعب أو حلوى غيره أو أى شىء آخر ليس خاصاً به بالضرب أو بإذلال الطفل وإهانته عقاباً على اعتدائه، كما أن من الخطأ أيضاً الدفاع أو نكران الآباء لهذا السلوك، فكلا الأسلوبين لا يساعد على تكوين اتجاهات الأمانة عند الأطفال. كما أنه لا يحق لنا أن نحكم على طفل أنه سارق أو حرامى بالمعنى المتعارف عليه للسرقة قبل أن ندرس الدوافع التى دفعته إلى هذا السلوك غير المرغوب فيه ويتوقف سلوكنا مع الطفل على أساس فهمنا لهذه الدوافع التى تختلف من طفل لآخر. ولكن ما دوافع السرقة عند الأطفال؟ الجهل بحدود الملكية، فقد يسرق الطفل لعبة لأنه يجهل معنى الملكية الخاصة به والخاصة بغيره ولا يشعر داخلياً بأن أخذه للعبة غيره، أمر شائن بل إنه لا يفهم لماذا لا يأخذها وهى جذابة له ومثل هذا الطفل الذى لم ننمِ داخله حدود ما يملك وما لا يملك لا يمكننا أن نعتبره سارقاً ويكفى لكى نعوده على سلوك الأمانة أن ننمى فكرته عن الملكية بأن تكون له أدواته ولعبه وملابسه الخاصة مميزة عن بقية من حوله. الحرمان قد يسرق الطفل شيئاً محروماً منه ويشعر بحاجة ملحة له وحافز للسرقة كأن يسرق لعبة مميزة لأنه محروم منها ولا يستطيع أن يحصل على مثلها أو يسرق نقوداً لشراء مثل هذه اللعبة. الانتقام «إنى أسرق نقودهم وأشياءهم لأغيظهم لأنهم يكرهوننى ولا يحبوننى، أنا أنتقم منهم». هذا ما قاله الطفل السارق فى بعض الحالات التخلص من مأزق فى إحدى الحالات لسرقة الأطفال كان الطفل متأخراً دراسياً وكان المدرس يضربه لتأخره الدراسى والأب يقسو عليه أيضاً لنتائجه، فلم يجد الطفل حلاً لهذا سوى سرقة نقود الأب وشراء هدايا للمدرس ليحسن نتائجه الدراسية ويخفف عن نفسه العبء النفسى من المدرس والأب إذن: من المسئول هنا عن جريمة السرقة؟ إثبات الذات قد تكون عند الطفل رغبة شديدة فى الحصول على مركز مرموق وسط أقرانه فيسرق للتفاخر بما لديه ومثل هذا الطفل يعانى عادة من شعور شديد بالنقص. التقليد قد يكون سبب السرقة لدى بعض الأطفال هو تقليد أقران لهم فى البيئة المحيطة بهم فى المصروف والملبس والمأكل. شغل أوقات الفراغ: يسرق الطفل نقوداً من المنزل ليذهب إلى السينما أو الملاهى أو غيرها ويحدث هذا فى الجو العائلى المضطرب الذى يخلو من الأمن والطمأنينة وتنعدم فيه الرقابة والأبوة. إشباع الهواية مثل ركوب الخيل أو لعب التنس أو التصوير أو غيرها من الهوايات التى تتطلب نقوداً كثيرة. البيئة الإجرامية التى تعوّد الطفل على الاعتداء على ملكية الغير وتعتبر هذا نوعاً من القوة والانتصار وتقدير الذات خصوصاً أنه لا يعاقب وللأسف أن مثل هذا السلوك فى الصغر يتطور إلى سلوك إجرامى فى الكبر. الضعف العقلى وانخفاض الذكاء والوقوع تحت سيطرة أولاد منحرفين أكثر ذكاءً وأقوى شخصية يوجهونه إلى السرقة. أخيراً، قد يسرق الطفل لأنه مريض بمرض نفسى أو عقلى كما هو الحال فى حالات «الكليبتومانيا» هذه بعض الدوافع التى تدفع الأطفال إلى السرقة ويجب أن ندرس كل حالة على حدة حتى نفهم دوافعها وبالتالى يتيسر لنا رسم أسلوب علاجها.