قال اقتصاديون، ل«الوطن»، إن زيارة العاهل السعودى، الملك سلمان بن عبدالعزيز، للقاهرة بمثابة «فرصة ذهبية» لمصر، من أجل جذب المزيد من الاستثمارات السعودية، لا سيما مع استعداد المملكة لمرحلة «ما بعد النفط»، التى تستهدف فيها زيادة الاستثمارات الخارجية إلى نحو تريليونى دولار، لتعويض أزمة تراجع أسعار النفط، التى أضرت باقتصاديات دول مجلس التعاون الخليجى عامةً، والسعودية خاصة، مشددين على ضرورة تحويل العلاقة بين «القاهرة»و«الرياض» من علاقة دولة مانحة ودولة مستهلكة إلى علاقة تقوم على المنفعة المتبادلة. «نافع»: حان الوقت لتغيير شكل العلاقة بين البلدين من المنح إلى الشراكة.. و«الفقى»: أقوى رد على شائعات وجود «خلافات».. وأتوقع عقد اتفاقيات تجارية بين الجانبين وقال السفير جمال بيومى، أمين عام «اتحاد المستثمرين العرب»، مساعد وزير الخارجية الأسبق، إن «زيارة العاهل السعودى لمصر تحمل مدلُوّلاً فى غاية الأهمية، وهو التأكيد على قوة ومتانة العلاقات المصرية السعودية، خاصة بعد ما أثير عن توترها خلال الفترة الأخيرة، خاصة أن السعودية دعمت مصر بشكل كبير عقب ثورة 30 يونيو». وأضاف «بيومى» أن «السعودية كانت أكبر الدول الخليجية التى وقفت بجانب مصر اقتصادياً، الأمر الذى دفع عدداً من دول الخليج إلى ضخ نحو 12 مليار دولار لدعم الاقتصاد المصرى، وكان الجزء الأكبر من هذه المساعدات من المملكة، إذ قُدرت بنحو 5 مليارات دولار، إضافة إلى إعلانها عن ضخ استثمارات فى مشروعات تنموية على هامش مؤتمر شرم الشيخ الاقتصادى تقدر بنحو 4 مليارات دولار أخرى». وأوضح «بيومى» أن «العلاقات المصرية السعودية ذات طبيعة استراتيجية، ولا بد من تطويرها عبر زيادة حجم التبادل التجارى، عبر دراسة احتياجات السوق السعودية والخليجية، وتصدير احتياجات السوق السعودية بما يرفع حجم التبادل بين البلدين». وأشار إلى أن الاقتصاد الخليجى يمر حالياً بمرحلة «ما بعد النفط»، وأن دول التعاون الخليجى، وعلى رأسها السعودية، أيقنت أنه عقب تهاوى أسعار النفط العالمية، التى كانت العمود الرئيسى لهذه الدول، تبحث حالياً عن توسيع وتنويع استثماراتها الخارجية، سواء الزراعية أو الصناعية، وبناء عليه لا بد أن تستغل مصر هذه الفرصة فى زيادة حجم المشروعات المعروضة على الجانب السعودى للاستثمار فيها، خاصة فيما يتعلق بمشروعات تنمية قناة السويس. من جانبها، قالت الدكتورة عالية المهدى، العميد السابق لكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، إن «العلاقات الاقتصادية المصرية السعودية قائمة على 3 جوانب؛ الأول يتمثل فى الدعم والقروض أو المنح التى توفرها أو وفرتها السعودية لمصر عقب ثورتى 25 يناير و30 يونيو، إضافة إلى الاستثمارات البينية، وحجم التبادل التجارى بين البلدين». وأضافت «المهدى»: «وأعتقد أن الاقتصاد السعودى مثله مثل باقى اقتصاديات الخليج لم يعد فى مقدوره تقديم أى منح أو ودائع بنفس القدر لمصر، قبل تعرضه لأزمة تدنى أسعار النفط»، منوهة بأن «تعظيم العلاقات التجارية بين البلدين حالياً يجب أن يقوم على تعظيم وتطوير الاستثمارات البينية مع الجانب السعودى عبر طرح مشروعات جاذبة على القطاع الخاص السعودى، إضافة إلى ضرورة زيادة التبادل التجارى بين البلدين والسعى لزيادة الصادرات المصرية للأسواق السعودية والخليجية». من جهته، قال الدكتور مدحت نافع، الخبير الاقتصادى، إن «زيارة خادم الحرمين الشريفين لمصر، خاصة فى هذه المرحلة، تعد فرصة ذهبية، أرجو أن يتم استغلالها بالشكل المناسب من قبَل الجانب الحكومى والقطاع الخاص المصرى لتعظيم الاستثمارات البينية خلال المرحلة المقبلة». وأوضح «نافع» أن «السعودية أعلنت الفترة الأخيرة أنها تعد لعصر ما بعد النفط» بعد أزمة انخفاض سعر برميل البترول عالمياً، بعد أن أيقنت أن عنصر القوة الذى يميز اقتصاديات الدول الخليجية، المتمثل فى النفط، لم يعد بذات القوة، لذلك أعلن المسئولون السعوديون عن مرحلة زيادة وتنويع الاستثمارات المحلية والخارجية حتى لا يتأثر الاقتصاد السعودى عبر ضخ نحو 2 تريليون دولار فى استثمارات أطلقوا عليها (اقتصاد ما بعد النفط)، وعليه لا بد من أن تُحضّر مصر بشكل جيد لمشروعات يتم طرحها على الجانب السعودى، تؤدى إلى زيادة العلاقات الاقتصادية». وأكد «نافع» أن «الوقت قد حان لتغيير شكل العلاقة التى تربط مصر والسعودية، من مرحلة دولة مانحة لمصر إلى شريك تجارى، خاصة أن السعودية لن تستطيع تقديم منح أو قروض لمصر إلى ما لا نهاية»، مشدداً على أن «تغير شكل العلاقة إلى المنفعة المتبادلة هو الذى يقوى ويجعل هذه العلاقة بين الجانبين مستمرة»، مشيداً بدور مجلس الأعمال المصرى - السعودى فى تطوير وصيانة العلاقة بين القطاع الخاص السعودى ونظيره المصرى. فيما قال الدكتور فخرى الفقى، نائب المدير التنفيذى لصندوق النقد الدولى سابقاً، إن «زيارة العاهل السعودى لمصر هى أقوى رد على شائعات وجود خلافات أو توتر بين النظام المصرى والسعودى»، وأعتقد أنه سيتخلل الزيارة توقيع العديد من الاتفاقيات التجارية بين الجانبين، إضافة إلى إمكانية التشاور بشأن إقامة استثمارات سعودية جديدة فى مصر، خاصة أن السعودية تتجه لزيادة استثماراتها الخارجية لتدعيم الاقتصاد السعودى. ولفت «الفقى» إلى أن «السعودية كانت قد أعلنت عن حزمة تمويلية اقتصادية لمصر تصل إلى 30 مليار ريال تضخ فى استثمارات سياحية ومشروعات فى محور تنمية قناة السويس، إضافة إلى مشروعات زراعية، ونحن نأمل أن تدخل فى مرحلة التنفيذ خلال زيارة العاهل السعودى لمصر، وأنا أناشد القطاع الخاص المصرى استغلال الزيارة بشكل مناسب لتعظيم الاستثمارات البينية بين الجانبين».