يختلف كل طفل عن الآخر لكن علامات الإبداع واحدة بين الجميع، فقد يتميز الصغير بموهبة أو أكثر منذ صغره، ولكن يصعب اكتشافها أو معرفتها إلا من خلال متابعة الأم لأبنائها. لم يعد أولياء الأمور المختصين وحدهم بتلك الاكتشافات لتشاركهم الحضانة والمدرسة فى البحث عن كيان الصغار وفيما يتميزون. ل«هناء حسان» قصة مختلفة مع موهبة ابنها الصغير «محمد»، الذى يبلغ من العمر 13 عاماً، ولكن لم تدرك موهبته إلا عندما بلغ من العمر 9 سنوات، إذ فوجئت به يحترف أداء الرقصات النوبية، تقول هناء: إحنا أصلنا نوبيون وعندنا فرقة رقص شعبى، وربما التقط الصغير بعض الحركات منها، لكنى فوجئت به محترفاً ويجيد تقليد ما يراه من الحركات والرقصات». «هناء»: ابنى يحب الرقص النوبى.. و«هبة»: ابنتى مطربة مدرستها وتضيف: أدركت أن لديه هذه الموهبة، خاصة أن الرقص النوبى ليس من السهل تعلمه»، سعت الأم لتنمية مهارة ابنها وجعلته يشارك فى تدريبات الفرقة، بل وسمحت له بتقديم ما تعلمه للجمهور فى إحدى الحفلات لتكتشف الأم إعجاب الجمهور به وبرقصه الذى أضاف إليه الكثير من إبداعاته. أما هبة عادل، والدة الطفلة آية حسين، كانت لا تؤمن بأن لدى كل إنسان موهبة فى باطنه حتى وجدت يوماً ما ابنتها «آية» التى فى الصف السادس الابتدائى تتابع بشدة البرامج التليفزيونية لمسابقات الغناء وأكثرها برنامج «أراب آيدول» حتى فوجئت بموهبة ابنتها، تقول «كنت أجد ابنتى دائماً تدندن ولكن لا أهتم حتى وجدتها السنة الماضية تشاهد برنامج «آراب آيدول» وهى تغنى مع المتسابقين، فأدركت موهبة ابنتى فى الغناء وقدرتها وحبها له، فقررت أن أنميها بداخلها، فجعلتها تشارك فى الإذاعة المدرسية، وعندما بدأت تغنى أعجب بصوتها كل من سمعه من الطلاب والمدرسين وتنبأوا لها بمستقبل باهر، كما تبنى موهبتها أستاذ اللغة العربية بمدرستها وكتب قصيدة شعر وأعطاها لمدرس الموسيقى ولحنها وجعل ابنتى هى من تغنيها فى الإذاعة المدرسية، فاشتهرت بين زملائها وأساتذتها بمطربة المدرسة، حتى إنها كانت نجمة حفلات نهاية الدراسة وتكريم الأوائل وعيد الأم، فكانوا يجعلون ابنتى تغنى فى هذه الحفلات، وكنت أشجعها على ذلك. وبالرغم من ذلك لا يتحمل أولياء الأمور تلك المسئولية وحدهم، فالحضانات والمدارس عليها دور كبير فى اكتشاف مواهب الأطفال وتنميتها، فتقول سحر الزناتى، مديرة حضانة، إنها جلبت محللاً نفسياً للتعرف على الأطفال واكتشاف ما وراء أعمالهم واهتماماتهم، فيجالس الأطفال لمدة طويلة ثم يجتمع مع أولياء الأمور يوم السبت من كل أسبوع ليخبرهم باهتمامات أطفالهم إلى جانب إيجابياتهم ومشكلاتهم. أدركت «سحر» من خلال تجربتها كمديرة حضانة أن تلك السن «خطيرة» بما تعنيه الكلمة، ففيها يكون الأطفال على فطرتهم لم تشبهم شائبة، ومن السهل فيها اكتشاف مواهبهم والعمل عليها، لذا لم تهتم بالجانب الأكاديمى فقط، بقدر ما اهتمت أن تجلب لهم مُعلمة أجنبية مختصة بالرسم والمواهب الفنية، ولها حصص على مدار الشهر كباقى المُعلمين الأساسيين وليست حصة شهرياً مثلاً أو أسبوعية. فيما يقول الدكتور جمال فرويز، أستاذ الطب النفسى بجامعة القاهرة، إن اكتشاف موهبة الطفل يبدأ من طلبه لشىء معين، كطلبه لآلة موسيقية بعينها أو جلب ألوان أو إلقاء شعر استمع له وما إلى ذلك من المواهب، مشيراً إلى أن السن المناسبة لمتابعة واكتشاف مواهب الأطفال تبدأ من سن الثالثة والرابعة ولكنه يظهر أكثر عند سن السابعة والثامنة. وأكد «فرويز» على دور الحضانات فى صقل مواهب الطفل إلى جانب الأسرة، إلى جانب اكتشاف موهبته أيضاً لملاحظتهم الدائمة له، فإن كان يهوى الرسم سيبدأ من عمر الرابعة والخامسة، وإن لم يستطع الرسم سيجيد استخدام الألوان ويُخرج تلويناً مبدعاً لرسمة ما. وعن كيفية اكتشاف الحضانات لمواهب الأطفال، يوضح جمال فرويز، أستاذ الطب النفسى بجامعة القاهرة، ضرورة تخصيص أوقات لممارسة الفنون المختلفة، ومن خلالها يتم ملاحظة إلى أى الأشياء يميل كل طفل ومراقبته لتدوين ذلك والعمل على تنميته. وتطرق «فرويز» إلى دور الإخصائيين الاجتماعى والنفسى بكل مدرسة، فى إخبار أولياء الأمور لهم برؤيتهم حول ميول أبنائهم ومواهبهم. ليس بالضرورة أن يهوى الطفل شيئاً واحداً وعلى الأم تنمية مواهبه كلها، ذلك المبدأ سارت عليه نشوى جمال مع ابنها عمر هانى، البالغ من العمر تسع سنوات. يهوى «عمر» الرسم وكرة القدم إلى جانب السباحة التى أخبر أمه أنه يريد أن يكون بطلاً فيها، وأراد أن يترك الهواية الأولى ويتجه إلى اللعبة الأخرى، لكن الأم العشرينية رأت ضرورة ألا ينقطع فى نصف الطريق حرصاً على إلمامه بأكثر من شىء، وعقدت معه اتفاقاً بالاشتراك فى لعبة كرة القدم عقب الانتهاء من التدريب الكامل للسباحة، وإلى جانب اللعبتين أخبر والدته بحبه للرسم واشتركت له فى دورات تدريبية فيه ولكن فى إجازات العام الدراسى فقط، على عكس السباحة. شاركت المدرسة «نشوى» فى تنمية موهبة ابنها، من خلال سؤاله عما يهواه وسماع كل ما يخصه من والدته للمشاركة فى تميزه، من خلال إعطائه دورات تدريبية إلى جانب ما تشترك فيه الوالدة وإدخاله فى المسابقات ليزداد حماسة، ما ينعكس على تفوقه الدراسى، وترى الأم أن المسئولية مشتركة بين الأسرة والمدرسة، لأن الطفل وقته مقتطع بينهما.