متردد على الكنائس والأديرة، طالبا الرهبنة، باحثا في الكتب والمجلدات عن طقوسها ونسكها، ليقع بين يده كتاب "انطلاق الروح" للراهب أنطونيوس السرياني، الذي أصبح بعد ذلك البابا شنودة الثالث، ليذيده تعلقا بحياتها ونسكها، وشغفها لرؤية صاحب الكتاب. "صرابامون" ينقذ "شنودة" من الموت على يد قوات السادات عزم الشاب "عازر" على الذهاب للدير، ليترهبن هناك باسم "صرابامون"، وفي أول لقائه مع الأساقفة هناك، سمع "أهلا بالراهب أنطونيوس"، ليتشتت قلبه مع عقله سائلا حاله "معقول هو ده صاحب الكتاب"، وفي أحد المغارات بدير السريان عام 1954، بدأت صلوات وتضرعات الراهبين، فكلا منهما عين الآخر إلى الله، فالراهب أنطونيوس، يشرح ويفسر الكتاب المقدس، للراهب صرابامون، والأخير يأتي بالطعام والماء إلى الأول. صرابامون "أول" من يبلغ "شنودة" بتعيينه بطريرك يصف الراهب قزمان، أكبر راهب بدير الأنبا بيشوي، الراهبان صرابامون وأنطونيوس ب"نسور دير السريان"، ويروى ل"الوطن" عن قصة لقائهما الأول "طلب أسقف الدير من الراهب أنطونيوس، أن يكون أب اعتراف لصرابامون، ويأخذه معه إلى مغارته، وبالفعل عاش في المغارة لسنوات، فكان أبونا أنطونيوس يشرح للراهب صرابامون كيف يصلي ويصوم ويواظب على التأمل واكتساب الفضائل". واستمرت حياة الراهبان في دير السريان 4 سنوات، وفقا لحديث الراهب قزمان، إلى أن رُسم الراهب أنطونيوس أسقفا للمعاهد الدينية والتربية الكنسية، وكان حينها أول أسقف للتعليم المسيحي وعميد الكلية الإكليريكية، ورغم مسؤولياته لم يبتعد عن الدير، بل كان يتفقد رفيق رهبنته دائما ويتواصل معه. عاش معا في "الجبل" واتفقا على الدفن بجوار الانبا بيشوى وكان الأنبا صرابامون يعلم جيدا مدى تشوق الأنبا شنودة للدير والمغارة، وأنه سوف يعود إليه مرة ثانية، فيروي في أحد لقائته، أن البابا شنودة حينها طلب منه أن يبنيا معا مغارة في البحر الفارغ بصحراء وادي النطرون، بعدما ازدحم الدير على الرهبان، فيقول: "كان البابا شنودة يحب حياة الوحدة، فبنينا مغارة بعيدة، ووقتها شال حجر ضخم على ظهره، فتألم، فطلبت منه أن أساعده، فقال لي، تعالى نرتاح شوى، مكملش دقائق وقالي يلا نصلي". لم يفارق أحدهما الآخر، في ضيق أو فرح، فشعورهما ببعض جعل الراهب صرابامون يسير خلف الأنبا شنودة، وفي عام 1971 أثناء القرعة الهيكلية لاختيار البطريرك الذي كان البابا شنودة مرشحا فيها، قال الأنبا صرابامون: "حضرنا القداس في دير السريان، بعدها قال الأنبا شنودة أنا ذاهب إلى دير الأنبا بيشوي، فقلت له مش هسيبك جاي معاك، سبقني في الدخول إلى الدير، وعند دخولي وجدت عربية كبيرة، وخرج منها شاب قال لي الأنبا شنودة هو البطريرك، وجريت عليه وقولتله وكنت أنا أول واحد يبلغه بالخبر". ورغب البابا شنودة في أن يخرج تلميذه ورفيقه الراهب صرابامون إلى الخدمة، فسيمه أسقف عام، وبعد سنوات جعله يباشر أعمال دير الأنبا بيشوي، ثم عينه رئيسا عليه عام 1977، وفي فترة عزل السادات للبابا شنودة، كانت حزنا على المصريين جميعا، لكن الرهبان استقبلوا هذا الخبر بروح التلمذة والتعليم، فيقول الراهب قزمان: "الرهبان كانوا عرفين أنهم هيتعلموا من البابا، وبالفعل كان يعطي لهم العظات الروحية، ويحضر معهم القداسات والصلوات". خلال فترة نفي السادات للبابا في الدير، خاف الأنبا صرابامون على البابا شنودة، فذهب إليه في أحد الأيام ليلا، طالبا منه أن يعيش في قلايته "حجرته الخاصة للصلاة والتعبد" بدلا من القلاية التي تبعد عن الدير، فيحكي الراهب قزمان: لما طلب الأنبا صرابامون استبدال قلايته، البابا رفض في الأول، فقال له الأنبا صرابامون "ياسيدنا لو مكنتش أنت عايز تيجي جنبنا، فانا تعبان ومش قادر احتمل لوجودك هنا"، فلم يحتمل البابا حزن الأنبا صرابامون عليه، فانطلق سريعا وذهب إلى قلاية بجوار الرهبان، وقتها قوات السادات حاصرت الدير وقلاية البابا البعيدة، وكانوا يصوبون أسلحتهم عليها"، مضيفا: "شعور الأنبا صرابامون بالبابا أنقذه من الموت". وبعد عودة البابا شنودة إلى الكاتدرائية المرقسية، ظل حبه للدير ينبع بداخله، لذلك اعتاد على الذهاب إليه أسبوعيا، فيقول أبونا عازر، أحد رهبان الدير، "الأنبا صرابامون دايما يقول اللي عمّر الدير هو البابا، كله دا بحسه ونفسه، ويحكلنا انه كان بيرسم بالعصاية ويخطط على الأرض، ويقول للأنبا صرابامون ابنى هنا". اتفقا الأنبا صرابامون والبابا على دفن جسدهما بدير الأنبا بيشوي، وبجوار بعضهما وكان الأنبا باخوميوس أسقف البحيرة هو الوحيد الذي يعلم بهذا، وفي أحد اللقاءات قال الأنبا صرابامون أنه مجهز مدفن البابا منذ عام 2002"، وبعد نياحة البابا شنودة، لم يفرق الموت صداقتهما فيقول الأنبا صرابامون "البابا موجود معايا زي زمان، روحه ونفسه موجودين وسطينا".