"سد الألفية" سلاح خارجي آخر يهدد جنوب مصر، فعلى الرغم من علاقة مصر الوثيقة بدول حوض النيل إلا أن وجهات نظر المسؤولين وخبراء المياه السودانيين والإثيوبيين تباينت بشأن مضار سد الألفية الإثيوبي للتوليد الكهربائي على كل من مصر والسودان، في حين رأى مسؤولون بالدولتين أن السد سيمثل نقلة نوعية باتجاه التوليد الكهربائي الذي سيفيد كل المنطقة، اعتبره خبراء مياه مشكلة لن تتوقف بتأثر حصص السودان ومصر من المياه بل سيتعدى ذلك إلى مشكلات أخرى ستظهر في حينها، حيث أصبح سد الألفية "سلاح ذو حدين" ما بين الاستفادة من طاقته الكهربية والتقليل من حصص مصر فى مياة النيل. في الوقت الذي يقوم فيه الجانب الإثيوبي بطمأنه الجانبين المصري والسوداني بشأن عدم حدوث أضرار فيما يخص حصتهم في مياه النيل، يقول السفير محمود درير غيدي السفير الإثيوبي بالقاهرة فى إتصال هاتفي ل"الوادي" لا علاقة للمصريين بهذا الشأن وعليكم أن تهتموا بالشأن الداخلي المصري فى إشارة إلى التظاهرات والإعتصامات القائمة بالتحرير والإتحادية، وتحث بلهجة حادة قائلا:"لا تتدخلوا فيما لا يعنيكم". ومع تجدد التحذيرات بشأن الجهات الغير معلومة والتي تقف وراء بناء هذا السد للتحكم فى مصر والسودان سياسيا، يشدد السفير سمير حسني مدير إدراة افريقيا بجامعة الدول العربية فى تصريحات خاصة ل"الوادي" على أهمية التوافق بين كلا من دول المصب ودول المنبع حتى لا نفاجئ بقرار يتخذه طرف دون آخر للحفاظ على حقوق الدول في حصتها من نهر النيل. وفي إشارة بعض الخبراء إلى أن تلك الجهات غير المعلومة التي تقف وراء هذا السد بأنها "إسرائيل" يقول السفير محمد مرسي مساعد وزير الخارجية لشؤون السودان أنه لا يوجد تنافس بين مصر وإسرائيل في علاقاتهما بأفريقيا، مشيرا إلى أن مصر لديها مشروعات قائمة مع دولة جنوب السودان فى مجالات متنوعة وتمت دعوة وزراء جنوبيين لزيارة مصر وبحث التعاون في عدة مجالات مثل الكهرباء والري ومجالات الدعم الفني. ويؤكد مرسي أن جنوب السودان دولة مستقلة ولها كامل الحرية في إدارة علاقاتها الخارجية بالطريقة التى تراها مناسبة، وفي الوقت نفسه يقول:"إن مصر تدير علاقاتها وفقا لأولوياتها ومصالحها، ولا يعنينا ماذا تفعل إسرائيل بقدر ما نفعل لتوطيد علاقاتنا بالدول الأخرى"، ويؤكد على ضرورة عدم ربط التواجد المصري بدور إسرائيل، قائلا:"لسنا في منافسة معها وندير مصالحنا وفقا لرؤيتنا،وليس هناك ما يمنع القاهرة من أن تتابع النشاط الإسرائيلي بالمنطقة مثلما تتابع النشاط الأميركي والأوروبي". واستمرار لسياسة الطمأنة التي يقوم بها الجانب الإثيوبي، يقول وزير المياه والطاقة الإثيوبي "ألامايو تيجينو" أن سد الألفية الذي ينشأ على بعد أقل من خمسين كيلومترا من الحدود السودانية على النيل الأزرق لن يشكل خطرا على السودان ومصر بل سيستفيدان منه، إن ما يوفره السد من طاقة كهربائية ستفيد مصر والسودان على وجه الخصوص وسيمكنهما من زراعة مساحات أكبر، معلنا أن بلاده ستبذل ما بوسعها للتعاون والتنسيق مع مصر والسودان للاستفادة القصوى من السد الذي سيوفر ما تحتاجه البلدان الثلاثة من طاقة كهربائية. من جانبها تقول الدكتورة أماني الطويل، الخبيرة بالشؤون الإفريقية، أنه تم تشكيل لجنه دولية كلفت بمعاينة "سد الألفية"، تلك اللجنة التي عادت مثلما ذهبت ولم تخرج بأى معلومات جديدة، مؤكدة أن الجانب الإثيوبي رفض إعلام اللجنة بأى تفاصيل أو معلومات عن السد، مشيرة إلى أن غموض الموقف الإثيوبي المتناقض هو ما دفعها إلى عدم التصريح بشأن السد لنقص المعلومات وتعمد إخفاء الجانب الإثيوبي لكل ما يخص السد مما يثير الشكوك حوله. أما فيما يخص قانونية بناء السد التي أشار إليها العديد من خبراء القانون الدولي قائلين أن قيام السد مخالفا للقانون الدولي وكافة الاتفاقيات الموقعة بهذا الشأن، يقول السفير عبد الله الأشعل أستاذ القانون الدولي بالجامعة الأمريكية أن "سد الألفية" بالفعل سلاح ذو حدين حيث يوفر الكهرباء عن طريق المياه فى دول مصر والسودان واثيوبيا وفى الوقت ذاته تقلص حصة مصر من مياه النيل نظرا لكبر سعة الخزان المرفق بالسد. ويقول أنه من الناحية القانونية فإن أى منشأت تقام فى دولة معينة بقرار دولي لا يجب أن تؤثر على حصص الدول المائية الاخرى، مشددا على ضرورة التشاور بين كل من دول المصب والمنبع، مؤكدا أن دول المنبع حينما تقوم ببناء سدود بدون التشاور مع دول المصب فإنه يجب على دول المصب أن تمتنع عن تمويل السد موضحا أن إثيوبيا تمول بالفعل من إسرائيل والولايات المتحدةالأمريكية. أما الخبير الأكاديمي حسن الساعوري، فيشير إلى عدم وجود اتفاق مبدئي بين دول المصب، وبالتالي فإن قيام السد مخالفا للقانون الدولي وكافة الاتفاقيات الموقعة بهذا الشأن، ولا يستبعد أن تكون هناك سيطرة كاملة لإثيوبيا في المدى البعيد على الدول المعنية، طارحا مبادرة بأن تقوم الدول الثلاث بتقاسم تكلفة السد ومن ثم تعيين إدارة مشتركة له وبإشرافها. كما أشار خبير الدراسات الإستراتيجية والأفريقية حسن مكي إلى ما يمكن أن يقع من مشكلات مستقبلية بسبب عدم التنسيق بين الدول المتأثرة بقيام السد، واعتبر أن الاتفاقيات الدولية هي المرجع لكنه رأى أن التعاون بين الدول الثلاث وعدم دخول أطراف أخرى سيضمن الاستفادة من المشروع.