أصدر الدكتور حاتم صالح وزير الصناعة والتجارة الخارجية قراراً بإنشاء مجلس تصديري للخامات والصناعات التعدينية ، القرار يأتي ضمن جهود الحكومة لتعزيز النشاط التعديني وزيادة مساهمة القطاع في الناتج المحلي الاجمالي خاصة وإن مصر تمتلك مقومات تعدينية كبيرة يمكنها ان تضع الاقتصاد المصري في مصاف اقتصاديات الصف الاول بين دول العالم. أكد حمدي زاهر رئيس المجلس التصديري للخامات التعدينية أن قرار انشاء المجلس يمثل طفرة في نظرة الحكومة للقطاع التعديني ولإمكانياته حيث ان المجالس التصديرية عموما تلعب دور مهم في تنمية الصادرات المصرية وذلك من خلال المبادرات والخطط التي تضعها وتشرف علي تنفيذها وهو ما ساهم في تحقيق الصادرات المصرية قفزة ملموسة خلال السنوات الست الاخيرة حيث ارتفعت من نحو 45 مليار جنيه عام 2005 الي 131.860 مليار جنيه العام الماضي بنسبة نمو 193% تقريباً. وقال أن المجلس التصديري للتعدين يعكف حاليا علي وضع خطة تفصيلية لزيادة صادرات القطاع سواء من الخامات التعدينية او الصناعات القائمة عليها متوقعا ان تصل قيمة صادرات القطاع التعديني لنحو 50 مليار جنيه بحلول عام 2015 وذلك في ضوء سياسة الدولة لزيادة الصادرات المصرية الي 200 مليار جنيه ، كما سيتم بحث ودراسة اهم المشكلات والعوائق التي تواجه المستثمرين بالقطاع لوضع الاليات المناسبة لحلها وإزالتها. وحدد زاهر اهم المشكلات التي تواجه القطاع في عوائق قانونية وادارية مع نقص في الخدمات والبنية الاساسية ، مشيرا الي ان المجلس سيطالب بسرعة اصدار مشروع القانون الجديد للتعدين والذي وافقت عليه لجنة الاقتراحات والشكاوي بمجلس الشعب قبل حله. واوضح ان المجلس التصديري سيتعاون مع جمعية نهضة وتعدين ومع هيئة الثروة المعدنية لاستكمال خطوات اصلاح وتطوير مناخ الاعمال بالقطاع ، والبناء علي ما تحقق من خطوات اخرها مؤتمر وضع رؤية قومية للثروة التعدينية والذي شهد العديد من المبادرات منها مبادرة وزارة الصناعة الخاصة بتأسيس شركة قابضة للاستثمار في التعدين بمصر وإفريقيا برأسمال 100 مليون جنيه ومبادرة اكاديمية البحث العلمي تقديم تمويل لأربع دراسات بحثية لخدمة القطاع احدثها دراسة تدوير مخلفات الرخام والتي ستسهم في انشاء مناطق صناعية صغيرة بالاستفادة من هذه المخلفات حيث يمكن استغلالها في 25 صناعة مختلفة. وأوضح ان من ضمن القرارات التي كشف عنها المؤتمر ايضا اعلان ممثل وزارة البيئة عن موافقة الوزارة علي استغلال الخامات التعدينية المتواجدة بالمحميات الطبيعية وذلك وفق ضوابط محددة. وأشاد زاهر بدعوة رئيس اتحاد الجيولوجيين العرب بهجت العدوان والتي وجهها للمستثمرين العرب لتوجيه جزء من استثماراتهم للعمل بقطاع التعدين المصري، والاستفادة من الفرص الكامنة بالقطاع. من جانبه اكد عبد الله حلمي وكيل المجلس التصديري للخامات التعدينية ان انشاء مجلس تصديري متخصص لشئون التعدين سيساعد علي تركيز الضوء علي مشاكل القطاع والتحديات التي تواجهه والاهم زيادة الاستفادة من خامات مصر التعدينية ، والتي تصدر حاليا كمواد اولية في حين بقليل من الاجراءات والتيسيرات يمكن التوسع في استغلال تلك الخامات في الصناعة المحلية وبالتالي تصديرها كمنتجات تامة او حتي وسيطة مما يحقق قيمة مضافة عالية للاقتصاد ويوجد المزيد من فرص العمل للشباب. وقال ان قطاع التعدين امامه فرصة كبيرة ليكون قاطرة للتنمية الاقتصادية لمصر، خلال السنوات المقبلة فلا توجد صناعة لا تعتمد علي احدي الخامات التعدينية ، مشيرا الي ان تطوير القطاع يحتاج الي تحديث وتطوير التشريعات الحاكمة لنشاطه فهذه التشريعات لم تشهد اي تغيير او تحديث منذ عام 1956 ، فلا يعقل ان يستمر قانون اكثر من نصف قرن دون اعادة النظر في مواده خاصة فيما يتعلق بنظم تخصيص المحاجر والمناجم والاهم مقابل استغلال الخامات التعدينية الذي تحصل عليه الخزانة العامة والذي يبلغ بضعة قروش فقط لكثير من الخامات التعدينية. واضاف ان من الاجراءات المطلوبة وبشدة علي الصعيد التشريعي الغاء قرار نائب رئيس الجمهورية العربية المتحدة للخدمات رقم 38 لسنة 1962 والذي نقل اختصاصات وزارة الصناعة فيما يتعلق بالمحاجر الى المحافظات فهذا القرار جعل جهات كثيرة بالدولة تتصارع علي القطاع التعديني والذي ضاع بينها. وأشار الي ان المحافظات التعدينية الرئيسية في مصر وهي شمال وجنوب سيناء والبحر الاحمر والسويس وبني سويف والمنيا والفيوم وأسوان والقاهرة ومطروح، كل منها يطبق نظم ادارية مختلفة لمنح تراخيص المحاجر والملاحات ، كما لا توجد رسوم او تعريفة واضحة لاستغلال الخامات التعدينية. من جانبه اكد ايمن حمدون عضو مجلس ادارة المجلس التصديري للتعدين ان انشاء المجلس سيسهم في تحقيق الكثير خاصة علي صعيد تطور الصناعة المحلية بجانب تطور ارقام الصادرات ، مشيرا الي انه من المفيد انشاء مجالس تصديرية اكثر تخصصا حيث انها ستكون اكثر دراية وعلم بالمشاكل والمعوقات التي تواجه القطاع والاهم بالإجراءات المطلوبة لتحقيق طفرة حقيقية سواء من حيث حجم الاستثمارات او من حيث حجم فرص العمل التي يمكن ان يوفرها القطاع. وقال ان القطاع التعديني يمكنه بسهولة ان يوفر مليون فرصة عمل خلال السنوات العشر المقبلة مع مضاعفة حجم الاستثمارات العاملة بالقطاع والتي تزيد حاليا علي الثلاثين مليار جنيه في قطاع الرخام فقط اذا تم حل مشكلات بسيطة مثل توفيق اوضاع منطقة شق الثعبان والتي تعد رابع مركز عالمي لصناعة الرخام وتسهيل اجراءات اصدار تراخيص المحاجر والمناجم وأيضا التراخيص الصناعية بجانب رصف الطرق التي تربط مناطق المحاجر الرئيسية في منطقتي الشيخ فضل وجبل الجلالة . وأوضح ان هناك مشكلات اعقد من ذلك اذا تم حلها بالفعل فلا توجد حدود لما يمكن للقطاع تحقيقه من صادرات وفرص عمل واستثمارات ومساهمة في الناتج المحلي الاجمالي ، مشيرا الي انها تشمل القصور التشريعي وتضارب اختصاصات المحافظات والمحليات مع هيئة الثروة المعدنية ، بجانب عدم توافر البنية الاساسية للقطاع فلا توجد مياه او كهرباء او طرق مناسبة بمناطق المحاجر والمناجم حتي في الاماكن القريبة من المحافظات ناهيك عن المناطق البعيدة. وقال ان من المشكلات المعقدة ايضا عدم توافر اراضي صناعية مرفقة لإقامة مصانع الرخام والجرانيت والصناعات المختلفة ، وهو ما يحد من قدرتنا كمصنعين ومصدرين علي التوسع وإنشاء مصانع جديدة رغم وجود طلب عالمي متزايد علي منتجاتنا. وأشار الي ان المجلس التصديري يدرك اهمية ازالة كل تلك المعوقات والمشكلات لذا يعكف حاليا علي اعداد ورقة عمل حول تلك القضايا لعرضها علي المسئولين ، مؤكدا ان هناك تفاءل بان المرحلة الراهنة تختلف عن العهد السابق حيث توجد بالفعل ارادة سياسية لتنمية مصر وحل مشاكلها . من جانبه رحب سيد اباظة عضو مجلس ادارة المجلس التصديري للتعدين بقرار انشاء المجلس ، والذي يأتي تماشيا مع استراتيجية الرئاسة لتحقيق نهضة مصر ، مشيرا الي اهمية حسن استغلال موارد مصر التعدينية وفق رؤية قومية شاملة لإمكانيات القطاع وما يمكنها تحقيقه من قيمة مضافة وفرص عمل. وقال ان العهد السابق اهمل القطاع التعديني حيث سيطرت العشوائية علي كافة القرارات الاقتصادية ولم تكن هناك رؤية لما يجب عمله، والنتيجة ضياع ثروات مصر من البترول والغاز حيث نعيش الان في ازمة طاقة، ايضا فان القطاع الزراعي تراجع وفي ظل نقص مواردنا المائية فلا توجد اية امكانية للتوسع في النشاط الزراعي بالصورة التي تجعل مصر دولة زراعية كبري. وأضاف ان هذه الحقائق تفرض علينا الاهتمام بالقطاعين التعديني والصناعي فكلاهما مكملان لبعض فلا توجد صناعة دون مادة خام ، مشيرا الي ان انشاء المجلس التصديري للتعدين هو خطوة في الاتجاه الصحيح نحو ترسيخ مكانة مصر كدولة تعدينية. وطالب سيد اباظة بأهمية وضع رؤية قومية لاستغلال الثروة التعدينية بالتعاون والتنسيق مع كل الاطراف الفاعلة سواء الحكومة او المحليات والتي لاشك سيستمر دورها بصورة او باخري ، بجانب المستثمرين والعاملين في القطاعين التعديني والصناعات التعدينية وايضا علماء مصر المتخصصين في العلوم الجيولوجية. من جانبه اشار مجدي قصبجي عضو المجلس الي ان ثروات مصر التعدينية غير مستغلة ، فما تم استخراجه منها حتي الان لا يساوي نقطة في بحر مما تتمتع به مصر من امكانيات وثروات تعدينية، مشيرا الي ان المجلس التصديري سيلعب دور اساسي في الفترة المقبلة في مجال التخطيط ووضع الاليات والمبادرات الهادفة لجذب المزيد من الاستثمارات للعمل بالقطاع بجانب التركيز علي فتح المزيد من الاسواق لصادراتنا التعدينية وذلك من خلال دراسة احتياجاتها وأيضا الاستخدامات الجديدة للخامات التعدينية . وحول الدعوات التي تطالب بمنع تصدير الخامات الاولية ، قال مجدي قصبجي ان تصدير الخامات ليس خطأ فهو بداية تلمس الطريق في الاسواق الخارجية ، كما ان مصر تطورت صادراتها من مواد اولية الي مواد مصنعة جزئيا الي سلع تامة، وفي كل مرحلة منها استفاد الاقتصاد بعائد وقيمة مضافة. وأكد ان دور المجلس التصديري ان يوضح اهمية استمرار هذه الحلقات الثلاثة، خاصة وان هناك خامات تعدينية تتواجد بوفرة كبيرة في مصر ولا يمكن للصناعة المحلية ان تستوعب حجم انتاجها الحالي ولذا لا بد من تصدير الفائض حماية للاستثمارات الحالية بمجال البحث والاستكشاف. وقال انه حتي الخامات التي لا تتوافر بكميات كبيرة فيجب ايضا مراعاة اوضاع العاملين في تلك الانشطة فلا يمكن فجأة منع التصدير بل يجب التدرج في ذلك علي ان نضمن دخول طاقات صناعية تكفي لاستيعاب حجم الانتاج بما يضمن عدم غلق منجم او محجر واحد حماية للعاملين به وأسرهم.