ناقشت الجمعية التأسيسية للدستور، اليوم، مواد باب الحقوق والحريات التي انتهت منها لجنة الصياغة بالجمعية، وشدد المستشار حسام الغرياني، رئيس الجمعية، على أنها صياغات مبدئية، وقابلة للتعديل والتغيير سواء بالحذف أو الإضافة. ورحب الغرياني في بداية الجلسة العامة للجمعية بحضور الدكتور محمد سليم العوا، عضو الجمعية، للمرة الأولى بعد تغيبه لجميع الجلسات السابقة للجمعية – لظروف سفره ومرض ابنته – واعتذر العوا عن عدم تمكنه من حضور الجلسات طوال الفترة الماضية لأسباب خارجة عن إرادته، إلا أنه أشار إلى متابعته لكل ما يكتب وينشر عن أعمال الجمعية، وأن غالبية من تم إنجازه من الدستور "مرضي"، داعيا الله أن يوفق الجمعية في إنجاز دستور يعزز الديمقراطية في مصر. وحول أعمال لجنة الصياغة، قال الدكتور محمد محسوب، وزير الدولة للشئون القانونية والمجالس النيابية، ومقرر اللجنة، إن ما انتهت إليه اللجنة ما هي إلا صياغات "مبدئية"، بعد مناقشة نصوص المواد التي أرسلتها لجنة الحقوق والحريات، حيث أقر بعضها - كما هي - وتم اقتراح تعديلات على البعض الآخر. وأشار محسوب إلى أن هناك منهجين يجرى المفاضلة بينهما للدستور، وهما منهج الاختصار والجمل القصيرة، والثاني هو التفصيل في المواد التى تتعلق بالحقوق والحريات، وأن لجنة الصياغة ارتأت الأخذ بالمنهجين معا، وطالب بأن ترد الاقتراحات مكتوبة لأنه أفضل للجنة الصياغة. وطالب طلعت مرزوق، عضو الجمعية عن حزب النور، أن تعرض المواد بمضامينها المختلفة المقترحة، وأن المواد 2 و8 و29 بالباب بها إضافات ونصوص مقترحة بديلة، وأن هناك تكرار معيب فى المادة 8 الخاصة بحرية الاعتقاد، فيما يتعلق بممارسة العبادة، ويفرغ المادة من مضمونها، كما أن هناك مادة تم إقرارها بالاجماع فى اجتماعات اللجنة بشأن حرية ممارسة العبادة، ولم تدرج في مشروع لجنة الصياغة. وانتقدت الدكتورة هدى غنية المواد الخاصة بجسد الإنسان وتجارة الأعضاء في الدستور والاتجار فى الجنس والمرأة والأطفال قائلة "إن هذه النصوص يجب أن تنظم فى القوانين وليس فى الدستور ، قائلة إنها كمواطنة مصرية تشعر بأن هذه المواد خادشة للحياء ، وهناك مواد في القوانين منظمة لها أيضا". وقال الدكتور يونس مخيون عضو الجمعية التأسيسية إنه ينبغى الانتباه إلى مسألة تغيير الصياغة أو الحذف أو الإضافة جاءت عن غير عمد ، وأن يراجع هذا الأمر، مشيرا إلى أنه يجب حذف كلمة العرق من المادة الثانية من باب الحقوق والحريات لأنها يمكن أن تفتح الباب لتأويلات نحن فى غنى عنها فيما بعد . وذكر العضو محمد سعد جاويش أنه ليس جميع مواثيق حقوق الإنسان والعهود الدولية عادلة، فباسم حقوق الإنسان تم فصل جنوب السودان عن شماله، وقال إننى أطالب بتمييز الرجل وأن يحصل على حقوقه لأن هناك اهتماما كبيرا بحقوق المرأة في ظل غياب أى نص على حق الرجل . ورفض توفير أى نوع من الضمانات الخاصة لفئة من الفئات كالصحفيين أو القضاة أو الشرطة، وأن تكفل الحقوق للجميع على قدم المساواة . واشار إلى أن هناك بعض المواثيق والمعاهدات الدولية التى تتنافى والشريعة الإسلامية وبالتالي فالتوقيع عليها يخالف الدستور . وتناول الدكتور رمضان بطيخ عن المادتين 4 و5 فينا يتعلق بانتهاك الحرية الشخصية دون مسوغ من القانون مطالبا بأن يتم التعويض عن الحبس الاحتياطي أيضا، وقال الغرياني إن النص موجود فى مادة أخرى . وأشار بطيخ إلى ضرورة توفير الضمانات من حيث أن يكون كل أمر بالضبط أو الحبس مسببا بشكل واضح . واعتبر أن الحديث عن التعليم المجاني في المادة 27 هو حديث لا ينطبق على الواقع فى مصر، ويجب أن تنظم المجانية بالقانون حتى لا تكون مطلقة . وتساءل العضو أحمد عمر عن أسباب إغفال اللجنة مطلب آلاف الطلبات بكفالة حرية التعبير بالجامعات بعد ثورة 25 يناير، مطالبا بتبني مادة تكفل هذا الحق، كما انتقد بعض أعضاء لجان الجمعية بالإعلان عن انسحابهم أو عدم شعور البعض بأنهم لا يقومون بواجب وطني مطالبا بإحالتهم للتحقيق، لأن ذلك يثير بلبلة في وسائل الإعلام . وقال المستشار حسام الغرياني إنه لا توجد آلية للتأديب، وأن هناك من انسحب ومن لم يشارك بدون أسباب . وانتقد العضو الأخطاء فى الصياغة والتى تجاوزت 20% من مشروع المواد المقترحة . وانتقد المستشار نور الدين على الإغراق في دسترة القوانين لأن ذلك يعكس عدم ثقة في القوانين، كما انتقد المادة 2 التى تنص على أنه لا تمييز بين المواطنين بسبب الجنس أو الأصل أو العرق أو الدين أو العقيدة لأنها لا تنطبق على الواقع المصري . وطالب العضو أشرف ثابت بالحرص التام على إرسال الأبواب التى تتم مناقشتها قبل وقت كاف من اجتماع الجمعية وأن تلتزم لجنة الصياغة بالملاحظات التى وردت فى الجلسة . وتحدث الدكتور محمد سليم العوا مطالبا بتعديل عنوان الباب إلى الحقوق والحريات العامة لأن الأصل في الحقوق أن تكون عامة . وتابع أنه لا يجوز أن يقال إن الدستور يكفل حرية الفكر لأنه أمر مكفول بالطبيعة ولا قيد عليه للإنسان بالإنسان، وأشار إلى أن الحبس الاحتياكي لا ينص عليه إلا إذا كان فى جريمة سالبة للحرية . وأشار إلى أنه بالنسبة لحرية الاجتماعات دون حضور الأمن أكد أن هناك أجهزة متطورة الآن تقوم بالتسجيل عن بعد . ولفت إلى أنه الدستور ليس محلا للنص على اختصاصات النقابات وإنما ينص عليه فى قانون النقابة نفسها . ودافع العوا عن بقاء المادة الخاصة بحظر العمل القسري والعبودية والاتجار بالنساء والأطفال وتجارة الجنس لأن ذلك إذا لم يكن موجودا في مصر فهو موجود فى العالم وفى دول عربية ، ووجود هذا النص بالدستور يثري القانون . وتحدث المستشار إدوارد غالب مقرر لجنة الحقوق والحريات مشيرا إلى أن وجود هذا الباب فى الدستور هو أمر محل فخر إذ يدرج للمرة الأولى فى الدستور كثمرة لثورة الخامس والعشرين من يناير . وقال إن المستشار حسام الغرياني رد على بعض التساؤلات، مشيرا الى أن النص الخاص بحرية تداول المعلومات نص مبهر جدا لأنه يتعلق بحرية الصحافة والرأى والفكر والإبداع وهو نص مستحدث تماما في هذا الدستور . وأضاف أن النص على حرية الصحافة وعدم اغلاقها أو تعطيلها بالطريق الإداري، وكفالة الدولة استقلال الصحافة عنها وعن الأحزاب فيه إعلاء لدور الصحافة القومية وضمان استقلاليتها، وهو نص محكم للغاية . وتابع أنه فيما يتعلق بحرية إصدار الصحف وتملكها وترك البث الإذاعى لتنظيمه بالقانون، إضافة إلى حرية البحث العلمي، جميعها أمور جيدة بالنسبة للدستور الجديدة، وهناك مواد تعطى الحرية للإبداع والفكر والرأى بلا حدود سوى قيد واحد ورد فى الدستور هو مبادئ الشريعة الإسلامية، فيمكن أن نبدع كما نشاء طالما أن هناك نصا يحمى تراثنا وتقاليدنا . وأوضح أن الحريات النقابية أيضا هو أمر يحسب للدستور الجديد، إضافة إلى النص على عدم سقوط الحقوق بالتقادم لأنها ضمانة للحصول على الحقوق . وقال غالب إنه سبق أن دافع عن لجنة الصياغة مشيرا إلى أنها تضم أساتذة كبار، لكننى أقول للدكتور محمد محسوب إن لجنة الصياغة تغولت علينا فى 12 مادة ، داعيا إلى إعادة صياغتها .