لم أكن أنوي كتابة هذه الرواية فقد كنت أظن أنً أحداً لن يطلع عليها إلا في مذكراتي بعد عمر طويل ولكني فوجئت بروايات مختلفة لهذا الحدث التاريخي الفريد على لسان كتاب عظام للأسف لم يكونوا موجودين لحظة الحدث ولكن من يقرأ كتاباتهم يظن لأول وهلة أنهم كانوا شهود عيان على الواقعة وقد توقفت كثيراً أمام كاتبين كبيرين أحدهما ممثل لليسار القومي والثاني ممثل للإسلام الوسطي وبقدر محبتي لكليهما بقدر ما أسائني بعض المغالطات التي وردت في كتاباتهما . ولقد حنثت بالعهد الذي أخذته على نفسي بعدم رواية ما حدث في القصر الجمهوري في ليلة القدر لسببين : أولا: علاقتي بالدكتور محمد مرسي وثقته بي فلم تكن المرة الأولى التي يدعوني للإفطار على مائدته في رمضان ولكنها كانت الأولى في القصر الجمهوري. ثانيا: كنت أظن أن ما رأيته بأم عيني من الأسرار العليا للدولة . ولكني لما استشرت الزميل العزيز ورفيق الصبا والذي يشغل منصباً حساساً في مؤسسة الرئاسة قال لي بالحرف الواحد توكل على الله , وقد استخرت الله أن أقدم روايتي كشاهد عيان على ما حدث وهي كالأتي:- استيقظت في الفجر لأداء الصلاة وأثناء عودتي للبيت وجدت رسالة على هاتفي بالحضور إلى القصر الجمهوري في تمام التاسعة صباحا وأني سأكون موجوداً بالقصر حتى المغرب حيث سأتناول طعام الإفطار مع السيد الرئيس . استبد بي القلق من هذه الرسالة لولا أني أعرف مصدرها بشكل شخصي (أحد أقطاب مؤسسة الرئاسة ) وفور وصولي للمنزل أخذت أفكر وأسأل نفسي لماذا اليوم بالذات وفي القصر الجمهوري الذي لم تطأه قدماي قبل ذلك فقد كنت كما يعلم الكثيرون من ألد أعداء المخلوع وكان لا يطيق سماع إسمي ولولا أن أعماه الله عني لكنت في خبر كان. في تمام التاسعة إلا الربع كنت أقف أمام القصر وفور ذكر إسمي أمام الحرس اصطحبني أحدهم حتى الداخل وقد دخلت البهو فأحسست بشئ غريب فلم يكن هناك أي تواجد إعلامي أو رسمي وقد جلست على أحد المقاعد منتظراً التعليمات . في الساعة التاسعة وخمس دقائق همس في أذني أحد مسؤلي الرئاسة بأن الرئيس ينتظرني في مكتبه , توجهت للمكتب وفي داخلي عشرات الأسئلة التي تبحث عن حلول . استقبلني السيد الرئيس استقبالاً أذهب هواجسي وقد أحس بها ظاهرة في عيناي ثم قال لي "انت النهاردة هتكون شاهد على مرحلة تاريخية من حياة مصر أريد منك أن تكون على مستوى الحدث , أريد منك أن تكون شاهداً على ما سيحدث في القصر اليوم وسيكون متاحاً لك التجول داخل القصر بدون قيود" . خرجت من مكتب الرئيس وأنا لا أدري ما سيحدث فقط كلمة الرئيس بأني سأكون شاهداً على حدث تاريخي , تجولت بين جنبات القصر في انتظار ما سيحدث. في تمام الحادية عشر صباحاً وصل المشير طنطاوي والفريق عنان في وقت واحد وكأنهما حضرا معاً , اخذهما أحد مسؤلي الرئاسة إلى قاعة داخلية , تحركت لا إرادياً إلى هذه القاعة لأراقب ما يحدث . دخلت القاعة بدون أن يلاحظا دخولي وتوجهت إلى جانب من القاعة الواسعة بحيث أراقبهما بدون أن يشعرا بشئ فقد أحسست أن هذا الحدث التاريخي الذي حدثني عنه الرئيس له علاقة بوجودهما هنا. جائني هاجس غريب , أريد أن أراقبهما بشكل دقيق دون أن يشعرا بي ولكن أخاف أن يقوم الموبايل بفصوله العجيبة ويرن في هذا الوقت ، أخرجت التليفون المحمول من جيبي لإغلاقه فإذا به ساقط شبكة ! كيف هذا فقد كانت الشبكة قوية عندما كنت بالبهو الخارجي رأيتها بأم عين؟ لحظات من الدهشة تبددت عندما لاحظت الفريق عنان يخرج تليفونه المحمول ليقوم بإجراء مكالمة ولكنه نظر في زعر للمشير طنطاوي وقال الشبكة مقطوعة هو ايه اللي بيحصل؟ رأيت رعشة تنتاب المشير وهو يخرج هاتفه ويقول أيوة فعلاً الشبكة ساقطة تفتكر .............. هنا وقف الفريق عنان محاولا الخروج من القاعة ولكن في هذا الوقت ظهرت مجموعة من الحرس الشخصي للرئيس واعترضوا طريقه قائلين ممنوع يافندم انتظر بالداخل لحين صدور أوامر من الرئيس . اسود وجه الفريق عنان ورجع بدون تعقيب ونظر إلى المشير نظرة تعجب وقال معقولة يحصل ال....... لم يتحرك المشير من مكانه ولكن ظهرت على ملامحه نظرة مضطربة وقال له أقعد ياعنان دلوقتي. خرجت من مكمني متجهاً للباب فقد أحسست أن ما يحدث بالخارج أهم الأن مما يحدث بالداخل لم يعترض الحرس على خروجي ولم ألتفت لأرى رد فعل من بالداخل . خرجت إلى البهو في الوقت المناسب فقد كان اللواء السيسي مدير المخابرات الحربية داخلا إلى البهو قابلني بترحاب فهو صديق عزيز منذ زمن فقد تقابلنا كثيرا في بيت المشير أبو غزالة رحمه الله وكان بيننا ود ومحبة, وقد انتحيت به جانباً لأسأله عن ما يحدث أجابني بابتسامة انت قاعد معانا وهتشوف . لحظات ودخل إلى مكتب الرئيس وبمجرد دخوله فوجئت بالمستشار محمود مكي يدلف إلى البهو وبصحبته السفير الطهطاوي سلمت عليهم ولم أستطع أن أكلمهم فقد دخلوا إلى مكتب الرئيس بسرعة وانتظرت في الخارج وسرعان ما خرج أحد مسئولي الرئاسة واقترب مني هامساً الرئيس ينتظرك في المكتب .وهنا سمعت صوتاً مميزاً يقوم بإيقاظي قائلاً اصحى يابابا هتتأخر على الشغل , ياه عجبت لك يازمن يعني الحلم بيجي عندي أنا وميكملش ليه هو حتى الحلم فيه كبير وصغير اشمعنى كل الكتاب الكبار حلموا باللي حصل وحلمهم كمل وصحيوا من النوم كتبوه وأصبحوا شاهدي عيان ومطلعي على بواطن الأمور معلهش بكره إن شاء الله أبقى كاتب كبير وأحلامي تكمل .