أكد السيناريست أحمد عاشور أنه يقتنع ببراءة ريا وسكينة؛ ولذلك سيكون الفيلم الذي سيبدأ في تصويره قريبا مختلف عن الأعمال الفنية التي تناولت قصتهما الأشهر في تاريخ الجريمة المصرية. وقال عاشور، خلال لقاءه أمس مع الإعلامي تامر أمين في برنامج "من الآخر" على قناة "روتانا مصرية"، أن بداية تفكيره في الأمر عندما طلبت منه شركة فرنسية كتابة فيلم وثائقي عن قضية "ريا وسكينة" لأنهم يوثقون قضايا أسوأ 10 نساء في الوطن العربي، كما أرادوا ما هو جديد عن ما تداولته الأعمال الفنية عنهما؛ ولذلك كان الأمر يتطلب أن ينزل عاشور إلى منطقة "اللبان" وأن يبحث من جديد عن أصل القضية مع أحفاد المتواجدين في هذه المنطقة الوقت الحالي؛ لأن تلك القضية أغلقت منذ أكثر من تسعين عاما، ثم أطلع على أوراق القضية وساعده في ذلك أنه محامي دارس للقانون، وكان هناك أسئلة تواردت في ذهنه، أولها "ما الدافع وراء قتل ريا وسكينة لتلك السيدات؟!" فكل جريمة ولابد أن يكون وراءها دافع، ولو لم يكن الدافع موجود فبالتالي لا توجد جريمة، وخصوصا أن ريا وسكينة كانا يعملان في الدعارة المقننة في ذلك الوقت وحالتهم المالية ميسورة، مؤكدا أن لدية من الوثائق ما يثبت حصولهما على ترخيص لعمل "المومس"؛ حيث كانت ريا "المعلمة"، وسكينة مع المقطورات. وأوضح عاشور أن هذا البحث أستغرق منه نحو عشر سنوات في التقصي حتى لا يواجه باتهام العبث بالتاريخ وذلك من أجل تحويل شكوكه التي لاحظها أثناء البحث إلى أدلة. وأكمل عاشور حكايته: "ريا وسكينة كانتا تعملان في البداية في بيوت سرية، وهما في الأصل من أسوان وأتوا إلى الإسكندرية كمهاجرين بعدما ضاق بهما الحال هناك، وعندما حصلا على ترخيص قانوني وكانا ميسورتين الحال ما كان الدافع إذا وراء ارتكاب تلك الجرائم؟! خصوصا أن الضحايا أردن في الأساس تحسين ظروفهن المعيشة ما دفعهن للعمل مع ريا وسكينة التي كانتا تحن عليهن، فكيف إذا يسرقوهن ويقتلوهن؟! وخصوصا أنهن لم يحتاجا للسرقة". وأكد عاشور أنه لم يوجه لريا وسكينة تهمة القتل في الأساس، كما أنهما لم يعترفا بها، لكن ما وجه لهم هو الاشتراك في استدراج السيدات للمنازل وعبدالعال زوج سكينة، وحسب الله زوج ريا هما من قاما بقتل النساء. ولفت عاشور إلى أن ريا وسكينة كانتا سيدتان جميلتان، والصور التي تداولها الإعلام كانت صورتهما وهما في السجن، مازحا: "مثل صور البطاقة الحالية". وقال عاشور انه لا ينكر وجود جثث، وأن المتواجد بأوراق القضية هم 17 جثة المتواجدين في منازل ريا وسكينة، لكن الحقيقة أنه كان هناك 114 جثه تم تجاهلهم ودفنوا في بيوت لم تخطوها ريا وسكينة!. وأوضح عاشور أنه درس كل الأعمال التي تناولت ريا وسكينة وهم أثنى عشر عملأ منهم كتابين إحداهم للكاتب صلاح عيسى، والآخر "أسرار ريا سكينة" لمحمد عبد الوهاب، أما عن الأعمال الفنية بداية من العمل المسرحي الساخر الذي كتبه نجيب الريحاني بعد أن عتم على القضية لمدة أربعين عاما، نهاية بمسلسل ريا وسكينة الذي تم عرضه منذ سنوات قليلة عن كتاب الكاتب صلاح عيسى، وهو الكتاب والقصة الأقرب إلى قصة عاشور، فالفيلم مطابق للمسلسل وليس مخالفا له، إلا أن عيسى لم يذكر أن ريا وسكينة حصلا على ترخيص للعمل وقال أنهما كانا يعملان في بيوت سرية، وفي صفحة 138 أكد عيسى أنه لم يجد تفسير لعدة أمور أهمها أن كمال بيه عزيز وكيل أول نيابة الإسكندرية وقتها راجع النائب العام الذي أخلى سبيل ريا وسكينة؛ حيث أتفق مع النائب العام أنه سيعيد التحقيق معهم في ظهر اليوم التالي، لكن حدث سوء تفاهم ولم يحضر وكيل النيابة عند الموعد المحدد، كما تنحى النائب العام وقتها عن القضية، وانتدب سليمان بيه عزت وكيل أول نيابة القاهرة، وهو أحد مؤسسي جمعية الصداقة المصرية البريطانية التي أسسها عزيز عثمان، واستند عزت على شهادة "بديعة" ابنه ريا، وعندما طلب منها الشهادة في المحكمة رفضت بشدة. والكاتب صلاح عيسى نفسه لم يجد تفسير لهذا الأمر لكن عاشور فسر هذا الأمر وبالأدلة وذلك ما سيعرضه فيلمه، ورفض عاشور الإفصاح عن تلك التفاصيل حتى لا "يحرق" فيلمه الجديد. وعندما سأل الإعلامي تامر أمين عن ما صرح به عاشور سابقا بأن ريا وسكينة وطنيين، رد عاشور قائلا: "في عام 1919 كان هناك موجات غضب تخرج في كل مكان بمصر، وفي يوم 9 أكتوبر انطلقت مظاهرة في حي اللبان بالإسكندرية، وكان هناك جهاز سري بالثورة يستعين بعملاء لهم علاقة بالجنود الإنجليز منهم بيوت الدعارة، كما كان عبدالعال وحسب الله يعملان في القوة المصرية في جيش الاحتلال".. ولم يكمل عاشور الحكاية. واستطرد قائلا: "لماذا اختير إثارة قضية ريا وسكينة في ذلك الوقت؟؛ لإلهاء الرأي العام وتخويف السيدات من المشاركة في المظاهرات حتى يقل عدد المتظاهرين. وبسؤاله عن سبب رفض الرقابة للفيلم سابقا، أجاب عاشور أن الرقابة أخيرا وافقت على الفيلم، وان سبب الرفض كان بسبب أن قصة الفيلم تشكك في حكم القضاء الذي قصده عاشور بالفعل؛ وذلك لأن مصر في ذلك الوقت لم تكن دولة حرة بل محتلة من البريطانيين، وذلك القضاء وقتها الذي حكم بإعدام المصريين في حادث دنشواي، وكان رئيس المحكمة وقتها الذي حكم بهذا الحكم هو فتحي زغلول أخو زعيم الأمة سعد زغلول، إذا فالقضاء في هذه الفترة كان مشكوكا فيه، وهذا ما كان شائك بينه وبين الرقابة خصوصا في هذه الفترة الحساسة التي تمر بها مصر حاليا، خصوصا انه يشكك في القضاء والشرطة والإعلام فظنوا إنه إسقاطا على الوضع الحالي، لكن في النهاية اقتنعت الرقابة بوجهة نظره خصوصا بعد تغيير اسم الفيلم من "رد اعتبار ريا وسكينة" إلى "براءة ريا وسكينة"، وأنه أوضح الأمر بأن الفيلم تدور أحداثه في فترة الاحتلال. وأوضح عاشور أنه توجه بدعوة قضائية في مجلس الدولة ضد الرقابة على المصنفات الفنية، وهو لم يتنازل عن القضية حتى بعد موافقة الرقابة على الفيلم. وأكد عاشور انه يستخلص من فيلمه بأن ريا وسكينة بالفعل أبرياء، وأن هناك جملة حوارية صريحة في الفيلم تقول: "ريا وسكينة ماقتلوش حد". وأشار عاشور إلى أن عبدالعال وحسب الله اعترفا بأنهما من قتلا النساء، وعند النطق بحكم إعدام ريا وسكينة صرخ عبد العال قائلا: "أنا وحسب الله قتلنا وريا وسكينة مالهمش دعوة"، ما دفع القاضي إلى القول انه نطق بالحكم وأن هناك نقض. كما أوضح عاشور أن "بديعة" ابنه ريا أودعت في ملجأ "العباسي" بالإسكندرية، وبعد إيداعها بعام تم حرق الملجأ بالكامل وتم حرق جميع الأطفال. وعن الفيلم قال عاشور أنه سيكون بطولة أحمد حاتم، يسرا اللوزي، ياسر علي ماهر، بوسي سمير، أحمد منير، أحمد عبدالله محمود وآخرين. وعاشور من أقنعهم بنفسه بالفيلم بعد تخوفهم في البداية من اسمه، حتى تحمسوا للعمل؛ حيث انه رد على أي تساؤل خاص بالعمل، ومستعد للرد على أسئلة الجمهور وبالأدلة، مؤكدا أن هذا الفيلم سيشاهد عائلياً.