مع حلول شهر رمضان المعظم تتزين موائد المصريين وبلاد الشام بالحلويات ولكن الاكثر تواجداً فى كل رمضان وعلى جميع الموائد "الكنافة" و"القطائف" و" المشمشية بإعتبارها أكثر الحلويات ضاربة بجذورها في المجتمعات العربية لما لها من تاريخ طويل يحكي عراقة الأصل ،وكانت الكنافة على سبيل المثال زينة لموائد الملوك والأمراء وأصل تسميتها بالمعنى الحالي يرجع إلى الدولة الفاطمية ،وللكنافة فى اللغة العربية عدة معانى منها : الظل، والصون، والحفظ، والستر، والحضن، والحرز، والجانب، والرحمة ، فكنف الله: تعنى حرزه ورحمته. ويقول الشاعر المصري ابن رفاعة نائب الأمير ناصر الدولة في الكنافة: "وافي الصيام فوافتنا كنافته - كما تسنمت الكثبان من كثب". وكانت الكنافة في ذلك الحين وقفاً على الأغنياء دون الفقراء فهي طعام الملوك والأمراء والأثرياء وعلية القوم، ومن نفاستها وغلاتها وندرتها استهداها الشاعر المصري الجزار من أحد الرجال الأغنياء اسمه شرف الدين فقال: أيا شرف الدين الذي فيض جوده -براحته قد أخجل الغيث والبحرا - لئن أمحلت أرض الكنافة إنني - لأرجو لها من سحب راحتك القطرا - فعجل بها جوداً فما لي حاجة -سواها نباتاً يثمر الحمد والشكرا ". وما أكثر ما قيل في الكنافة مدحاً يقول الشاعر: لم أنس ليلات الكنافة قطرها - هو الحلو إلا أنه السحب الفرُّا-تجود على كفي فاهتز فرحة -كما انتفض العصفور بلله القطر" . أما القطايف ، فهي عرفت في العصر العباسي وفي أواخر العصر الأموي ،وتفيد الآثار أن العرب يتفننون بصناعتها بإعداد فرن صغير مرتفع عن الأرض بحوالي 40 سم خصيصاً لعمل القطايف ، ، ويوضع عليه صينية من حجر الزهر . ووجدت القطايف لها نصيباً لدى رواد الشعر العربي من مثل: الإمام البوصيرى صاحب البردة ، وأبو الهلال العسكرى ، والسراج الوراق ، والمرصفى ، وصلاح الدين الصفدى ، إلى جانب الشعراء والأدباء المصريين فى العصر الحديث . وتظهر صورة الخصام ما بين القطايف والكنافة جلية في شعر ابن عينين في قوله: "غدت الكنافة بالقطائف تسخر.. وتقول: إني بالفضيلة أجدر.. طُويت محاسنها لنشر محاسني.. كم بين ما يطوى وآخر ينشر..فحلاوتي تبدو وتلك خفية.. وكذا الحلاوة في البوادي أشهر ". لتحجز القطايف موقعاً لها كذلك بين سطور كتب الأدب ومن ذلك كتاب "منهل اللطايف في الكنافة والقطايف" لجلال الدين السيوطي، كما تغنى بها شعراء بني أمية ومن جاء بعدهم ومنهم ابن الرومي الذي عُرف بعشقه للكنافة والقطايف ، وسجل جانباً من هذا العشق في أشعاره ، كما تغنى بها أبو الحسين الجزار أحد عشاق الكنافة والقطايف فى الشعر العربي إبان الدولة الأموية وكان مما قاله فيها :" ومالي أرى وجه الكنافة مُغضباً ولولا رضاها لم أرد رمضانها -تُرى اتهمتني بالقطايف فاغتدت تصُدُ اعتقاداً أن قلبي خانها -ومُذ قاطعتني ما سمعت كلامها لأن لساني لم يُخاطب لسانها " . وفي عهد السلطان الغوري غلى ثمن السكر في رمضان 917ه كتب المؤرخ ابن إياس قصيدة شعر عن الحلويات لمحتسب القاهرة الزيني بركات جاء فيها :"وقد صرت فى وصف القطايف هائماً.. ترانى لأبواب الكنافة أقرع .. فيا قاضياً بالله محتسباً عسى .. ترخص لنا الحلوى نطيب ونرتع ". وعرف المشمش في الصين قبل ميلاد المسيح بألفي عام, وقد زرع في الهند وإيران واليابان ثم انتقل إلى بلدان أخرى مثل أرمينيا ومصر, ولم يدخل المشمش أوروبا إلى بعد ميلاد المسيح ثم انتشرت زراعته في أغلب دول العالم وخاصة الباردة والمعتدلة منها، يزرع على نطاق واسع في منطقة الطائف والمناطق الجنوبية المرتفعة ويعتبر المشمش الأبهادي من أفضل أنواع المشمش. وقد عرف العرب المشمش واعتبروه من أفضل أشجار الفاكهة وتغنوا بجمال ثمره وأزهاره، وتحدث عنه أطباؤهم وعلماؤهم .. وفيما يلي بعض مما قالوا عنه":قال الشاعر ابن الرومي في وصفه:قشر من الذهب المصفى حشوه --شهد لذيذ, طعمه للجاني --ظلنا لديه ندير في كأساتنا --خمرا تشعشع كالعقيق القاني --وكأنما الافلاك من طرب بنا --نثرت كواكبها على الأغصان ".