حقوقي قبطي: أتوقع حل حزب النور السلفي هذا الشهر، وثلاثة أحزاب سلفية تقاطع الانتخابات البرلمانية. تشكل الانتخابات البرلمانية فرصة للأحزاب المصرية لتثبيت أقدامها على الساحة السياسية، ومن هذا المنطلق يحاول حزب النور السلفي المهدد بحله قضائيا مغازلة مسيحيي مصر بسبب ارتهان مشاركته بوجود ثلاثة أقباط في قوائمه الانتخابية. يسعى حزب النور السلفي إلى استمالة عدد من الأقباط والرموز النسائية للانضمام إلى عضويته، قبل خوض غمار الانتخابات البرلمانية المقبلة. وتأتي محاولات النور بغاية الالتفاف على نص الدستور المصري الجديد القاضي برفض قيام جسم حزبي تحت يافطة دينية أو طائفية. وبدأ "النور" فعليا في مفاوضات سرية مع عدد من الأقباط في الإسكندرية وبعض المحافظات للحصول على موافقتهم للانضمام إلى قوائم الحزب في انتخابات البرلمان المقبلة. وكشفت مصادر في الحزب أن المفاوضات مع الأقباط التي يقودها نادر بكار، الأمين العام المساعد للحزب، وعدد آخر من القيادات، أثارت ضجة كبيرة داخل الحزب بعد العلم بتفاصيلها. وعلى ضوء ذلك أعلن عدد من المرشحين المحتملين في الانتخابات المقبلة من أعضاء الحزب عدم المشاركة في قوائم الحزب الانتخابية، والمقاطعة حال وجود الأقباط معهم في نفس القوائم. سمير غطاس رئيس مركز مقدس للدراسات السياسية، قال ل«العرب» إن حزب النور يسعى إلى التفاوض مع بعض الأقباط لإقناعهم بالانضمام إلى الحزب، من أجل استكمال قوائمه المفترض أن يتقدم بها للانتخابات البرلمانية المقبلة، وتشترط مقاعد معينة للأقباط والنساء. واعتبر غطاس أن مشاركة النور في الانتخابات النيابية مرهونة بضمّ عدد من الطوائف الأخرى مثلما فعلت جماعة الإخوان مع رفيق حبيب (الإنجيلي) الذي انضمّ إلى حزب الحرية والعدالة منذ نشأته، ويتولى حتى الساعة موقع القائم بأعمال رئيس حزب الإخوان (الحرية والعدالة) بعد حبس رئيسه محمد سعد الكتاتني. وفي حال عجز النور عن استمالة الأقباط وبعض الرموز النسائية فإنه قد يلجأ، وفقا للباحث في الشؤون السياسية، إلى التحالف مع أحزاب أخرى مدنية من أجل أن يوفروا له العناصر التي يفتقدها من الأقباط والنساء، والذي يحتاجها لاستكمال قوائمه الانتخابية. بعض المراقبين توقعوا أن تؤدي مفاوضات قيادات النور مع الأقباط وبعض الرموز النسائية إلى تفخيخ الحزب من الداخل، خاصة وأن نظام القوائم في قانون الانتخابات البرلمانية الجديد يلزم الحزب بترشيح ثلاثة أقباط على قوائمه. وفي هذا الصدد قال شعبان عبدالعليم، عضو المجلس الرئاسي لحزب النور، الأمين العام المساعد للحزب: "الحزب مازال يرى أن القانون بشكله الحالي كارثي وكان الأولى بهم أخذ المقترحات من الأحزاب والتوافق عليها، خاصة وأن القانون شهد انقسامات بين الأحزاب". وأضاف عبدالعليم أن الحزب "عرض اقتراحين، كنا نودّ الأخذ بأيّ منهما، كاستغلال نسبة 5 بالمئة من مقاعد مجلس الشعب التي يملكها رئيس الجمهورية، لتعويض الفئات التي لم تمثل بمقاعد كافية أو تخصيص دوائر فردية لهم". من جانبه اعتبر شريف طه، المتحدث باسم حزب النور، أن القانون مهدد بعدم الدستورية، مشيرا إلى أن وجود القائمة النسبية المغلقة يعدّ إجحافا بحق القوى الحزبية. خالد سعيد، المتحدث باسم الجبهة السلفية، توقع خروج حزب النور من الانتخابات البرلمانية صفر اليدين، كاشفا أن الحزب يعاني حاليا من أزمة عدم وجود مرشحين سلفيين يخوض بهم الانتخابات، خاصة بعدما انفض الناس من حوله، متوقعا اتخاذ الدولة قرارا بحله بعد انتهاء الانتخابات البرلمانية. وحتى لا يكون الأقباط المصريون هم "حصان طروادة"، الذي يخرج السلفيين من ذلك المأزق، قال الحقوقي القبطي نجيب جبرائيل ل«العرب» إنه أقام وآخرون دعاوى قضائية لتجميد نشاط حزب النور، وغيره من الأحزاب الدينية، وفقا لنص الدستور المصري المعدل لعام 2014. وتوقع الحقوقي صدور حكم في نهاية شهر يونيو الجاري بحل الحزب، وبالتالي منع أعضائه من خوض الانتخابات البرلمانية القادمة. وناشد "جبرائيل" كل قبطي بألا يقبل الانضمام إلى عضوية "النور"، لافتا إلى المواقف المتشددة لقيادات الحزب من مسيحيي مصر، بداية من اعتراضهم على السماح ببناء كنائس جديدة، ومرورا بالفتاوى التي أصدرتها قياداته بتحريم تهنئة الأقباط بأعيادهم وحتى مصافحتهم وإلقاء السلام عليهم. وأكد الحقوقي القبطي أن الحل الوحيد الذي يمكن أن يجعل الجميع يقبلون بانخراط السلفيين وحزبهم في الحياة السياسية، هو أن يقوموا بمراجعات فكرية لمواقفهم ورؤاهم المتشددة إزاء كثير من القضايا، ومن بينها ما يتعلق بمسألة تولي الأقباط والنساء للمواقع القيادية بما فيها رئاسة الجمهورية. وعن مواقف الأحزاب السلفية الأخرى من الانتخابات، قال إيهاب شيحة، رئيس حزب الأصالة، إنه عدا حزب النور، فإن الأحزاب السلفية مثل "الوطن"، و"الأصالة" و"الفضيلة" لن تشارك في الانتخابات البرلمانية، مثلما قاطعت خطوات خارطة الطريق السابقة، وهي الاستفتاء على الدستور والانتخابات الرئاسية. وأضاف "شيحة": "النور" لن يستطيع جمع عدد المرشحين المطلوب، لافتا إلى أن الحزب بدأ يعرض على أعضاء في الحزب الوطني المنحل خوض الانتخابات تحت رايته. يذكر أن حزب النور حل ثانيا في الانتخابات البرلمانية لسنة 2011 بعد حزب الحرية والعدالة الجناح السياسي لتنظيم جماعة الإخوان المسلمين.