شهدت ساحة "باستيل" بالدائرة الباريسية ال11 أمس الخميس إشتباكات لفظية بين عشرات الشباب المؤيدين للفكاهي الفرنسي الساخر ديودونيه وآخرين معارضين لبوا دعوة جمعيات يهودية تتهم "ديودونيه" بالعداء للسامية. جاء هذا وسط حراسة أمنية مشددة حيث ملأت سيارات الشرطة المكان كما حاول رجال الأمن منع التقاء الطرفين لتفادي وقوع اشتباكات، وأفادت مصالح الأمن اعتقال نحو خمسين شخصا من الجانبين ولكن من دون تسجيل أعمال عنف. وكان الممثل الفرنسي الساخر ديودونه قد أعلن السبت الماضي قراره وقف عرض فني حظره القضاء بدعوى أنه يحتوي على مفردات معادية للسامية، مشيرا إلى أنه يعتزم تقديم عرض آخر مكرس لأفريقيا لن يثير أي اعتراضات. يأتى ذلك بعد أن أيدت أعلى محكمة إدارية في فرنسا الجمعة الماضية قرار حظر عرض "الجدار" لديودونيه التي لاقت إقبالا منقطع النظير في باريس مؤخرا على مسرح ديودونيه الخاص "لامان دور" (اليد الذهبية)، باعتبار أن إشارة اليد التي يقوم بها ديودونيه "نازية"،واتهم الفكاهي الشهير تبعا لذلك بنشر أفكار معادية للسامية. وقال "ديودونيه" في بيان بث على شاشة التلفزيون الفرنسي "نحن نعيش في بلد ديمقراطي ويتعين علي التقيد بالقانون على الرغم من التدخل السياسي الصارخ". ورحبت الحكومة الفرنسية بعد الإعلان عن قرار مجلس الدولة بما سمته "انتصار للجمهورية" ورد وزير الداخلية مانويل فالس بقوله "لا يمكن التساهل حيال الحقد ضد الآخر والعنصرية ومعاداة السامية والإنكار، هذا مستحيل، هذه ليست فرنسا". ويتهم مؤيدو الممثل الكوميدي ونقاد منع عرضه المسرحي السلطات الفرنسية بمصادرة حقه في حرية التعبير. ويرد محامو الحكومة بأن طبيعة عرضه التمثيلي وإثارته للكراهية لا تجعله يدخل ضمن ما يكفله الدستور الفرنسي تحت باب حرية التعبير. وكان ديودونيه قد تعرض لغرامات متكررة ومنع من تقديم عرضه في عدد من المدن الفرنسية لاتهامه بمعاداة السامية واثارة الكراهية. ويشار إلى أنها ليست هذه المرة الأولى للفنان الفرنسي المعروف باسمه المسرحي ديودونيه التي يثير فيها الجدل حوله فقد اقتحم الساحة السياسية من خلال أعماله على مدى الخمسة عشر عاما الماضية. وسبق واتهم ديودونيه في عدة مناسبات بمعاداته للسامية، أشهرها وصفه إحياء ذكرى الهولوكوست ب "بالذكرى الجنسية". ويتمتع "ديودونيه" بشعبية كبيرة في فرنسا على الرغم من تجاهل الإعلام له في الآونة الأخيرة ،وبفضل شبكة الانترنت يتواصل ديودونيه باستمرار مع عشرات الآلاف من مؤيديه عبر موقعي التواصل الإجتماعي تويتر وفيسبوك، بالإضافة إلى نشر مقاطع مصورة على يوتيوب كل أسبوع أو اثنين. وقد يبلغ عدد مرات مشاهدة مقطع لديودونيه مليوني ونصف مليون مرة. ومن بين أكثر الأشياء المثيرة للجدل التي قام بها هي إشارة "كوينيل" التي انتشرت بين صفوف الجيل الحديث من الشباب ولاقت صدى كبيرا في كافة المجالات حتى أن لاعب الكرة الفرنسي نيكولاس انيلكا استخدمها وأثار الجدل حوله.و بينما يقول معارضيه إن إشارة ديودونيه المعروفة بذراعه المفرودة تحية نازية معكوسة، يقول ديودون إن تلميحاته وإشاراته تعبير عن آراء معادية للصهيونية والمؤسسة الحاكمة في فرنسا وليست معادية للسامية. وينفي "ديودونيه" دائما أنه معادٍ للسامية، ويقول إن الهجوم على إسرائيل شأن آخر وأن مناهضة الصهيونية موقف سياسي مبرر. وأضاف أنه ليس ضد اليهود عموماً، مما يجعله غير معادٍ للسامية. وكان ديودونيه (46 عاما) ناشطا في جماعات يسارية مناهضة للعنصرية وأخذ في انتقاد اليهود والصهيونية منذ عام 2002 وخاض بعد عامين انتخابات أوروبية ممثلا عن حزب مؤيد للفلسطينيين. وكان ديودونيه في بداية أعماله السياسية، مدافعاً عن حقوق الأفارقة، كونه نصف أفريقي. وكانت بدايات أعماله تجسد الإحساس بالظلم الذي يعيشه "السود".