قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إن توصيف الحكومة المصرية لجماعة الإخوان المسلمين كمنظمة إرهابية يبدو وكأنه يهدف إلى توسيع حملة القمع على أنشطة الإخوان السلمية وفرض عقوبات قاسية على مؤيديها، مضيفة "يجب على الحكومة سرعة التراجع عن القرار والتوقف عن التدخل في البرامج الصحية والتعليمية وغيرها من البرامج السلمية للإخوان". وأضافت المنظمة في بيان لها اليوم " منذ خلع مرسي في يوليو تسببت السلطات في قتل ما يتجاوز الألف من المتظاهرين المؤيدين للإخوان المسلمين، واعتقلت الآلاف من مؤيديهم، وبينهم أغلبية القيادات، وشنت حملة إعلامية ممنهجة لشيطنة الجماعة، وفي سبتمبر حكمت إحدى محاكم القاهرة بأن الإخوان منظمة غير مشروعة، وهو الحكم الذي تأيد في الاستئناف في نوفمبر، كما تقرر النظر في دعوى بحل حزب الحرية والعدالة في 15 فبراير ". وقالت سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "يأتي قرار الحكومة بشأن الإخوان المسلمين بعد خمسة أشهر من الجهود الحكومية لشيطنة الجماعة، وإذ تندفع الحكومة لتوجيه إصبع الاتهام نحو الإخوان دون تحقيق أو أدلة فإنها تبدو وكأن شيئاً لا يحركها إلا الرغبة في سحق واحدة من كبرى الحركات المعارضة". وأضافت سارة ليا ويتسن: "تعدى الهجوم الحكومي على الإخوان مرحلة خنق الأنشطة السياسية السلمية إلى تقليص الخدمات الصحية والمدارس التي تشتد حاجة المصريين العاديين إليها، ولا يبدو أن ثمة نهاية لهذه الموجة القمعية .. يجب على المصريين التناقش حول صدق التزام الإخوان المسلمين بالديمقراطية ومداه، لكن قمع الجماعة دون هوادة يضرب عرض الحائط بالحقوق والحريات الأساسية للإنسان". وأشارت المنظمة إلى أن التوصيف الحكومي للجماعة جاء مباشرة في أعقاب هجوم تفجيري في 24 ديسمبر على مديرية الأمن بمدينة المنصورة، وهو الهجوم الذي خلف 16 قتيلاً وأكثر من 130 مصاباً، وألقت الحكومة مسؤولية التفجير على الإخوان المسلمين دون تحقيق أو تقديم أدلة، فيما أدان الإخوان التفجير، مطالبين ب"تقديم مرتكبي هذه الجريمة إلى العدالة"، ونشرت جماعة "أنصار بيت المقدس" بسيناء بياناً على الإنترنت يتبنى مسؤولية الأحداث. وقالت هيومن رايتس ووتش إن توصيف الحكومة للجماعة بالإرهابية يبدو وكأن الغاية منه هي إنهاء أي نشاط للإخوان المسلمين، مستندة إلى تصريحات هاني عبد اللطيف، الناطق باسم وزارة الداخلية، في مقابلة بتاريخ 26 ديسمبر على التليفزيون الحكومي، قال فيها إن توصيف الإرهاب يتيح للوزارة التعامل مع الإخوان بموجب الباب المتعلق بالإرهاب في قانون العقوبات المصري (المواد 86 إلى 99)، كما أشار بالتحديد إلى أن المشاركين في مظاهرة قد يواجهون السجن لمدة تبلغ 5 سنوات، بينما يواجه من يقودهم عقوبة الإعدام. وأضافت هيومن رايتس أن بيان الحكومة في 25 ديسمبر أكد أن المشاركة في أنشطة الإخوان أو الترويج لها أو تمويلها يقع بدوره تحت طائلة العقوبات الجنائية بموجب نفس الباب في قانون العقوبات، فيما أعلن أسامة شرابي، المدير الأسبق للإدارة العامة للمصنفات الفنية خلال برنامج تليفزيوني في 26 ديسمبر على قناة الحياة بأن أي شخص ينشر علامة رابعة التي تحيي ذكرى أولئك الذين قتلوا عندما فضت الحكومة اعتصام رابعة في أغسطس، على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك سيواجه تهما جنائية بموجب قانون العقوبات. وأشارت المنظمة إلى أن السلطات كثفت حملتها القمعية على الإخوان، واعتقلت 27 من مؤيدي الإخوان، بينهم ثلاثة من طلبة الجامعة، يوم 26 ديسمبر في محافظة الشرقية، بتهم تتضمن الانتماء إلى منظمة إرهابية، وكان الدليل الرئيسي المقدم بحق 16 من المتهمين هو توزيع منشورات مناهضة للجيش والشرطة، واعتقل 19 من أعضاء الإخوان في محافظة الغربية في اليوم التالي لانتمائهم إلى تنظيم محظور، وكانت حصيلة تظاهرات 27 ديسمبر 5 قتلى و304 معتقلا متهمون بالانتماء لجماعة إرهابية. وأضافت هيومن رايتس "قامت وزارة الداخلية بمنع الصحيفة اليومية التي يصدرها حزب الحرية والعدالة التابع للإخوان من النشر يوم 26 ديسمبر، ونشرت الشرطة أيضاً بياناً على صفحتها الرسمية على موقع فيسبوك يدعو المواطنين لاستخدام خط ساخن للإبلاغ بأية معلومات عن أعضاء الإخوان، وقام البنك المركزي بتجميد الأرصدة المصرفية لأكثر من ألف جمعية أهلية يشاع أنها مرتبطة بالإخوان المسلمين كما شرعت الحكومة في إجراءات لمصادرة ما يزيد على 140 مدرسة تابعة للإخوان وتجميد أرصدة ما يزيد على 130 من كبار قادتها". وأشارت المنظمة إلى ما قاله مقرر الأممالمتحدة الخاص المعني بحقوق الإنسان ومكافحة الإرهاب، في تقريره عن مصر لعام 2009 "ينبغي لتعريفات الجرائم الإرهابية أن تقتصر حصرياً على الأنشطة المنطوية على استخدام العنف المميت أو الخطير، أو المتعلقة به مباشرة، ضد مدنيين... أما حظر المنظمات الإرهابية، بما في ذلك تحميل مسؤولية جنائية لأعضائها، فينبغي أن يتم على أساس أدلة موضوعية على أنشطة ذات طبيعة إرهابية حقيقية، وعلى تورط الأشخاص المعنيين فعليا". وأضافت هيومن رايتس "إذا وجدت أدلة على تورط جماعة أو أعضائها في مسلك يخالف القانون من قبيل أعمال العنف أو التحريض عليه فإن مسؤولية الحكومة تقضي بملاحقتهم طبقاً للقانون، ومع ذلك فإذا لم تكن هناك أدلة تثبت أن الأفعال الإجرامية لأعضاء الجماعة تمثل سياسة للمنظمة أو خطة وضعتها، فإنه لا يوجد أساس للربط بين أفعال الأعضاء والمنظمة".