♦ حزمة القوانين بدأت بقانون "تنظيم المظاهرات" وآخرها "تحصين المسئولين.. وحقوقيون : الدولة تقنن القمع وتحصن الفساد في 4 أشهر فقط منذ بداية عملها، قدمت حكومة الببلاوي حزمة من مشاريع القوانين المقيدة للحريات هي قوانين التظاهر والارهاب وتحصين المسئولين والطوارئ وتجريم الجرافيتي، متجاهلة بذلك المطالب التي نادت بها الثورة بموجتيها في 25 يناية و30 يونيو، وشعارها الأبرز: "عيش حرية عدالة اجتماعية".. "الوادي" رصدت الحصاد القانوني لحكومة الببلاوي. مشروع قانون التظاهر جموع من المواطنين تظاهروا في ظل الطوارئ رفضا لمبارك في يناير 2011 فتم اسقاطه، ووصل الاخوان للرئاسة في الانتخابات الأولى بعد الثورة ، ليسعى هؤلاء الذين وصلوا عبر تظاهر المصريين فى 25 يناير الى اصدار قانون يضع قيودا على التظاهر تصل حد المنع، وخرج المتظاهرين من جديد في 30 يونيو 2013 رفضا لسياسات رئيس وحكومة الإخوان، وسقط مرسي وحكومته بالتظاهر لتأتى حكومة انتقالية جديدة، وتنتقل عدوى منع التظاهر للحكومة الانتقالية التى جاءت بها التظاهرات فيسعون من جديد لإصدار قانون جديد لمنع التظاهر. ويتضمن قانون "تنظيم الحق في الاجتماعات العامة والمواكب والتظاهرات السلمية في الأماكن العامة" والذى أطلق عليه حقوقيون قانون منع التظاهر، عددا من المواد المقيدة للحريات والتعسفية التى تحول في أوضاع كثيرة من تنظيم التظاهرات، كما منح قوات الأمن حق فض التظاهرات السلمية أذا رأت قوات الأمن ذلك, ومنحهم حق القبض علي المتظاهرين, وهو ما يجعل المتظاهرين معرضين للاعتقال في أي وقت حسب رؤية قوات الأمن لهتافاتهم وطرق تعبيرهم عن الرأي, حيث أن القانون لم يحدد السلوكيات والأفعال المخالفة. وأتاح القانون لقوات الأمن استخدام العنف لفض التظاهرات، والذي يصل حد تفريق التظاهرات بالرصاص الحي طبقًا لقانون هيئة الشرطة، فضلا عن منح وزارة الداخلية الحق في قبول أو رفض طلب تنظيم المظاهرة المقدم من المسئولين عنها طبقا لرؤيتها للحالة الأمنية وتحديد مواعيد زمنية لبدء وانتهاء المظاهرة، وهو الأمر الذي قد يصل لمنع كافة التظاهرات لعدم مناسبتها للحالة الأمنية. ومنح القانون المحافظين حق تحديد أماكن التظاهر بمحافظاتهم وتحديد أعداد المتظاهرين في هذه الأماكن وعدم مغادرتهم لها، فضلًا عن تحديد مسافة تتراوح بين 100 متر إلى 300 متر من المصالح والهيئات الحكومية لا يجوز للمتظاهرين الاقتراب منها، فضلا عن منع الاعتصام في أماكن التظاهرات. مشروع قانون تجريم الجرافيتى تصريحات صحفية علي لسان اللواء عادل لبيب وزير التنمية المحلية كانت السبب في موجة من الغضب من جانب فناني الجرافيتى وعدد من المدافعين عن حقوق الانسان، حيث أعلن عن انتهاء الوزارة من إعداد قانون جديد يجرم الكتابة علي الجدران بهدف عرضه علي مجلس الوزراء لدراسته والموافقة عليه. وينص مشروع القانون الذي تقدم به وزير التنمية المحلية علي معاقبة كل من يكتب العبارات المسيئة علي جدران المباني الحكومية والخاصة بالحبس لمدة 4 سنوات وتغريمه مبلغ 100 ألف جنيه ومصادرة الادوات المستخدمة في الرسم أو الكتابة, وقد اعلن الوزير عن تشكيل لجان في الاحياء والمدن لرصد الذين يقومون بكتابة العبارات علي الجدران. من جانبهم، واصل رسامو الجرافيتي حملتهم للرسم على الجدران التى تقوم اجهزة الأحياء المختلفة بطمس الرسوم والكتابات من عليها، فيما واصل الحقوقيون تنديدهم بالقانون الذي اعتبروه استمرارا لسلسلة من القوانين القمعية التى تسعى الحكومة الانتقالية لإصداره، فيما استنكر حقوقيون اصرار الدولة على اصدار قوانين وصفوها بالقمعية. مشروع قانون الارهاب أما مشروع قانون الارهاب الذي أعدته وزارة الداخلية ويجري عرضه حاليا على وزارة العدل تمهيدا لإقراره من قبل الرئيس المؤقت عدلي منصور، فكانت أهم ملامحه فرض الرقابة على مواقع الانترنت والتواصل الاجتماعي، ورفع عقوبة مقاومة السلطات إلى السجن المشدد، وتغليظ عقوبة الشروع في الجرائم لتصل لعقوبة الارتكاب الفعلي للجريمة، وتجريم الاحتجاج على قرارات الدولة والسعي لتغيير نظامها أو حكومتها، وتعريفات مطاطة للإرهاب والجماعات الإرهابية والعنف، فضلا عن إنشاء نيابة استثنائية ودوائر جنايات خاصة لمعالجة قضايا "الارهاب". وأكد محمد زارع مدير مؤسسة الاصلاح الجنائى على عدم وجود حاجة فعلية لقانون الإرهاب والذي يغطي قانون العقوبات الجرائم الواردة فيه، وأن الهدف من القانون هو إعطاء صلاحيات أوسع لقوات الأمن وحمايتها من المحاسبة على انتهاكاتها لحقوق وحريات المواطنين، معتبرًا أن إقرار مثل تلك القوانين المقيدة للحريات هو انتقاص وانتهاك للمكتسبات التي حققتها الثورة، مشيرا الى مادة تغليظ العقوبة على مقاومة السلطات والتى عادة ما تستخدمها قوات الأمن في مواجهة المواطنين الذين يتعرضون للتعذيب فتتهمهم بالمقاومة لتنقضي القضية. واستنكر عدد من الحقوقيين عدم وضع تعريف واضح للإرهاب والاكتفاء بتجريم كل الأفعال باستخدام ألفاظ مطاطية تسمح للسلطات بمصادرة كل الأنشطة المتعلقة بالعمل العام، حتي وإن كانت هذه الأنشطة تطالب بتعديلات دستورية وقانونية،أو التظاهر أمام إحدى مؤسسات الدولة، معتبرين أنه يوضح نية الدولة الجديدة علي تكميم الأفواه واستخدام "الإرهاب" كغطاء ومبرر لإعادة الدولة البوليسية. مشروع قانون تحصين المسئولين كلف مجلس الوزراء برئاسة الدكتور حازم الببلاوي وزارات العدل والاستثمار والعدالة الاجتماعية والاستثمار بإعداد قانون لتحصين قرارات المسئولين من المحاسبة، كان هذا التكليف لسلسلة من التبريرات من الحكومة بأنه خطوة لطمأنة المسئولين وتحفيزهم لاتخاذ القرارات المناسبة دون خشية من المحاسبة، قابلتها سلسلة أخرى من الرفض الحقوقى والاتهامات للحكومة بأنها تسعى لتحصين فساد رجالها وافلات الفاسدين من العقاب وتشجيعهم عليه ماداموا سيمرون دون عقاب. ووصف طارق زغلول المدير التنفيذي بالمنظمة المصرية لحقوق الانسان القانون بأنه يدخل ضمن قائمة القوانين سيئة السمعة ويسعى لتقنين الفساد الحكومي وحماية للفاسدين، وأنه يشجع على ارتكاب الجرائم وتصاعد الفساد مادام الافلات من العقاب متاحا عبر القانون، وأنه يخل بمبدأ المساواة بين المواطنين وسيكون من اليسير فى حالة إقراره الطعن في دستوريته، مؤكدا أن المسئول يجب ان يسأل ويحاسب مادام ارتضى حمل المسئولية. مشروع قانون الطوارئ قانون الطوارئ الذي حكم مبارك تحت سطوته ثلاثين عاما والذي لم يعصمه من الرحيل عقب ثورة 25 يناير، كان مسعى الرئيس المؤقت " القاضى" عدلى منصور والذي أصدر في الرابع عشر من أغسطس الماضي حالة الطوارئ بموجب قرار رئيس الجمهورية رقم (532) لسنة 2013 في جميع أنحاء جمهورية مصر العربية لمدة شهر، ثم مدها فى سبتمبر لمدة شهرين بدعوى مواجهة الارهاب، والذي فشلت طوارئ مبارك في القضاء عليه طوال ثلاثين عاما، لتستخدم فقط في التنكيل بالمعارضين. حقوقيون : الدولة تقنن القمع وتحصن الفساد وعلق مجموعة من الحقوقيون والمؤسسات الحقوقية على السعي الدائم للحكومة المؤقتة لإصدار تلك القوانين، معتبرين أنه استغلال من الحكومة المؤقتة للسلطة التشريعية التى منحها لها الاعلان الدستورى، والتى كان يجب أن تستخدم لتسيير المرحلة الانتقالية، واصدار قوانين عاجلة لحل المشكلات الاجتماعية والاقتصادية العاجلة بدلا من استخدامها لقمع المواطنين. وأكد محمد زارع رئيس المنظمة العربية للإصلاح الجنائي أن الحكومة الانتقالية اغتصبت حق التوسع في إصدار القوانين المقيدة للحريات، مثل قانون الإرهاب والتظاهر وتجريم ال"جرافيتي"، بينما كان من الأهم أن تركز تلك الحكومة على تحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للمواطنين والاهتمام بحالة الأمن المتردية بدلاً من التركيز على تقييد الحريات، خاصة أن هناك مجلس شعب قادم ومنتخب دوره أن يقوم بإصدار القوانين. من جانبه، قال حافظ أبو سعدة مدير المنظمة المصرية لحقوق الانسان وعضو المجلس القومي لحقوق الانسان، أن الحكومة مطالبية بطرح القوانين للحوار المجتمعي، وأن تراعي تلك القوانين المبادئ الاساسية لحقوق الانسان، مشيرا الى ان القومى لحقوق الانسان تلقى قانون التظاهر وأعد التعديلات المطلوبة عليه والتى سيجري مناقشتها، وهو ما سيتكرر مع القوانين الاخرى. وحذرت الشبكة العربية الحكومة المصرية من المضي علي خطي سابقيها وتحاول ان تصدر قوانين لن تنجح في تطبيقها، مطالبة رئيس الجمهورية المؤقت بالتوقف عن التوسع في استخدام سلطة التشريع الاستثنائية الممنوحة له مؤقتاً، وأن لا يستخدمها في اصدار تشريعات مقيدة للحريات ويكتفي باستخدامها في اصدار التشريعات اللازمة لإكمال المرحلة الانتقالية بعد عرضها للنقاش المجتمعي. وأضاف طارق زغلول المدير التنفيذي للمنظمة المصرية لحقوق الانسان أن السلطات المصرية تصر على اصدار مجموعة من القوانين القمعية سيئة السمعة، والتى تسعى من خلالها للانتقاص من مكتسبات الثورة المصرية، فضلا عن تقنينها للفساد والسماح بإفلات مرتكبيه من العقاب.