قديما قال الساخر جلال عامر "قامت الثورة ضد "محمد حسنى مبارك"، لكنها أطاحت ب "محمد البرادعى، واليوم الشريط السينمائي يعود إلي الخلف بواقعية سحرية متفردة في إبهارها وربما تعلن البلاد أن غداً 24 يناير 2011 وأن الثورة لم تبدأ بعد رغم مرور ما يقرب من الثلاثة أعوام علي ذلك اليوم الدامي، الذي خرجت فيه جموع الشعب المصري الغاضبة في الشوارع والميادين من أجل أهداف ثلاثة فقط لاغير.. "عيش، حرية، وعدالة اجتماعية" وضحوا بدمائهم وأرواحهم وذويهم من أجل مصر ولكن هيهات هيهات لما يوعدون . وقد صدر صباح اليوم الحكم النهائي بإخلاء سبيل من خرجوا وثاروا ضده في 25 يناير 2011 ولأكثر من ثلاثة أسابيع خارج بيوتهم وبعيدا عند أهليهم، قرار إخلاء سبيل الرئيس المصري الأسبق محمد حسني مبارك في قضية "هدايا الأهرام" بعد أن سدد كافة الأموال المطلوبة في القضية، فضلا عن إخلاء سبيله على ذمة قضايا قتل المتظاهرين، والكسب غير المشروع، وقصور الرئاسة ومن ثم قرار خروجه من سجن طره خلال ساعات مالم يكن مطلوبا علي ذمة قضايا أخري، أو في حالة طعن النيابة العامة علي ذلك القرار. وفي هذا الإطار صار لسان حال البعض "كلهم يخرجون اليوم خروجا آمنا في مهرجان البراءة للجميع، الا الشعب المصري هو الوحيد الذي وقع في الحظر".. وعلق الناشط السياسي أحمد دومة، علي القرار الأخير الذي استقبله بهدوء شديد ، فذكر أن كل ما يحدث هو نتاج طبيعي لعدم إقامة محاكم ثوريّة لكل القتلة منذ نجاح ثورتنا الأولي ونتاج طبيعي لعدم وجود الثورة في الحكم حتي الآن ونتاج طبيعي لانقسام الثورة على نفسها وخروج مبارك يأزم الموقف ويوجهه ناحية انفجار شعبي يلقي بظلاله وعواقبه الوخيمة علي الجميع، ويعني عودة شباب الثورة إلى المعادلة كطرف أصيل، وقد يعني كذلك -وهذا غاية الخطورة-النزول للشارع قريباً والمحبط أكتر من إخلاء سبيل مبارك هو تلخيص مطالب الثورة فى حبسه وأوضح "دومة" أن النزول إلي الشارع اليوم وسط خناقة "عصابة ارهابية" مع الدولة يعد انتحار ومشاركة في هدم الوطن . فيما قال الناشط الإخواني عبدالقادر الشيشيني، إن من كان يعمل مع المخلوع حسني مبارك أثناء ثورة يناير هو من أخرجه في ثورة 30 يونيو (العسكر والقضاء والإعلام والكنيسة وشيخ الأزهر وحزب النور والحزب الوطني) وتسائل الشيشيني: كيف سيعيدوا مبارك للحكم؟ حتى تكتمل النهاية لثورة 25 يناير وكما فعلوها مع النائب العام الأسبق الذي عاد لمنصبه ثم استشعر الحرج بعد ذلك . ومن جانبها استنكرت الكاتبة الصحفية سكينة فؤاد، المستشار السابق للرئيس المعزول القرار وألقت باللوم علي المجلس العسكري والرئيس السابق والقضاء المصري العادل وبعض من يسمون أنفسهم بشباب الثورة في مصر ممن أخذوا اليوم وضعية الميت بعد الإفراج عن المخلوع مبارك، متسائلة : هل هذه هي العداله في نظركم؟ وأضافت "فؤاد" أن مبارك أخلي سبيله اليوم ولم تعلن برائته من التهم المنسوبة إليه، وحتى هذا الاخلاء من الممكن الطعن عليه، مضيفة ان مسؤولية قرار اليوم تقع على عاتق المجلس العسكري والرئيس المعزول محمد مرسي، كلاهما لم يصدر قانونا للعدالة الانتقالية وكلاهما سعى للتصالح، لا القصاص. وفي ذات السياق أشار الدكتور مصطفي كامل السيد، أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية إلي أن خروج الرئيس الأسبق "حسني مبارك" محزن لا شك لكنه ليس مخيقا إلي هذه الدرجة التي يضخمها البعض، فلا اتصور ان يخرج من محبسه ليعود الى الاتحادية مثلا، فلا امريكا تسانده ولا الجيش يدعمه، ومن ثم فقد انتهي دوره السياسي إلي الأبد، مؤكدا أن التهم الموجهة الى مبارك لا تعبر ابدا عن جريمته الحقيقية، فهي تهم جنائية في اغلبها تتجاهل التهمة الاساس وهي "الخيانة العظمى"، فجريمة مبارك الاصلية والتي لا يحاكم عليها هي رهن مصر وشعبها وارادتها ومقدراتها ل "واشنطن" على مدى 30 عاما، فهو لم يقتل فقط متظاهري الموجة الاولى من الثورة، بل قتل الالاف في قطارات محترقة وعبارات غارقة. وهذا ما يستوجب محاكمة أخرى أكثر عدلا، ومن يزعم أن مبارك كان "ارحم" من الاخوان يتناسى ان الاخوان لم يدخلوا البرلمان سوى في عهده، وكل ما نشهده اليوم من ارهاب هو نتاج سياسته. وأضاف "السيد" أن المخلوع مبارك عقد الصقفة تلو الاخرى مع الاخوان ولم يتصد لفكرهم وفتح لهم المساجد ،فكان من الطبيعي ان يحلوا محله بمجرد سقوطه، ثم إن مبارك قد حكم مصر 30 عاما معتمدا على دعم امريكي غير محدود، هذا الدعم لا يمكن ان يتكرر، فأميركا لا تدعم "كارت محروق"، ومن ثم يحق لك أن تحزن لخروج مبارك -ان خرج- لكن لا تضيع وقتك وجهدك على من انتهى أمره، معركتنا الان هي معركة الاستقلال الوطني، لا معركة مبارك أو غيره . وكانت النيابة العامة قد قررت ظهر اليوم الطعن علي قرار محكمة جنايات القاهرة بإخلاء سبيل الرئيس الأسبق "حسني مبارك" في قضية "هدايا الأهرام" في ضوء حقها القانوني في الطعن علي قرار المحكمة في مدة أقصاه 48 ساعة من وقت صدوره في الوقت ذاته أكد مصدر "خاص" في نيابة الأموال العامة أن قرار اخلاء سبيل مبارك نهائي ولا يجوز الطعن عليه . وفي قرار اخلاء سبيل مبارك، وأكد الفقيه الدستوري الدكتور ابراهيم درويش أن المحكمة سبق أن أخذت بدفاع محامى مبارك بسقوط قرار الحبس الاحتياطئ عنه لصدور قرارين حبس فى ذات القضية، الأول صدر فى 20يناير 2013 والثانى في 30 يوليو الماضي، وببحث المحكمة أواراق القضية ثبت لديها وجود قرار الحبس مما ينتج عنه بطلان القرار الصادر بحبس مبارك فى هذة القضية، وهذا يعد خطا قانونى ارتكبه النائب العام السابق طلعت عبدالله . وفي المقابل قال الخبير الأمني اللواء فؤاد علام، وكيل مباحث أمن الدولة الأسبق إن الرئيس الاسبق "حسني مبارك" قد رفض الهرب ولم يطلب الوساطه الخارجية وسلم نفسه للشعب ودخل السجن عامين في حين أن مرشد الاخوان اختبأ وهرب صفوت حجازي قبل أن يتم القبض عليه صباح اليوم وباقي أفراد الجماعة في ملابس النساء، بعدما طالبوا بالتدخل الدولي العسكري وأطلقو مليشياتهم علي الشعب في الشوارع والميادين لارهاب المجتمع وفي النهاية خرج الاول ودخل الاخرين السجون ولا عزاء للشرعية بحسب تعبيره .