صرح الدكتور خالد عزب؛ رئيس قطاع المشروعات المركزية بمكتبة الإسكندرية، أنه في إطار توثيق مكتبة الإسكندرية لتاريخ مصر الحديث والمعاصر، وبحثها عن العائلات التي يكون أحد أفرادها قد شارك في صنع وتنفيذ السياسة المصرية خلال أي فترة من فترات تاريخ مصر الحديث والمعاصر لأرشفته ضمن حاويتها التاريخية modernegypt.bibalex.org، حصلت ذاكرة مصر المعاصرة على المجموعة الأرشيفية الخاصة بوزير الحربية الأسبق المشير محمد عبد الغني الجمسي، والذي تم تصنيفه ضمن أبرع 50 قائدًا عسكريًا في التاريخ كما ذكرت أشهر الموسوعات العسكرية العالمية. كما تولى الجمسي منصب وزير الحربية في أعقاب وفاة المشير أحمد إسماعيل وزير الحربية خلال حرب أكتوبر، في الفترة من 28 ديسمبر 1974 وحتى 5 أكتوبر 1978، وقد أهدى هذه المجموعة ابنه السيد مدحت محمد عبد الغني الجمسي. ويقول عمرو شلبي؛ رئيس وحدة متحف السادات بمكتبة الإسكندرية، أن مجموعة المشير الجمسي تتضمن ما يقارب ال 4000 صورة فوتغرافية تغطي جزء كبير من أنشطة المشير الجمسي خلال توليه الوزارة ومن قبلها رئاسة الاركان ومن قبلها هيئة العمليات بالقوات المسلحة، بالإضافة إلى مجموعة من الصور المتميزة له في مراحله الاولى في الكلية الحربية وسفرة إلى الولاياتالمتحدةالامريكية والعديد من الدول للحصول على دورات تعليمية متنوعة، بالاضافة إلى مجموعة نادرة من الصور التي ترصد تدريب الجنود المصريين على عبور القناة في محافظة الشرقية، ومجموعة من الصور التي ترصد تاريخ مصر العسكري خلال هذه الفترة. وتتنوع أبرز البومات صور المشير الجمسي بين المباحثات بين السيد الفريق أول محمد الجمسي، وبين عزرا ويزمان وزير الدفاع الاسرائيلي 20 ديسمبر 1977، مباحثات السلام في قاعدة جناكليس 20 ديسمبر 1977، وفي مطار شرق القاهرة 21 ديسمبر 1977، وفي الاسماعيلية 25 ديسمبر 1977، والعرض العسكري 6 أكتوبر 1977، وزيارة المستر هنري كيسنجر وزير خارجية الولاياتالمتحدةالأمريكية لمنطقة الشرق الأوسط في 20 أغسطس 1975، وزيارة الملك خالد والسيد الرئيس إلى القاعدة البحرية 18 يوليو 1975، وافتتاح مدينة الملك فيصل 19 يوليو 1975. تضم المجموعة أيضًا صور الرئيس السادات والسيد وزير الحربية خلال حضور مناورة القوات البحرية 4 مايو 1977، ومباحثات فض الاشتباك الاول الكيلو 101 28 أكتوبر 1973، وزيارة السيد رئيس الجمهورية لمنطقة البحر الأحمر العسكرية 5 يونية 1976، وزيارة الفريق أول محمد عبد الغني الجمسي وزير الحربية إلى فرنسا 14 مارس 1978، وتكريم الظباط الذين احيلوا إلى المعاش بنادي الجلاء 29 ابريل 1975، ومقابلات السيد الوزير بمكتبه يناير 1975، والجلسة الاستثنائية لمجلس الشعب لتكريم أبطال القوات المسلحة 20 فبراير 1974، والعرض العسكري للقوات المسلحة بتاريخ 6 أكتوبر 1977. جدير بالذكر أن الفريق أول محمد عبد الغني الجمسي ولد في 9 سبتمبر عام 1921 لأسرة ريفية متوسطة الحال. تخرج الجمسي في الكلية الحربية عام 1939 في سلاح المدرعات، فقد بدأ حياته العسكرية وعمره 17 عاما و21 يوم، ومن يومها وهو يشارك في كل الحروب العربية الإسرائيلية عدا حرب 1948 التى كان خلالها في بعثة خارج البلاد. تلقى الجمسي عددا من الدورات التدريبية العسكرية في كثير من دول العالم، ثم عمل ضابطا بالمخابرات الحربية، فمدرسا بمدرسة المخابرات حيث تخصص في تدريس التاريخ العسكري لإسرائيل الذي كان يضم كل ما يتعلق بها عسكريا من التسليح إلى الإستراتيجية إلى المواجهة. عقب نكسة يونيه 1967 أسند للجمسي مهام الإشراف على تدريب القوات المصرية مع عدد من القيادات المشهود لها بالكفاءة، وكان الجمسي من أكثر قيادات الجيش دراية بالعدو، مما أدى إلى ترقيه حتى وصل إلى قيادة هيئة التدريب بالجيش، وهو الموقع الذي شغله حتى تولية منصب رئيس هيئة عمليات القوات المسلحة ونائب رئيس الأركان. أشرف الجمسي بنفسه على الإعداد لحرب أكتوبر، وحفاظا على السرية المطلقة بدأ يكتب كل ملاحظاته في دفتر صغير كان يخص ابنته ولم يطلع عليه سوى اثنين: الرئيس الراحل أنور السادات والرئيس الراحل حافظ الأسد، وقد عُرف هذا الدفتر فيما بعد ب "كشكول الجمسي". وبانتهاء المعركة تم تكريم اللواء الجمسي، ورقي إلى رتبة الفريق، ومُنح نجمة الشرف العسكرية.. لكن دوره لم يكن قد أنتهى بعد. وقع اختيار الرئيس السادات على الفريق الجمسي ليتولى مسئولية التفاوض مع الإسرائيليين فيما عرف بمفاوضات الكيلو 101، وبرغم كراهيته للتفاوض خاصة مع الإسرائيليين الذين يعرف عنهم يقينا نقضهم للعهود الا أنه كقائد عسكري نفذ الأوامر لكنه قرر ألا يبدأ أبدا بالتحية العسكرية للجنرال الإسرائيلي "ياريف" رئيس الوفد الإسرائيلي، وألا يصافحه، وهو ما حدث بالفعل. وبعد ترقيته إلى رتبة الفريق أول مع توليه منصب وزير الحربية عام 1974 وقائد عام للجبهات العربية الثلاث عام 1975، وكان قرار الرئيس السادات وقتها ألا يخرج أي من كبار قادة حرب أكتوبر من الخدمة العسكرية طيلة حياتهم تكريما لهم، غير أن الخلافات السياسية بين الجمسي والسادات أدت في النهاية إلى خروج الجمسي من وزارة الحربية عام 1978. وطلب الجمسي بنفسه أن يحال إلى التقاعد، وتم تغيير أسم الوزارة من الحربية إلى الدفاع ليكون الجمسي بذلك هو آخر وزير حربية في مصر .وفي عام 1979 رقي الجمسي مرة آخرى إلى رتبة المشير.