فيما يصر قياديو جماعة «الإخوان المسلمون»، على نفى الاتهامات بالسعى إلى «أخونة الدولة»، ويؤكدون الحرص على التوافق الوطنى، وإدارة الدولة بالمشاركة لا المغالبة، وبواسطة أولى الخبرة، لا أهل الثقة، وبينما ينفون أن الجماعة تسعى لإحكام قبضتها على «مفاصل الدولة».. تكشف التعيينات التى أجراها الرئيس محمد مرسى، منذ دخوله قصر الاتحادية، عن أن الجماعة بدأت التمكين، عبر احتلال المناصب الحساسة والمؤثرة، فى صناعة القرار والسياسة العامة للدولة. كما تكشف التعيينات عن أن ارتقاء منصب رفيع، أو وظيفة «ذات امتيازات» ليس مشروطًا فقط، بالعضوية فى تنظيم الجماعة، أو فى حزب الحرية والعدالة، لكن بعلاقات النسب والمصاهرة و«البيزنس»، بين الرجال الأقوياء «الفاعلين» فى الجماعة، وعلى رأسهم نائب المرشد العام، المهندس خيرت الشاطر، الذى يستأثر بنصيب الأسد، فى «كوتة المناصب»، ويوزعها كيفما يريد، على من يريد، متى يريد، وفق ما يريد، بغض النظرة عن الكفاءة، وبعيدًا عن المؤهلات والخبرات. ويأتى من بعد الشاطر، رجل الأعمال الإخوانى المهم حسن مالك، وبعدهما يحظى كل قيادى ب «قطعة من مصر»، حسب مدى الرضا عنه، وحجم علاقات المصاهرة والبيزنس «الشبكية»، بينما يغيب المرشد العام، الدكتور محمد بديع، عن «الوليمة»، فقلما يوجد مقربون منه فى المناصب الرفيعة. * حسن مالك.. شبكة عائلية معقدة و70 شراكة مع الشاطر * علاقات مصاهرة مع عبدالمنعم أبوالفتوح وتجارية مع حرم نائب المرشد حسن مالك رجل الأعمال الإخوانى الشهير، أحد قطبى الامبراطورية الاقتصادية للجماعة ورئيس جمعية تنمية الأعمال «ابدأ»، ورئيس لجنة «تواصل» المنوط بها تحقيق الاتصال بين رجال الأعمال ومؤسسة الرئاسة، التى أظهرت نفوذا لا حدود له فى كل سفريات الرئيس محمد مرسى، وتحديد شخصيات رجال الأعمال فى الوفود المصاحبة له خلال الفترة الماضية. ومالك واحد من أهم أعضاء الشبكة العائلية للإخوان فى السلطة والجماعة، فزوجته هى جيهان عليوة شقيقة رجل أعمال إخوانى آخر هو محمد سعد عليوة صاحب شركة «الحجاز لتوظيف الأموال» فى التسعينيات، وأنجب منها مالك أبناءه السبعة: معاذ وخديجة وعمر وأنس وحمزة وعائشة وأحمد، ويشاركونه جميعا إدارة إمبراطورية الاقتصاد. ويعد مالك حلقة الوصل بين عائلتين من أشهر العائلات الإخوانية هما عائلتا أبوالفتوح والزعفرانى، إذ تزوجت شقيقته الأولى بالدكتور خالد الزعفرانى القيادى الإخوانى الأسبق، وابن عم إبراهيم الزعفرانى عضو مجلس شورى الجماعة الأسبق أيضا، والثانية بأحمد أبوالفتوح الشقيق الأصغر للدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح، القيادى الإخوانى المنشق، ورئيس حزب مصر القوية. كما يرتبط مالك والشاطر بشراكات فى أكثر من 70 شركة ومؤسسة، منها: شركة «مالك لتجارة الملابس الجاهزة والمنسوجات وخيوط الغزل»، ويدخل كل من أشقاء مالك والشاطر أيضا شركاء فيها. كما توجد شراكة اقتصادية بين مالك وعزة أحمد توفيق، حرم الشاطر، تتمثل فى شركة «سيوة لاستصلاح الأراضى»، ويأتى من بعدها بهاء، شقيق الشاطر وساعده الأيمن، فى إدارة مشروعاته الاقتصادية، ويدير بهاء الشاطر معارض السلع المعمرة بنقابة المهندسين، الخطوة الأولى التى انطلقت منها الامبراطورية الاقتصادية للشاطر ومالك بعد ذلك. وكان كل من الشاطر ومالك يلجأ إلى تسجيل الشركات باسم بهاء تحايلا على نظام مبارك، كما هو الحال فى شركة «المستقبل» المملوكة لمالك والشاطر والمسجلة باسمه، فى تجسيد حىّ لعمق المصالح المشتركة والعلاقات العائلية بمنظومة النفوذ الاقتصادى والسياسى داخل الجماعة. * «آل الحداد».. أباطرة «البيزنس» والسياسة و«الإرشاد» والرئاسة * نفوذ «خرافى» داخل الجماعة.. والشاطر «كلمة السر» الدكتور عصام الحداد، مساعد الرئيس للشئون الخارجية، وواحد من أهم خمسة رجال حول مرسى، وصل إلى منصبه، بتزكية أو «أوامر» المهندس خيرت الشاطر الذى يثق فيه كثيرًا. بدأ صعود نجم الحداد السياسى، مع خروج الشاطر من السجن، حيث قرر الأخير تعيينه بمكتب الإرشاد، «دون انتخاب كما جرت العادة»، فى الرابع من فبراير قبل عامين، بعدئذٍ وقع اختيار الشاطر عليه، ليكون مسئول حملته الانتخابية للرئاسة، وبعد استبعاد الشاطر، ووراثة مرسى له، كان الحداد أيضًا ضمن «الميراث». وإلى جانب تعيين الحداد مسئولًا عن الحملة الانتخابية للدكتور مرسى، تولى أيضا مسئولية العلاقات الخارجية بحزب الحرية والعدالة، ليس فقط لعضويته بالتنظيم الدولى للإخوان، أو لاغترابه سنوات طويلة بالمملكة المتحدة، لكن لأنه نائب رئيس مجلس إدارة جمعية «ابدأ» التى يترأسها حسن مالك، وهو أيضًا «رأسمالية إخوانية ناجحة» حيث يمتلك المجموعة العربية للتنمية «إنتربيلد» لتنظيم المعارض. ومع صعود نجم عصام الحداد، بدأ تألق شقيقه الأصغر، مدحت الحداد، صاحب الشركة العربية للتعمير، والشركة العربية للاستيراد والتصدير، والجمعية التعاونية للأعمال الهندسية. ولم يقف صعود «آل الحداد» عند الأخوين حداد، فالجيل الأصغر له نصيبه أيضًا، فالمهندس جهاد عصام الحداد، أصبح متحدثًا رسميًا باسم الجماعة، وكبير مستشارى مشروع النهضة، ولا يكاد يخرج من قصر الرئاسة، رغم أن لا صفة رسمية له هناك. ويتمتع الحداد الابن بنفوذ يصفه قياديون فى الجماعة ب «الخرافى»، داخل الجماعة، ليس بسبب نفوذ عمه مستشار الرئيس وأبيه مستشار «النهضة»، لكن أيضًا بحكم مصاهرته لعضو مكتب إرشاد آخر هو الدكتور محمود أبوزيد، بالإضافة الى صلة نسب أخرى، بين جهاد الحداد، وعضو مكتب إرشاد ثالث هو محمد إبراهيم زوج خالته. * مكتب الإرشاد.. الغرباء يمتنعون لا يستطيع «كل إخوانى» مهما كان نشيطًا مخلصًا، ينفذ «السمع والطاعة» أن يتمتع بعضوية مكتب إرشاد الجماعة، الذى يرتبط أعضاؤه بعلاقات عائلية، تقوم فى معظمها على المصاهرة، وتتسم بالتعقيد الشديد، إلا فى حالات نادرة للغاية. ودخل المرشد العام الدكتور محمد بديع، بؤرة الضوء بالجماعة، بعد خروجه من السجن، وزواجه من سمية ابنة القيادى الإخوانى التاريخى محمد الشناوى الطيار السابق وعضو النظام الخاص فى عهد حسن البنا، وتحول بديع بفضل هذه الزيجة، إلى أحد أقرب الرجال إلى مصطفى مشهور الذى كان صديقا حميما للشناوى. أما الدكتور عصام العريان نائب رئيس حزب الحرية والعدالة فهو متزوج من فاطمة فضل، شقيقة الدكتور صلاح فضل أحد المحكوم عليهم بقضية الفنية العسكرية، وابنته أيضا تزوجت الدكتور أحمد مصطفى أحد القيادات الإخوانية الشابة بنقابة الأطباء. وزرع المهندس خيرت الشاطر نائب المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين، مجرد أن خرج من السجن، رجاله بمكتب إرشاد الجماعة بالتعيين دون الانتخاب، ومن أبرز الذين تم تصعيدهم إلى مكتب الإرشاد، الدكتور حسام أبوبكر شريك الشاطر وصاحب شركة «هيونداى للمصاعد». كذلك تحمل وفاء مشهور، عضو مجلس الشورى عن حزب الحرية والعدالة، على كتفيها أيضا تاريخا من علاقات النسب والمصاهرة، فهى ابنة مصطفى مشهور المرشد الخامس للجماعة، وزوجة الدكتور محمد عبدالجواد، أحد بُناة التنظيم الدولى، وعضو مكتب الإرشاد الأسبق. * أحمد فهمى رئيس «الشورى» زوج أخت الرئيس * شبكة العلاقات.. مصاهرة محافظ المنوفية وأمين عام الجماعة الدكتور أحمد فهمى الذى تحول إلى أحد نجوم الحياة السياسية فى مصر بعد الثورة، بعد فوزه، بترشيح الجماعة له على منصب رئيس مجلس الشورى، يرتبط بعلاقة مصاهرة مركَّبة جعلته رجلا سعيد الحظ، فهو زوج لشقيقة الرئيس، وابنته زوجة ابن مرسى، فى الوقت ذاته. أما المهندس على بشر، عضو مكتب الإرشاد، فتولى فى أول حركة محافظين فى «الحقبة الإخوانية»، منصب محافظ المنوفية، ثم حقيبة وزارة التنمية المحلية. ويبدو «بشر» داخل مكتب الإرشاد رجلاً إصلاحيًا، لكنه «إصلاحى تصالحى» إن صح التعبير، ولم يعرف عنه التصادم بعنف مع قيادات الجماعة، ومناوشاته معهم من النوع «اللطيف»، التى لا تتعدى الخط الأحمر. ولا يخرج بشر من شبكة المصالح العائلية فى الجماعة بحكم صلة النسب مع الدكتور محمود حسين أمينها العام، الذى تزوج نجله المهندس ياسر من سارة ابنة بشر. * «القزاز» أعفى نجل الشاطر من المصروفات المدرسية.. فأصبح سكرتير مرسى * «الكرم الشاطرى» يشمل الأب والابن والأخ.. و«البلد بلدنا» المهندس خالد القزاز، سكرتير الرئيس، وواحد من أهم كوادر حملته الرئاسية، حظى بمكانة خاصة من الشاطر، بعدما أعفى ابنه «حسن» من المصاريف المدرسية، لمدرسة «المقطم للغات»، التى يملكها، وذلك حين كان الشاطر يقضى عقوبة السجن. حقق القزاز الذى يحمل الجنسية الكندية، مكانته وأهميته فى الجماعة، حين سافر إلى الولاياتالمتحدة، بالتزامن مع ترشيح الشاطر رئيسًا، والتقى إعلاميين وسياسيين وأكاديميين أمريكيين، لبحث «تنسيق المواقف» آنذاك. ومع صعود أسهم القزاز، حصل أبوه المهندس عدلى القزاز، على جانب من «كعكة المناصب»، فقد تم تعيينه مؤخرًا بوظيفة مستشار وزير التربية والتعليم، ل «شئون تطوير التعليم»، الأمر الذى أثار غضبًا كبيرًا داخل الوزارة، التى يردد كبار موظفيها أن الرجل هبط على المنصب ب «الباراشوت»، كونه لا يمتلك أدنى خبرة بشئون التعليم، وليست فى سيرته الذاتية، نجاحات كبرى، تؤهله لارتقاء هذا المنصب، باستثناء بعض المعلومات المتناثرة لرئاسته لما يطلق عليه «التحالف المصرى لتطوير التعليم»، وعضويته فى مجلس إدارة جمعية أصحاب المدارس الخاصة، ورئاسته لمنطقة القاهرة للكرة الطائرة قبل سنوات طويلة، والأهم من كل ما سبق أنه صاحب «المقطم للغات»، المدارس الإخوانية الأشهر التى تلقى إقبالا واسعا بين العائلات الإخوانية الكبرى، إلى درجة أن بعض الأسر تنقل محل الإقامة إلى المقطم لإلحاق أبنائها بها. وتعد «المقطم للغات» من أهم المقار التى تستضيف الدورات التدريبية لشباب الجماعة صيفًا، وكان سكرتير الرئيس الابن خالد القزاز، يلقى فيها المحاضرات على الشباب بنفسه، والمعروف أنها تحولت إلى «غرفة عمليات سرية» للإخوان أثناء الانتخابات البرلمانية، فالانتخابات الرئاسية، وذلك تحت إشراف خيرت الشاطر نفسه. إعفاء نجل الشاطر من المصاريف، كان فيما يبدو جميلًا أراد الشاطر أن يرده «بكرم حاتمى» أو بالأحرى «شاطرى»، فصعود عائلة القزاز شمل أيضًا، الدكتور حسين القزاز، أحد أبرز أعضاء الهيئة الاستشارية للرئيس، والمستشار الاقتصادى لحزب الحرية والعدالة، وأحد أهم واضعى المحور الاقتصادى ب «مشروع النهضة»، وأيضا العضو الاحتياطى ب «تأسيسية الدستور»، ومسئول التنظيم الدولى للإخوان فى الولاياتالمتحدةالأمريكية. * «غزلان» تزوج ابنة الشاطر فأصبح من «النخبة» تُعتبر عائلة خيرت الشاطر، وزيجات بناته، على وجه التحديد، نموذجا إخوانيا صارخا للحرص على حماية المصالح التنظيمية والسياسية والاقتصادية بروابط الدم وعلاقات المصاهرة، فزوج شقيقة الشاطر الصغرى هو الدكتور محمود غزلان الذى صعد إلى طبقة «النخبة» فى الجماعة، بعد زواجه بفاطمة الشاطر، وإنجابه منها أبناءه محمد وياسر وأنس وعبدالرحمن ويحيى، حيث اقترب بعد هذه الزيجة من دائرة نفوذ داخل التنظيم بلا حدود. وتحول غزلان إلى أحد رجال أعمال الجماعة البارزين، ودخل شريكا مع خيرت الشاطر فى شركة «الواحة»، إحدى المشروعات الزراعية الكبرى التى اعتمدت على استغلال خبرة غزلان، كأستاذ فى كلية الزراعة بجامعة الزقازيق. وامتلكت الشركة مزارع ضخمة لتربية الأبقار وإنتاج الألبان فى الكيلو 110 بطريق «القاهرة–الإسكندرية» الصحراوي، بخلاف مجال المبانى والمقاولات الذى ظهر فيه اسم غزلان، خصوصا بعد شراكته مع رجل الأعمال عبدالرحمن سعودى بشركة «التنمية العمرانية» التى كان غزلان عضو مجلس إدارتها، وسمية ابنة غزلان، متزوجة من إخوانى بارز آخر، هو الصيدلى خالد أبو شادى الذى يشغل منصبا قياديا فى قسم نشر الدعوة والتربية وهو ابن القيادى التاريخى للجماعة أحمد أبوشادى، وكذلك عائشة الابنة الثانية، فهى زوجة الدكتور محمد الحديدى مسئول «الإخوان المسلمون» فى ألمانيا لسنوات، ونجل صالح الحديدى أحد أعمدة النظام الخاص فى الإخوان.