سارت جلسة مجلس الأمة الكويتى امس على درجة من الهدوء فى التعامل مع القضايا المطروحة، ورغم معارضة الحكومة تشكيل أي لجنة برلمانية مؤقتة ، فإن مجلس الأمة كانت له الكلمة العليا أمس في إقرار عدد منها، إذ وافق على تشكيل لجنتين هما "المرأة والأسرة" و"حقوق الإنسان والبدون"، وفي المقابل رفض المجلس تشكيل لجان مؤقتة للظواهر السلبية ، والبيئة والطاقة النووية ، والزراعة والثروة الحيوانية ، وسحب طلبي إنشاء لجنتين مؤقتتين للإعلام والاتصال، والإسكان. وعلى صعيد لجان التحقيق ، لجأت الحكومة إلى حق "الفيتو" في مواجهة طلبات تشكيلها ، وطلبت التأجيل مدة أسبوعين لمناقشة مقترحات لتشكيل لجنة للتحقيق في عقد "شل" ، وكذلك لجنة للتحقيق بشأن ما أثير عن إيداعات في أرصدة بعض النواب خلال المجالس السابقة ، وتمت الاستجابة لطلبها، بما اثبت أن الحكومة رغم غياب رئيسها ونائبه وبعض الوزراء - الذين كانوا بصحبة امير الكويت فى اجتماعات مجلس التعاون الخليجى - نجحت فى سياستها منع اللجان المؤقتة التي قاربت الثماني في المجلس السابق وسببت ربكة لعمل اللجان البرلمانية آنذاك . في الوقت ذاته ، سجل المجلس نجاحا مهما على صعيد وضع جدول زمني لحسم عدد من القضايا الملحة في البلاد ، وهي: الاتفاقات الدولية التي ينتظر بعضها المصادقة عليه منذ سنوات ، والمشكلة الاسكانية ، الأزمة المرورية ، البطالة وتكويت القطاع الخاص، وقرر مناقشتها خلال الجلسات القادمة . واشاد المتحدثون بمضامين الخطاب الأميري فى افتتاح دور الانعقاد الاول العادى للفصل التشريعى الرابع عشر لمجلس الامة ، داعين الحكومة إلى الالتزام بما جاء فيه و أهمية تحقيق العدل والمساواة بين المواطنين .. ومن المقرر أن يستأنف المجلس خلال جلسته التكميلية اليوم مناقشة الخطاب الأميري . من جهة أخرى ، كشف النائب نبيل الفضل عن تقدم 10 نواب بطلب إلى المحكمة الدستورية لتفسير بعض مواد الدستور ، وقال في تصريح صحافي إن "هذه المواد لم يرد تفسير لها في المذكرة التفسيرية مما أدى إلى تردي الحوار تحت قبة البرلمان" ، مشيرا إلى وجود اعتقاد لدى البعض بأن حرية التعبير تجيز له التعدي على كرامات الآخرين من دون حساب .. موضحا أنه لا يوجد شعب يحترم نفسه يسمح بالاساءة إلى قيادته ، مشددا على ضرورة تشديد العقوبة على كل من تسول له نفسه الاساءة إلى الرموز الوطنية . وفى هذا الاطار ، ذكر عدد من المحامين أن انعقاد مجلس الأمة في تاريخ 16 ديسمبر الجاري يعتبر باطلا وفقا لأحكام الدستور ، وأوضحوا أن المادة " 90 " من الدستور تنص على أن "كل اجتماع يعقده مجلس الأمة في غير الزمان والمكان المقررين لاجتماعه يكون باطلا ، وتبطل بحكم القانون القرارات التي تصدر عنه " ، وأن دعوة مجلس الأمة للانعقاد يتم بإحدى طريقتين: اما بدعوة الأمير للانعقاد وتحديد الموعد ، أو في اليوم التالي للأسبوعين التاليين من انتهاء الانتخابات في حال عدم دعوة الأمير للانعقاد . وأضافوا /بما ان الانتخابات انتهت في السادس من شهر ديسمبر الجاري باعلان النتائج الرسمية النهائية ، فان الاجتماع الذي دعا له الأمير - في الثالث من ديسمبر - يعتبر باطلا وكأنه لم ينعقد لأنه تم قبل اعلان النتيجة النهائية للانتخابات /. وأشاروا الى ان المفترض ان يكون المجلس مدعو للانعقاد صباح اليوم التالي للأسبوعين التاليين للانتخابات وهو اليوم الذي يوافق 20 من شهر ديسمبر الحالي ، في حين كان انعقاد المجلس في 16 من ديسمبر بما يخالف نص الدستور. وقالوا إن القرارات التي اتخذت في الجلسة المنعقدة باطلة ، ويجب الغاؤها واعتبارها كأن لم تكن/ ، وأضافوا بما ان مجلس الأمة الحالي انعقد امس فتكون الجلسة بمثابة الجلسة الافتتاحية وتستوجب ان يترأس المجلس أكبر الأعضاء سنا ، ويتم اختيار رئيس للمجلس ونائب له ، وهو ما لم يحدث بتلك الجلسة بما يبطل كافة الاجراءات والقرارات التي اتخذت قبل تشكيل المجلس تشكيلا صحيحا . وأشاروا الى أن قبول المحكمة الدستورية طعونا انتخابية في تاريخ 23 ديسمبر ، وتحديدها جلسات للنظر فيها في اليوم التالي لانتهاء المواعيد المقررة لقبول الطعون يبطل العملية الانتخابية بكاملها ، مما يتطلب حل المجلس الحالي وعودة مجلس 2009 بقوة الدستور. ومن جانبه قال استاذ القانون الدستورى الدكتور هشام الصالح في تصريح لصحيفة " الوطن"، ان ذلك ليس من شأنه ترتيب اي اثر ولا يمكن اعتباره جلسة افتتاح المجلس كأن لم تكن ولا يترتب عليه ترتيب بطلان المجلس ، مشيرا الى ان هذه النصوص تنظيمية وليست قطعية بمعنى ان المشرع الدستوري قد نص عليها لتنظيم المسائل والمواقيت وحتى لا يبقى المجلس دون انعقاد بعد اجراء الانتخابات العامة فترة طويلة فتتأخر اعماله وتغيب الرقابة الشعبية وتتعطل اختصاصاته وهو ما لم يكن اذ صدر الدعوة في وقت مبكر عما يفترض ان يكون . واضاف /أن المشرع الدستوري رتب الجزاء وبشكل صريح على مخالفة المادة 87 من الدستور وتمثل فقط في اعتبار المجلس مدعو للاجتماع في الصباح التالي للاسبوعين ، وهنا يتضح لنا ان النص في جوهره تنظيمي وليس قطعياً بأن لا يترتب على مخالفته آثار معينة كما هو الحال في مدد الاستئناف مثلا اذ يترتب على مخالفة الفترة سقوط الحق وترتيب كون الحكم نهائياً وما الى ذلك لصراحة النص. ودعا الصالح مستشاري الحكومة الى ضرورة تلافي مثل هذه الاخطاء مستقبلا ، ومما لا شك فيه ان مرسوم الدعوة الى انعقاد مجلس الامة يعتبر من اعمال السيادة التي تخرج عن ولاية القضاء على نحو لا يجيز للقضاء النظر فيه او فحصه ، مؤكدا على سلامة انعقاد جلسة افتتاح مجلس الامة وما ترتب عليه من آثار واننا امام مجلس دستوري سليم وقائم يتمتع بكافة الاختصاصات الدستورية.