يحتفل العالم غدا الأحد باليوم الدولي لمكافحة الفساد 2012 تحت شعار (إعمل على مكافحة الفساد اليوم)، وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة قد اعتمدت في 31 أكتوبر عام 2003 اتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة الفساد وطلبت من الأمين العام أن يكلف مكتب الأممالمتحدة المعني بالمخدرات والجريمة بتولي مهام أمانة مؤتمر الدول الأطراف في الاتفاقية. كما اعتمدت الجمعية العامة يوم 9 ديسمبر للاحتفال باليوم الدولي لمكافحة الفساد من أجل إذكاء الوعي بمشكلة الفساد وبدور الاتفاقية في مكافحته ومنعه، وقد دخلت الاتفاقية حيز التنفيذ في ديسمبر عام 2005. وقد وجه الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون رسالة للعالم حيث أشار إلى أن التصدي لمشكلة الفساد أصبح أكثر إلحاحا من ذي قبل في ظل الجهود الحثيثة التي يبذلها المجتمع الدولي من أجل تحقيق الأهداف الإنمائية للألفية بحلول عام 2015، ووضع خطة لإحراز التقدم الاقتصادي والاجتماعي في السنوات اللاحقة. ولا يحسب ثمن الفساد ببلايين الدولارات من الموارد الحكومية المهدورة أو المسروقة فحسب، وإنما يتمثل أيضا وهو الثمن الأفدح في غياب المستشفيات والمدارس والمياه النظيفة والطرق والجسور التي كان يمكن تشييدها باستخدام تلك الأموال وأوضح الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون فى رسالته أن الفساد يقضي على الفرص المتاحة ويؤدي إلى تفشي الفوارق، كما يقوض حقوق الإنسان والحكم الرشيد، ويكبح عجلة النمو الاقتصادي ويتسبب في اختلال الأسواق. وتابع مون بأن الفساد يزيد من تفاقم المشاكل البيئية، من خلال إلقاء النفايات الخطرة بصورة غير مشروعة، والاتجار غير المشروع في الحيوانات والنباتات التي تساهم في تيسيره ممارسات الرشوة والحوافز غير المشروعة التي تحدد الجهات التي تمنح العقود، وخاصة منها تلك المتعلقة بمشاريع البنية التحتية الواسعة النطاق التي تدر أرباحا هائلة. وأكد على أن منع الفساد شرط حاسم لكفالة سيادة القانون، وأن عدد الدول الأطراف في اتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة الفساد بلغ 164 دولة، قائلا "لكننا بحاجة إلى تحقيق الانضمام العالمي إليها" . وشددت الجمعية العامة في اجتماعها الرفيع المستوى التاريخي بشأن سيادة القانون المعقود في سبتمبر، على أهمية التصدي للفساد ومنعه وأنه يجب على الحكومات أن تؤدي دورها، كما يجب على المواطنين رفع أصواتهم. وبين أن الفساد ليس بالقدر المحتوم، فهو نابع من الجشع وانتصار القلة غير الديمقراطية على تطلعات الكثيرين، وأضاف "في هذا اليوم الدولي لمكافحة الفساد، أدعو الجميع للعمل من أجل مستقبل مستدام نشهد فيه إماطة اللثام عن أوجه الفساد ونبذها، وتسود فيه النزاهة، وتتحقق فيه آمال وأحلام الملايين، فالفساد ظاهرة اجتماعية وسياسية واقتصادية معقدة تؤثر على جميع البلدان" . وقال الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون إن الفساد يقوض المؤسسات الديمقراطية ويبطيء التنمية الاقتصادية ويسهم في الاضطراب الحكومي، ويضرب في أسس المؤسسات الديمقراطية بتشويهه العمليات الانتخابية مما يحرف سيادة القانون عن مقاصدها ويؤدي إلى ظهور مستنقعات بيروقراطية لا بقاء لها إلا من خلال الرشى. وأضاف مون، كما أن التنمية الاقتصادية تتوقف بسبب تثيط الاستثمار الأجنبي المباشر، بسبب الفساد ويصبح من المستحيل للشركات الصغيرة داخل البلد التغلب على تكاليف بدء العمل. وتشير تقارير منظمة الشفافية الدولية حول الفساد في العالم لعام 2012، وهي منظمة غير حكومية أكدت على حاجة المؤسسات العامة إلى الالتزام بمزيد من الشفافية، وتوسيع نطاق المساءلة للمسؤولين. وقالت رئيس مجلس إدارة منظمة شفافية الدولية هوغيت لابيل "لا بد للحكومات من تضمين إجراءات مكافحة الفساد عند صنع القرارات العامة، وهناك أولويات في هذا المجال، مثل صياغة قواعد أفضل بخصوص الحشد والتمويل السياسي، والتزام المزيد من الشفافية حيال الإنفاق العام والصفقات العامة، وتوسيع نطاق مساءلة الهيئات العامة أمام الشعوب" . وأضافت لابيل، بعد عام من التركيز على الفساد نتوقع من الحكومات اتخاذ مواقف أكثر صرامة في مواجهة سوء استغلال السلطة، فنتائج مؤشر مدركات الفساد لعام 2012 تثبت أن المجتمعات ما زالت تتكبد تكلفة باهظة بسبب الفساد .