توقع تقرير جديد صادر عن البنك الدولى أن تصل درجات الحرارة فى منطقة الشرق الأوسط إلى مستويات قياسية مصحوبة بتدنى معدلات هطول المطر فى منطقة تمتلك أدنى موارد من المياه العذبة فى العالم ، مما يجعل هذه الموارد الطبيعية الثمينة أكثر ندرة. وأكد البنك الدولى أن التأثير المتوقع لتغير المناخ سيكون حادا بشكل خاص على منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ، مما يقتضى تحركا فوريا لتجنب العواقب المرتقبة الناجمة عن تفاقم ندرة المياه وتزايد انعدام الأمن الغذائى.
وعالميا كان 2010 أشد الأعوام حرارة على الإطلاق منذ بدء تسجيل درجات الحرارة فى أواخر القرن التاسع عشر ، ومن بين 19 دولة سجلت ارتفاعات قياسية فى درجات الحرارة كانت هناك خمس دول فى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
ويعرض التقرير الجديد الذى أصدره البنك بعنوان (التكيف مع مناخ متغير فى العالم العربى) تقييما شاملا للتهديدات التى تواجهها المنطقة نتيجة تزايد حدة الأحوال المناخية ، ويطرح حزمة من الخيارات فى مجال السياسات يجب اتخاذها للمهمة الملحة المتمثلة فى إدارة الآثار الراهنة وبناء القدرة على مواجهة الآثار المرتقبة.
وعلى مدى 30 عاما مضت ، أثرت الكوارث الناجمة عن تغير المناخ على 50 مليون شخص فى العالم العربى وكبدته خسائر مباشرة بلغت 12 مليار دولار بينما بلغت الخسائر غير المباشرة أضعاف ذلك. وتشير التوجهات الحديثة إلى أن المناطق الجافة تشتد جفافا بينما أصبحت السيول أكثر تواترا. وفى عام 2006 ، أدى فيضان نهر النيل إلى وفاة 600 شخص وأثر على نحو 118 ألفا آخرين ، فيما شهد عام 2008 أخيرا نهاية موجة جفاف قياسية استمرت خمس سنوات فى حوض نهر الأردن.
ويهدد المناخ الأشد حدة موارد العيش فى مختلف أنحاء المنطقة ، فالأحوال المناخية الحادة يمكن أن تؤثر على نحو 50 مليار دولار سنويا تدرها السياحة والزارعة اللتان تتعرضان بالفعل لضغوط هائلة بسبب المناخ..ومن شأن هذا المزيج من ارتفاع الحرارة وانخفاض هطول الأمطار وتزايد وتيرة موجات الجفاف أن يؤدى إلى قصور الزراعة وانخفاض المحصول مما يضع سكان الريف الذين يشكلون زهاء نصف سكان منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، تحت ضغوط متزايدة.
ويعزز تقرير البنك الدولى التحذير من أن الجهود التى بذلت على مدى عقود للحد من الفقر قد تتلاشى حسبما ورد فى تقرير جديد للبنك الدولى بعنوان (اخفضوا الحرارة : لماذا يجب تجنب ارتفاع درجة حرارة الأرض 4 درجات مئوية. وقد ظل العالم العربى على مدى قرون يتكيف مع تغير المناخ ، وله تاريخ طويل فى مواجهة التحديات المصاحبة لتغير المناخ كالتغير فى درجات الحرارة وهطول الأمطار ، وتتوالى المخاطر المناخية الجديدة فى الظهور بوتيرة أسرع ، ومنها احتمال ارتفاع درجة حرارة الأرض أربع درجات مئوية ، بينما تتعرض القدرة على المواجهة التى بنيت على مدى سنوات لاختبار قاس.
وأشار التقرير إلى أن الهجرة إلى المدن المكدسة بالفعل والمناطق الساحلية الضعيفة قد تتزايد..إلا أن المزيد من العواقب ربما تكمن فى قلب الأدوار الاجتماعية التقليدية، حيث إن الرجل فى العادة هو الذى يهاجر من أجل الحصول على وظيفة متدنية الأجر والمهارات بينما تبقى المرأة وحدها تتحمل المسئولية عن الزراعة والمجتمع. ويؤكد على ضرورة إدراج التكيف مع تغير المناخ فى كل السياسات والإجراءات الوطنية للتيقن من مرونتها إزاء تغير المناخ..ويشمل ذلك بذل الجهود بدء من جمع بيانات المناخ إلى تعزيز الخدمات الأساسية.
وشدد التقرير على أن المعلومات عن الأحوال المناخية الحادة مهمة للاستعداد للشدائد.. ومن شأن تحسين الحصول على الخدمات كالتعليم والصحة والصرف الصحي وكذلك شبكات الأمان الاجتماعي الفعالة للتعويض عن الفقدان المفاجىء لموارد الرزق ، أن يزود المواطنين بالمهارات والموارد اللازمة لمجابهة التحديات المتعلقة بالمناخ.