منذ الإعلان عن فكرة فيلم القادم «حضرة محمد» فى وسائل الإعلام ووكالات الأنباء الإيرانية، والتى تناقلتها وسائل الإعلام العربية فيما بعد، والخوف يتزايد من تجسيد دور النبى محمد (صلى الله عليه وسلم) على الشاشة. الإعلام الإيرانى ساهم فى هذه الضجة فى بداية الأمر، ولم ينف ظهور النبى على الشاشة، واكتفت «وكالة أنباء فارس» بالإشارة إلى أن الهجوم على الفيلم من الإعلام العربى يرجع إلى الخلاف المذهبى بين السنة والشيعة. الوكالة نشرت عددًا من الصور لأماكن التصوير، وأبطال الفيلم، دون التعريف بهم، الأمر الذى أثار كثيرًا من الجدل، حيث نشرت الصحف صورة لبطل فى الفيلم، جعلت الكثيرين يعتقدون أنها للنبى محمد (صلى الله عليه وسلم)، فى حين أنها (تلك الصورة) كانت للممثل الذى قام بدور «أبى طالب» فى الفيلم. كانت وكالة أنباء أهل البيت «ابنا» الإيرانية ذكرت أن مخرج وكاتب الفيلم «مجيد مجدى» نفى أنه سيسمح بظهور وجه النبى (صلى الله عليه وسلم) على الشاشة، طبقا لفتاوى المرجعيات الشيعية بعدم جواز تصوير النبى، وأئمة الشيعة الاثنى عشرية باعتبارهم «معصومين» وفقًا لعقيدتهم، وكذلك الخلفاء الراشدون. وأضافت الوكالة أن بعض وسائل الإعلام تريد إظهار السينما الإيرانية فى صورة تجعلها على النقيض تماما من السينما العربية، باعتبار أنهم يحللون ما يحرمه العرب على الشاشة. فيلم «حضرة محمد (صلى الله عليه وسلم)» من ثلاثة أجزاء، الجزء الأول يتطرق لحياة الرسول (صلى الله عليه وسلم) منذ لحظة ميلاده وحتى 12 سنة. وكان لدى «مجيد مجدى» تصور خاص، جعله يبحث عن ممثلين غير عاديين لأداء الأدوار فى الفيلم، فلم يكن يبحث عن مشاهير، بل عن الموهبة الحقيقية، وربما وجوه غير مألوفة لدى جمهور السينما، فوقع اختياره على عدد كبير من الممثلين المسرحيين، بعد رحلة طويلة من البحث استمرت عدة أشهر. وكشف «رضا ميركريمى» مدير الإنتاج لوكالة «فارس» أنه استعان بفريق عمل إيطالى، وعلى رأسهم الماكيير «جيانتو دروسى»، لعمل اختبارات ماكياج للممثلين، لمعرفة مدى ملاءمتهم للشخصيات التى سيقومون بتجسيدها. كذلك تم عمل اختبارات كاميرا بعد أن تم تصميم الملابس المناسبة لهم. استقر المخرج على اختيار «مهدى باكدل» لتجسيد دور «أبى طالب» عم الرسول (صلى الله عليه وسلم). وهو ممثل شاب، فى أوائل الثلاثينيات، قام ببطولة أكثر من 18 عملا مسرحيا، كما شارك فى عدد من الأعمال التليفزيونية والسينمائية. و يقوم بدور «عبد المطلب» جد الرسول (صلى الله عليه وسلم)، الممثل الإيرانى المسرحى «أمين تارخ» الذى بدأ مشواره الفنى منذ أكثر من 25 عاما. وهو ممثل مسرحى فى المقام الأول، لكنه قدم أعمالا متميزة فى السينما والتليفزيون، وحصل على العديد من الجوائز المحلية. وتلعب الفنانة الإيرانية الشابة «سارة بيات» دور «حليمة السعدية» مرضعة الرسول (صلى الله عليه وسلم)، والتى أعربت عن سعادتها لمشاركتها فى الفيلم، حتى أنها اعتذرت عن الأعمال التى عرضت عليها، كى تتفرغ لدراسة الشخصية. أما دور والدة الرسول (صلى الله عليه وسلم) فتجسده «مينا ساداتى»، وهى ممثلة إيرانية مبتدئة، فى أوائل الثلاثينيات من عمرها، وكان من المقرر أن يلعب دور «أبى سفيان» الممثل والمخرج والسيناريست «حميد فرخ نجاد»، وهو واحد من كبار الفنانين الإيرانيين، إلا أنه تم استبعاده فى اللحظات الأخيرة، وتمت الاستعانة بالممثل التلفزيونى داريوش فرهنج. يقول «عباس حسينى» رئيس مدينة السينما: نفذنا ديكورات للكعبة، قريبة من حجمها الحقيقى، وكذلك الأصنام، داخل قرية صغيرة ذات طابع صحراوى قريب من طبيعة الحياة فى مكة والمدينة المنورة. كما تم إعداد ديكورات لحجر إسماعيل وبئر زمزم، وبعض الآثار الإسلامية التى تخدم قصة الفيلم. وأكد «حسينى» أنه تمت الاستعانة بعدد ضخم من المصادر التاريخية التى توضح الشكل الذى كانت عليه الحياة وقتها، والكعبة تحديدًا فى فترة ما قبل الإٍسلام. عندما كانت تمتلئ بالأصنام، وكان الكفار يمارسون الرذيلة بالقرب من هناك. وأضاف أنه تم إنشاء ديكور لأكثر من 60 منزلًا، لكنهم اكتفوا بعمل ديكورات داخلية لسبعة منازل فحسب، من بينها منزل «إبى سفيان»، و«حليمة السعدية»، و«عبد المطلب». وقال إن هناك عددًا كبيرًا من الباحثين التاريخيين لمراجعة العمل تاريخيّا فى المراجع العربية والفارسية والإنجليزية، لتقديم معلومات غير مغلوطة على حد تعبيره. وبعث «عباس حسينى» مدير مدينة السينما برسالة إلى الإعلام العربى، يطمئنه بأن الفيلم لن يظهر وجه النبى (صلى الله عليه وسلم)، بل سيكتفى بتصوير وجوه «أبى طالب»، «أبى سفيان» وباقى الشخصيات. ولم يفصح أحد عن شخصية الطفل الذى سيلعب دور النبى، حتى الآن. وفى أعقاب الضجة التى أثارها الفيلم الأمريكى والرسوم الفرنسية المسيئة للرسول (صلى الله عليه وسلم)، أكد مجدى أن فيلمه يرد على الإساءة، التى وجهت للإسلام وللرسول الكريم، حيث إنه يبين حقيقة شخصيته، إلا أن الواضح أن هذا الأمر ربما يزيد النار اشتعالًا. جدير بالذكر أن المخرج «مجيد مجدى» يعد واحدًا من أكبر المخرجين فى إيران، نالت أعماله العديد من الجوائز المحلية والعالمية، ففى عام 1998 رشح للحصول على جائزة «أوسكار» أفضل فيلم أجنبى عن فيلمه «أطفال الجنة»، وفى عام 2001 تلقى مجيد مجيدى جائزة Douglas Sirk Award، كما حصل فى 2003على جائزة Amici Vittorio de Sica Award.