وضع الرئيس الأمريكي باراك أوباما، المنتهية ولايته، المرشح الجمهوري ميت رومني في موقف دفاعي في السياسة الخارجية مساء الاثنين في جامعة لين في بوكا راتون، بولاية فلوريدا، في المناظرة الثالثة والأخيرة التي أدارها بوب شيفر، المراسل الرئيسي لشبكة «سي بي إس نيوز»، وذلك وفقاً لآراء المحللين السياسيين واستطلاع فوري لشبكة «سي إن إن»، مما أتاح له الانتصار في المناظرة النهائية قبل أسبوعين من الانتخابات الأمريكية والمقرر التصويت فيها يوم 6 نوفمبر المقبل، وكانت قضايا الشرق الأوسط البقع الساخنة في تلك المناظرة. وأبرزت المناظرة طريقة تفكير كل من أوباما ورومني تجاه التحديات في الشرق الأوسط، واللافت للنظر أن رومني قام بدعم أوباما فيما يتعلق بالثورة المصرية، حين تم توجيه السؤال له عن طريقة تعامله تجاه الإطاحة بمبارك، قال رومني أنه متفق تماماً مع أوباما في ذلك. وأضاف أن من حق مصر أن تسعى للانتقال الديمقراطي دون المزيد من العنف، وإنه يدعم الانتفاضات في العالم العربي وتغيير النظام في مصر، وإنه لا يختلف مع استراتيجية أوباما ولكنه كانت لديه رؤية أفضل للمستقبل في تلك البلدان العربية، وعندما تم توجيه السؤال لأوباما عن ما إذا كان نادماً بعدم مساندة مبارك وعدم الإبقاء عليه، قال إنه غير نادم وإنه مستمر فى مساعدة مصر للنهوض باقتصادها المريض، مادامت الحكومة المصرية الجديدة تلتزم بإرساء قواعد الديمقراطية وحقوق الإنسان، خصوصا المرأة والأقليات الدينية داخل البلاد، ومادامت ستلتزم أيضا بمعاهدة السلام مع إسرائيل، لأن المساس بأمن إسرائيل يعد مساسا بأمن الولاياتالمتحدة، ولاتزال إسرائيل خطا أحمر لا يمكن تجاوزه. ولذلك اعتبرت صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية؛ أن رومنى هو المنتصر فى المناظرة الثالثة والأخيرة، كونه تعهد بأمن إسرائيل عسكريا، وذلك على خلفية التقارير التى بثتها الإذاعة العامة الإسرائيلية، التى أشارت إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتانياهو يدعم المرشح الجمهورى للرئاسة الأمريكية ميت رومنى، وذلك بعدما بث التليفزيون الأمريكى تقريرا يفيد باشتراك نتانياهو فى الحملة الانتخابية الخاصة برومنى من خلال الدعم المالى. ومن بين القضايا الأخرى التى نوقشت فى المناظرة طموحات إيران النووية، والصين، والحرب فى أفغانستان، وتعهد كل من المرشحين لدعم إسرائيل إذا تعرضت الدولة اليهودية للهجوم. واتهم أوباما؛ رومنى بسوء تعامله فى قضايا السياسة الخارجية، خصوصا رحلته إلى إنجلترا وإسرائيل وبولندا هذا الصيف، وأبرز أوباما أكثر من مرة عدم خبرة رومنى فى السياسة الخارجية، فى حين قال رومنى إن سياسة أوباما الخارجية جعلت الولاياتالمتحدة أقل احتراما وأكثر عرضة للهجوم الخارجى، وكان «الوضع فى ليبيا» والحرب الأهلية فى سوريا، ومنع إيران من الحصول على سلاح نووى؛ هى الموضوعات التى أعطت فرصة لرومنى من توجيه الاتهام لأوباما، وقال إنه أساء التعامل مع حالة عدم الاستقرار التى أعقبت الربيع العربى، وأشاد رومني بجهود أوباما لقتل أسامة بن لادن وغيره من زعماء تنظيم القاعدة، لكنه أصر على أن القتل وحده ليس الطريق للخروج من هذه الفوضى، ولابد من استراتيجية شاملة للحد من التطرف العنيف فى الشرق الأوسط. وقال رومنى: «لابد من التوصل لحل يجعل العالم الإسلامى يرفض التطرف من تلقاء نفسه». واتفق كل من جون كينج وديفيد جيرجن المحللين السياسيين؛ أن أوباما سيطر على المناظرة وكان الفائز فيها، واعترف أليكس كاستيلانوس، استراتيجى تابع للحزب الجمهورى ل «سى إن إن» بأن أوباما فاز فى المناظرة الثالثة، لكنه أضاف إن رومنى أظهر مصداقية كبيرة. أظهر استطلاع للرأى ل «سى إن إن»؛ أن نسبة تأييد أوباما كانت 48٪ مقابل 40٪ لرومنى، لذلك يعتبر إحصائيا حتى فى ظل هامش الخطأ فيه 4.5٪ زائد أو ناقص، وسجل آخر استطلاع أجرته شبكة «سى بى إس» أنه انتصار واضح لأوباما. استطلاع الرأى أظهر أيضا الفجوة بين الجنسين فى السباق الرئاسى، مع تفضيل النساء لأوباما كزعيم قوى بنسبة 59٪ إلى 39٪ لرومنى، فى حين أن الرجال أيدوا رومنى بنسبة 53٪ إلى 43٪ لأوباما، ويحتاج أوباما للتأكيد على هذا الدعم القوى من أصوات النساء اللاتى يشكلن نصف الناخبين الأمريكيين التى ساعدته فى الفوز فى عام 2008. يذكر أن نتيجة الانتخابات الأمريكية ترتكز على عدد قليل من الولايات الحاسمة، خصوصا ولايات أوهايو وفلوريدا وفرجينيا، ووفقا لآخر استطلاعات الرأى، يتقدم أوباما بفارق طفيف فى ولاية أوهايو، رومنى فى ولاية فلوريدا، وفرجينيا هى الولاية الساخنة، وقد اتفق المحللون أن أوباما فاز فى تلك المناظرة، لكنه هل تلك النتيجة سيكون لها تأثير كبير على الناخبين والسباق الرئاسي ككل. هذا وقد نشرت وسائل الإعلام الإيرانية المختلفة، والإذاعة الإيرانية المناظرة، التى أعلن فيها كل منهما عن سياسته الخارجية، بشكل تجعلهما يتعادلان من وجهة نظر إيران، فكلاهما يحمل نفس الأفكار المعادية لها، حيث إنهما اتفقا على الوقوف إلى جانب إسرائيل لمواجهتها، من ناحية أخرى فإنهما أكدا على ضرورة دعم المعارضة السورية بالسلاح والوقوف بجانبها لإسقاط نظام بشار، الأمر الذى ترفضه إيران بشدة، حيث إنها داعمة وبقوة للأسد. وفي استطلاع للرأي للإذاعة البريطانية «بى بى سى» فى قسمها الفارسى لنحو 21 دولة، نشرته على موقعها الثلاثاء 23 أكتوبر، أثبت أن غير الأمريكيين يفضلون أوباما عن رومنى، حيث إن 50 % أختار أوباما، و 9% فحسب اختاروا رومني، بينما تنوعت باقى النسب بين «لا أعرف»، أو «لا فرق بين كليهما»، وغيرها من الخيارات التى تضمنها التصويت.