نظام التعليم الجديد فى مصر عالمى وسيقضى على مافيا الدروس الخصوصية التعليم الفنى هو المستقبل ويجب أن تتغير نظرة المجتمع له متفائل جدًا بالمستقبل الاقتصادى فى مصر لأنه يسير فى الطريق الصحيح الأكاديمية العربية للعلوم الإدارية والمالية والمصرفية إحدى مؤسسات عمل عربى مشترك عمرها أكثر من ثلاثين عامًا نعمل على خمسة محاور رئيسية ومقرنا الرئيسى القاهرة.. وهدفنا إعداد وتأهيل الكوادر والقيادات فى شتى المجالات لدينا خريجون متميزون فى سوق العمل.. وأنشأنا رابطة لنظل فى تواصل مع خريجينا حينما يكون الحوار مع الدكتور مصطفى هديب، رئيس الأكاديمية العربية للعلوم الإدارية والمالية والمصرفية، بالتأكيد سوف يختلف كثيرًا عن أى حوار آخر، فهو ليس فقط رئيسًا للأكاديمية بل يمتلك خبرة اقتصادية كبيرة أتاحت لنا أن نناقشه فى تفاصيل برنامج الإصلاح الاقتصادى، وكذلك تطوير التعليم والنهوض بالتعليم الفنى والتدريب. وفى حواره معنا أكد «هديب» أن برنامج الإصلاح الاقتصادى الذى تتبناه الدولة يسير فى الشكل الصحيح، مشيرًا إلى أن المواطن سيشعر بعوائد مشروعات التنمية عندما ينزل للشارع من أجل العمل. وأكد فى حوار خاص ل«الصباح»، أن قرار تحرير سعر الصرف الذى اتخذته الدولة فى 2016 كان ضروريًا، لافتًا إلى أنه ساهم فى الحفاظ على استقرار سوق الصرف بالبلاد.. وإلى نص الحوار: * نريد أن نتعرف أكثر على الأكاديمية العربية للعلوم الإدارية والمالية والمصرفية.. وما أبرز أهدافها؟ - الأكاديمية العربية للعلوم الإدارية والمالية والمصرفية، هى إحدى مؤسسات العمل العربى المشترك، اُتخذ قرار إنشائها منذ أكثر من ثلاثين عامًا، وبالتحديد سنة 1985، من قبل الجمعية العمومية للمصارف العربية، لكى تتولى التعليم والتدريب المتخصص للقطاع المالى والمصرفى، سواء بنوك أو مؤسسات مالية وشركات استثمار وبورصات، وتم تشكيل مجلس أمناء مؤقت برئاسة الدكتور عبد العزيز حجازى، وفى سنة 1988 تم عقد اجتماع لاختيار دولة المقر وتقدمت عدة دول منها مصر ولبنان والبحرين وتونس والأردن. وفى ذلك الوقت كانت مصر خارج جامعة الدول العربية، وكانت لبنان تعانى من حرب أهلية، وقد اهتم المغفور له الملك حسين باستضافة الأكاديمية فى عمّان كدولة مقر، حيث استقبل مجلس الأمناء المؤقت، وتم اعتماد الأردن دولة مقر للأكاديمية. * متى بدأت العمل بالأكاديمية لتطويرها؟ - بدأت العمل بالأكاديمية سنة 1991، فى ذلك الوقت لم تكن ميزانيتها تتعدى 52 ألف دولار، وبعدها توسعت وأصبحت إحدى أكبر مؤسسات التعليم والتدريب والاستشارات والدراسات والبحوث فى القطاع المالى والمصرفى العربى، وأصبحت مرجعية أساسية للتعليم والتدريب والبحوث والدراسات المتخصصة. * ماذا عن خطة تدريب الشباب والتعاون بينكم وبين الأكاديمية الوطنية لتأهيل الشباب؟ - توجه الأكاديمية العربية أنشطتها كافة لتدريب وتطوير وتأهيل الشباب، وذلك بالتعاون مع العديد من مؤسسات الدولة، لتحقيق خطة التنمية المطلوبة لتوفير كوادر متخصصة فى جميع المجالات الإدارية والمالية والمصرفية، وذلك خلال أكثر من 30 عامًا منذ إنشائها وحتى الآن، وهو ما يتماشى مع سياسة الدولة واهتمامها بالشباب ولقاء القيادة السياسية بصفة مستمرة معهم من خلال مؤتمرات الشباب التى أصبحت تقام بصفة دورية فى مصر ودمجهم مع شباب المنطقة العربية والإفريقية. * ما أهم المحاور التى تعمل الأكاديمية عليها؟ - يسير العمل فى الأكاديمية على خمسة محاور رئيسية، هى: التعليم والتدريب البحوث والدراسات والنشر، والاستشارات، والعلاقات العربية والدولية. وتتعاون الأكاديمية مع العديد من المؤسسات الدولية تعليمًا وتدريبًا لتحقيق أهدافها. وبالنسبة للتعليم لدينا برامج تعليمية متكاملة من البكالوريوس إلى الماجستير والدكتوراه، واتخذ مجلس الأمناء قرارًا بنقل مقر الأكاديمية من عمان إلى القاهرة فى عام 2015، وستظل مصر دائمًا مركز للتعليم والتدريب. * تحدثت عن التعليم والتدريب وأهمية هذا الملف.. هل مصر بها برامج متميزة للتدريب والتعليم الفنى وما دور الأكاديمية فى تطوير هذه البرامج؟ - تسير مصر الآن وفق خطة استراتيجية (رؤية مصر 2030) لأول مرة فى تاريخها، حيث بدأت فى الفترة الأخيرة مؤسسات التقييم الدولية وغيرها من المؤسسات مثل البنك الدولى وصندوق النقد الدولى بالإشادة بخطة التنمية المصرية فى إصلاح الخلل الهيكلى فى الاقتصاد المصرى، والذى قد عانينا منه سنوات طويلة ولم تجرؤ أى حكومة فى الخمسين عامًا الماضية من الاقتراب منه، فكان الاهتمام الرئيسى فى الأربع سنوات الأولى هو لتهيئة البنية الأساسية المتهالكة كى تكون اللبنة الأساسية للتنمية الصناعية والزراعية والسياحية وغيرها من القطاعات، ثم انتقلنا بعد ذلك إلى إعادة بناء البشر من خلال تطوير منظومتى التعليم والصحة، حيث تشهد مصر الآن خطة تطوير متكاملة فى القطاع التعليمى للتركيز على المهارات المطلوبة فى سوق العمل وإعادة الاعتبار للتعليم الفنى الذى قد يكون قاطرة لخطة التنمية المستدامة فى مصر، والأكاديمية العربية هى أحد أركان هذه المنظومة كونها تقدم تعليمًا متخصصًا ودقيقًا لقطاعات محددة وفق وثيقة إنشائها. * ما رأيك فى نظام التعليم الجديد الذى تقوده وزارة التربية والتعليم؟ - نظام التعليم الجديد هو نظام موجود ومطبق بالفعل فى عدة دول، إلا أنه يواجه بهجوم شديد من مافيا التعليم فى مصر سواء على مستوى الدروس الخصوصية أو الكتب. وبالنسبة للتعليم الجامعى فإن النظام الجديد لإنشاء الجامعات هو الذى ينص على ضرورة التشارك مع جامعات دولية كبرى هو أفضل وأسرع الطرق لتطويره، ولنا فى هذا نموذج سنغافورة التى تعد من أفضل أنظمة التعليم فى العالم وذلك عن طريق المشاركة بين جامعاتها وجامعات أوروبية وأمريكية كبرى. * هل لدينا منظومة تدريب وتعليم فنى تؤهلنا لتحقيق رؤية مصر 2030؟ - تولى الدولة أهمية خاصة للتعليم والتدريب المتخصص، وأنشأت فى هذ المجال العديد من المعاهد والأكاديميات المتخصصة، وتقوم العديد من الجهات بتقديم دورات تدريبية موجهة لتحقيق غايات رؤية مصر 2030، وتقوم استراتيجية الأكاديمية حاليًا بالمزيد من الاهتمام بالتعليم والتدريب المتخصص لمواكبة ما يحدث فى العالم، حيث أنشأنا معهدًا للتحول الرقمى يقود العمل فيه مجموعة من الخبراء المتخصصين. * هل المجتمع المصرى مهيأ للتعامل مع هذا العالم الرقمى والتكنولوجيا؟ - المسألة ليست معقدة، وأصبحت الآن جميع فئات وطوائف الشعب المصرى حتى البسطاء منهم يمتلكون جهاز «الموبايل» بل ويجيدون التعامل معه تمامًا، وجيلنا يختلف عن الجيل الحالى الذى تطور فى التعامل مع التكنولوجيا، فحتى الأطفال الآن أصبحوا محترفين فى التعامل مع الوسائل التكنولوجية الحديثة، وسيكون التعامل مع البرامج الرقمية الجديدة سهلًا، حتى يتمكن المواطن البسيط من استخدامها. * كيف يمكن ربط استراتيجية التعليم بسوق العمل لتوفير عمالة مدربة؟ - نحن نعمل وفق استراتيجية الدولة، ولن يأتى مستثمر إلى مصر إلا إذا كانت هناك عمالة جاهزة ومدربة، ومن لا يرتفع بمستواه سيخرج من السوق العالمى، ولذلك يجب الاهتمام بالتعليم الفنى، وماذا سنستفيد إذا تم تخريج الآلاف من المحاسبين سنويًا وليس هناك فنيون مدربون، حتى أصبح هناك محاسبون وخريجو كليات طب يعملون فى المطاعم وفى وظائف لا تمت إلى تخصصاتهم بصلة، لأن السوق لا يحتاج إلى كل هذا العدد فى هذه التخصصات، لكنه فى أمس الحاجة إلى فنيين مدربين، لذلك لا بد أن نهتم بالتعليم الفنى، فعندما تأتى المصانع والشركات للاستثمار فى مصر فإنها ستحتاج فنيين وليس محاسبين وإداريين. * هل الأمر يحتاج إلى وزارة للتعليم الفنى من أجل التنظيم؟ - الأمر لا يتطلب وزارة خاصة، ولن تجد فى أوروبا أو أمريكا وزارة للتعليم وأخرى للتعليم الفنى وهكذا.. لكن هناك معايير يجب أن يتم اتباعها، ولا يجب أن نزيد من الأعباء الإدارية على الدولة، لأن عدد الموظفين بالدولة كبير جدًا، لكن ما نحتاجه هو دعم التعليم الفنى والمؤسسات الدولية مستعدة للقيام بهذا الدور، خاصة أن الاستثمارات فى المدارس الفنية تكلفتها عالية جدًا. * ماذا عن نظرة المجتمع للتعليم الفنى فى مصر؟ وبهذه المناسبة سألت فى إحدى المرات وزير التعليم الفنى والتدريب السابق: هل تقبل التحاق ابنك بالتعليم الفنى فكان رده دبلوماسيًا «حسب رغبته».. فكيف نغير هذه النظرة؟ - هذه قضية خطيرة جدًا، هناك أشياء تحتاج إلى سنوات لتغيير نظرة المجتمع لها، منها التعامل مع التكنولوجيا وتقبل الدراسة بالتعليم الفنى لأنها ثقافة مجتمع والثقافة تحتاج إلى سنوات وسنوات لتغييرها، أغلب أنجح رجال الأعمال فى العالم لم يحصلوا على بكالوريوس، ولم يكملوا دراستهم الجامعية، ومنهم بيل جيتس على سبيل المثال.. لكن دخول التكنولوجيا ستغير المفهوم لدينا بشكل تدريجى، لأن نمط الحياة سيتغير. * كيف يمكن أن نوفر العامل الماهر فى مصر خلال السنوات القادمة؟ - مع دخول شركات عالمية للاستثمار فى مصر وبناء المصانع الكبرى والاحتياج إلى العمالة الفنية المدربة، وعندما يجد المواطن أن الشركات تمنح الفنى والتكنولوجى راتبًا شهريًا أضعاف ما يتقاضاه المحاسب أو الموظف الإدارى، هكذا سوف تتغير نظرة المجتمع بشكل سريع للتعليم الفنى وتتجه نحوه الأبصار. ففى دولة مثل كوريا الجنوبية نجد أن التعليم الفنى هو الأساس ويأتى التعليم الجامعى التقليدى فى المرتبة التالية. * كيف نقضى على «الفهلوة» التى يتبعها كثير من الفنيين فى السوق المصرية؟ - لا بد أن تضع الدولة معايير محددة وتراخيص للعمالة الفنية كل فى تخصصه، وليس بالصورة العشوائية التى نراها الآن. * ننتقل لنقطة أخرى لكنها لا تنفصل عن قضية التدريب وهى الاقتصاد المصرى وبرنامج الإصلاح الذى بدأت فيه الحكومة.. كيف ترى نتائج هذا البرنامج وتأثيره على المواطنين؟ - لأول مرة نرى خطة استراتيجية طويلة الأمد تتمثل فى «رؤية مصر 2030» وهى خطة تنمية مستدامة تشمل القطاعات كافة، الصناعية والزراعية والسياحية وغيرها، تغطى خريطة مصر من أقصى حدودها الشرقية إلى الغربية بمشروعات تنموية تحقق ما نصبو إليه من امتداد عمرانى وتنموى يغطى خريطة مصر. * ماذا عن تعويم الجنيه.. كيف ترى تأثير هذا القرار على الاقتصاد المصرى؟ - يعتبر قرار تعويم الجنيه هو أهم وأخطر قرارات السياسة النقدية التى كان لا بد من اتخاذها تماشيًا مع برنامج الإصلاح الاقتصادى الذى بدأته الحكومة منذ سبع سنوات. ساهم هذا القرار فى إصلاح الاختلالات الهيكلية فى الاقتصاد المصرى التى عانت منها مصر خلال السنوات الماضية، وقد ساهم هذا القرار وغيره من القرارات فى وضع الاقتصاد المصرى على المسار الصحيح لأول مرة، وهو ما نراه فى تقارير مؤسسات التمويل الدولية ومؤسسات التقييم المختلفة. * إذن سيادتك متفائل بمستقبل الاقتصاد المصرى؟ - نعم.. متفائل جدًا بمستقبل الاقتصاد المصرى.. لأننا نسير بشكل صحيح على الرغم من الضغوط الشديدة التى يعانى منها المواطن فى حياته اليومية. * يتردد أن مصر استجابت لضغط من صندوق النقد الدولى فى برنامج الإصلاح.. كيف ترى ذلك؟ - إن برنامج الإصلاح الاقتصادى الذى قدم لصندوق النقد الدولى هو برنامج مصرى 100%، وكان دور الصندوق هو مناقشة تفاصيل هذا البرنامج وتوفير الدعم المالى اللازم لتحقيقه مع المراقبة على تنفيذه. * ماذا عن سياسة ترشيد الدعم؟ - الدعم السلعى هو سرطان فى جسد الاقتصاد المصرى ولا بد من تحويله إلى دعم نقدى بعد إعداد قاعدة بيانات دقيقة عن مستحقى هذا الدعم. * متى يشعر المواطن بعوائد مشروعات التنمية؟ - عندما يعمل وينتج سيشعر بنتيجة المشروعات، لا يمكن أن يجلس البعض على المقاهى ويتساءل عن نتيجة المشروعات ودورها، يجب أن يعمل الجميع ويجتهد ويطور من أدائه باستمرار حتى يشعر بنتاج جهده.