لم يولد فى يده آلة موسيقية لكنه عرف طريقه إلى الأنغام وتجده يعزف على الوتر فيهتز القلب أيضاً وينطلق الصوت ليحاكى رقة أوتاره و تتعانق الآه مع شجن المقام بخفة أصابعه ليقول هنا أشهر صناعى ألة العود بمحافظة الغربية . «إنه " إبراهيم سعيد " أو كما أطلق عليه أصدقائه " هيما عنوس " 33 عام وصاحب أكبر ورشة لصناعة ألة العود بطنطا حيث يجلس داخل ورشته على أطراف شارع العجيزى بين أعداد هائلة من الأخشاب ليصنع بهم فى نهاية الأمر تحفة فنية تسمى بألة العود بفضل حبه للفن وغرامة بالمقامات الشرقية وأصبح فى فتره وجيزة من أهم المصدرين للدول الأوربية والعربية . وروى " عنوس " عن بداية مشواره مع ألة العود قائلا ل " الصباح " منذ سن السابعة وأنا أعمل فى صناعة هذه الألة وكنت أصغر صانع لها فى العالم والفضل يرجع لشقيقي " أشرف " الذى كان أول من يمتلك ورشة خاصة لصناعته بالغربية وكنت اذهب إليها بأستمرار لأنبهارى الشديد بهذا العالم المليىء بالعذوبة والرقى وأصبح جزء من دمى وتعملت أول شىء هى صناعة " الطاسة " وهو الجزء الخلفى من ألة العود وأستمريت أعمل فى الورشة على يد الفنان " بكر داغر " لمدة 10 سنوات وفى ذات الوقت أجتهد فى دراستى حتى حصلت شهادة معهد حاسب ألى . وتابع ، حينها قررت أن أستقل بذاتى وفتحت ورشة خاصة لصناعة ألة العود فى البداية واجهت مصاعب كثيرة لأن البعض لا يتفهم أنها حرفة وفن ولكن شعورى بالتميز عن غيرى جعلنى أُكمل حتى الوصول لهدفى وبدأت مرحلة التصدير إلى دول الخليج وأمريكا وأوربا بعد عام واحد من بداية مشوارى وأشهر الفنانين الذين تعاملت معهم " دراع الهاجرى من الكويت ، جميل محمود الملقب بهرم الحجاز وغيرهم " كما شاركت فى صناعة ألة العود الموجود حاليا بمتحف سيد درويش فى دولة قطر . وعن مراحل صناعة العود يتحدث " عنوس" يستغرق العود الواحد أسبوعاً فى صناعته لأنه مكون من خامات كثيرة ومعقدة فهو يتكون من الوش والرقبة والقصعة " الطاسة " والأنف والأوتار تجمع كل هذه الأجزاء بألواح كبيرة من الخشب تقسم إلى شرائح توضع فوق مكواة حديدية ساخنة وتلصق بمادة صمغية ويتم تلميعها وتركيب الوتر والمفاتيح لتعطى فى النهاية شكل العود المتعارف عليه والذى يعتبر سيد الآلات الموسيقية بدون منافس. وأضاف ، صناعة العود الشىء الوحيد الذى لا يستطيع الغرب تقليده خاصة دولة الصين التى غزت الأسواق المصرية بمنتجاتها مؤخراً وذلك نتيجة طبيعية لأصل هذه الآلة الشرقية التى ترجع إلى آلاف السنين وربما لعصر الفراعنة حيث ظهرت على جدران معابد ومقابر القدماء المصريين ويتراوح أسعارها حسب خامتها من مائتى جنيه حتى عشرات الآلاف كما أنها أكتسبت شهرتها من قدرتها على البقاء ومنافسة آلات حديثة غربية كانت أو شرقية ولازالت تسهم فى إثراء الفن وتقديم عازفين مهرة. وعن أهم المشكلات التى تواجه الصناعة أكد ، أن عدم توافر أنواع الأخشاب المطلوبة فى صناعته أهمها خشب " السيسم الهندى ، الأبانوس الأفريقى ، الجوز التركى ، الصيدر الكندى ، الصبرحى الألمانى " وجميعهم يتم أستيراده من الخارج وبالتالى يؤثر على أسعاره والبعض يحجب عن شرائه بسبب ذلك خاصة لأنه متوفر فى الخارج بأسعار منخفضة . فى ختام حديثه قال " عنوس " ، أتمنى أن تدخل صناعة ألة العود فى الدراسة لأنه يربي الحس الفنى والأخلاقى داخل الانسان وهناك معاهد خاصة للتدريب عليه وهذا يساهم أيضاً فى توفير فرص عمل للشباب .