قبل أن تخمد نيران الفيلم الأميركي المسيء للنبي محمد (ص)، وفي تحدى جديد لمشاعر الدول الإسلامية، نشرت مجلة " تشارلي هابدو" الفرنسية على غلافها أمس، رسومات كاريكاتورية تسئ للنبي، الأمر الذي اعتبره مراقبون سوف يصعد من وتيرة الاحتجاجات في الشارع العربي مره أخري، وسيجعل مقرات السفارة الفرنسية مرمي للجماعات الإسلامية. واجتاحت البلدان العربية موجه من مشاعر الغضب، خلال الأيام الماضية، عقب عرض الفيلم الأميركي المسيء للنبي، وهو ما أسفر عن خسائر كبري في سفارات الولاياتالمتحدة أبرزها تفجير سفارة الأخيرة بليبيا ومقتل سفيرها، الأمر الذي دفع الحكومة الفرنسية في المبادرة لتهدئه الوضع، حيث خرج لوران فابيوس، وزير الخارجية الفرنسي، على مرئي ومسمع من العالم، معلنا أن تصرف المجلة استفزازي، واصفا ما حدث ب"القاء الزيت على النار". وطالب فابيوس، قوات الأمن تعزيز المكاتب الدبلوماسية الفرنسية في العالم الإسلامي، واصدر تعليمات مباشرة لاتخاذ الاحتياطات الأمنية، وإعادة صياغة لمبادئ حرية التعبير في فرنسا، وغلق 20 سفارة في بلدان عربية تحسبا لوقوع اضطرابات أمام مقراتها. وتظهر الرسوم التي نشرت علي غلاف المجلة صورة ليهودي "من الحريديم" متشدد دينيا"، وهو يقوم بدفع مسلم جالس علي كرسي متحرك مرتديا عمامة علي رأسه ومكتوب بجانب الصورة عبارة "محظور السخرية"، ذلك فضلا عن بعض الكاريكاتوريات داخل المجلة، التي تظهر النبي محمد بدون ملابس. وفى عام 2006 باعت المجلة من العدد الأسبوعي 160 ألف نسخة في اليوم الأول، و150 ألف نسخة في اليوم الثاني، عقب نشرها رسومات مسيئة، على إثرها تعرضت مكاتبها إلى إلقاء قنابل حارقة علي مكاتبها، اتهم فيها مسلمون فرنسا، وصرح رسام الكاريكاتير المسيء، ستيفن تشاربونير، المعروف ب "تشارب"، انه تم اختراق موقع المجلة وحظره، فيما دافع رئيس التحرير الحالي للمجلة جيرارد بيارد عن حرية التعبير. ووفقا لصحيفة "ذي تايمز اوف إسرائيل"، فإن المجلة الفرنسية نشرت تلك الصور على الرغم من المخاوف من غضب السكان المسلمين في فرنسا، وهو العدد الأكبر في أوروبا، ولذلك تم وضع شرطة مكافحة الشغب الفرنسي في حالة تأهب وبدأت الدوريات تتجه حول مكاتب المجلة الساخرة في العاصمة باريس. واعتبرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية، أن هذه الرسومات قد تثير الكثير من الاحتجاجات وتشعل النار مرة أخري داخل الشارع العربي الإسلامي، مثلما حدث في الفيلم المسيء للرسول، وتوقعت الصحيفة أن يكون الموقع الرسمي للمجلة تم اختراقه من الهاكرز، احتجاجا علي الصور المنشورة داخل المجلة، الأمر الذي جعل الشرطة الفرنسية تحيط المبني الرئيسي للمجلة في باريس خوفا من الهجوم عليه أو إلحاق أي ضرر به. وفي أول رد فعل على المجلة الفرنسية اندلعت تظاهرات في العاصمة الإيرانيةطهران تنديدا باستمرار الغرب في أساءه الرسول، ودخل طلاب جامعة طهران في اعتصاما مفتوح، وقالت "أزادي" من مشاركي التظاهرات، أن الإيرانيين يرفضون استمرار الغرب في أساءه النبي، مشيره إلى أن الطلاب سيتمرون في الاعتصام تنديدا باستمرار التهكم على شخص النبي، فيما قال ناشط إيراني معارض، شريطة عدم ذكر اسمه، أن إيران وحزب الله يستغلا مثل هذه الأحداث لإلهاء العالم عن ما يحدث في سوريا. قالت وكالة أنباء "فارس" الإيرانية ، إن القائمون علي المجلة حذروا المحرر، الذي نشر هذه الرسوم من عواقب هذا العمل، إلا أنه أعتبر أن هذه الرسوم تدخل في إطار حرية التعبير. متوقعة أن تثير مثل هذه الرسوم غضب المسلمين في جميع أنحاء العالم ، نظراً لزيادة الهجوم علي الإسلام في الآونة الأخيرة. وتعد فرنسا أكثر الدول الأوربية، التي تضم أكبر عدد للمسلمين، وهو الأمر الذي من المتوقع أن يسفر عن احتجاجات كبري في الشارع الفرنسي، خاصا وأن السلطات الفرنسية منعت المسلمين من التظاهر في جميع أنحاء "فرنسا" ضد الفيلم الأمريكي المسيء. ووفقا لصحيفة "هافنجتون بوست" البريطانية، فقد ناشدت السلطات الفرنسية محرري المجلة أن يتصرفوا بقدر من المسئولية وان يتم وقف نشر الرسوم الكاريكاتورية المسيئة، وقد اصدر رئيس الوزراء الفرنسي جان مارك ايرول بيانا أعرب فيه أن فرنسا لا توافق على تلك التجاوزات، ولكن محرري المجلة لم يهتموا معللين الأمر بأنهم كانوا فقط يمارسون حرية الصحافة. وتباينت ردود الأفعال في الشارع الفرنسي بين ما يري ذلك حرية تعبير وبين من يروه تهكم على شخص النبي، وبحسب ما ذكرت "اي بي سي نيوز" قال سيلفان مارسيجورا -21 عاما- طالب جامعي، إن فرنسا دولة تسود فيها الحرية ولا نستطيع أن منع احد منها، فيما قالت كارديناس تشابارا، أن الجميع مع حرية التعبير ولكن عندما يتعلق الأمر بالدين فلا ينبغي أن تؤذى مشاعر المتدينين. وأستنكر عميد مسجد باريس دليل أبو بكر، وأحمد جاب الله، رئيس اتحاد المنظمات الإسلامية الفرنسية، عن غضبهما في مؤتمر صحفي حول الرسوم الكاريكاتورية المسيئة في مجلة شارلي ابدو. وأشارت الصحيفة، إلى أن جماعة الإرشاد الديني الموجه، وهي مجموعة شاملة لمسلمي فرنسا، أصدرت بيانا أعربت فيه عن قلقها العميق إزاء الرسوم وحذرت من تفاقم التوترات وردود الفعل العنيفة، فيما حثت الحكومة الفرنسية السكان المسلمين بعدم التنازل عن الغضب أو التعبير عن سخطهم، وأن يتم ذلك في سلام وعبر الوسائل القانونية. جدير بالذكر أن المجلة الفرنسية الساخرة تأسست في عام 1970، وهى مجلة مستقلة، معروفة بالرسوم الكاريكاتورية السياسية، والرسوم الدينية اللاذعة، ويعمل بها العديد من رسامي الكاريكاتير الأكثر شهرة في فرنسا ومن بينهم كابو، وويلنسكى، وويليم، يوهان صفار، وتاردى، وتهتم بالأديان والعبادات، واليمين المتطرف، والكاثوليكية، والإسلام، وتميل لليسار الفوضوي، وتصدر كل أربعاء من كل أسبوع، وأحيانا تصدر طبعات خاصة على أساس غير مجدول.