لمست الوحدة في برد الشتاء فغنت "أديش كان في ناس"، وفرحت بعدما وجدت حبها فقدمت "أنا لحبيبي وحبيب إلي"، وعبرت عن الحب الذي لا يتوقف، بأغنية "حبيتك في الصيف حبيتك في الشتي"، وشدت لمصر ووصفت شط الإسكندرية ب"شط الهوى"، وأهدت سلامها لبيروت، وصَلت من أجل القدس. هي نهاد رزق وديع حداد، والملقبة ب "فيروز"، ولدت في بيروت بتاريخ 21 نوفمبرعام 1935م، بدأت الغناء وهي في عمر السادسة تقريباً في عام 1940م، حيث انضمت لكورال الإذاعة اللبنانية، قدمت حوالي 800 أغنية، بمساعدة الأخوين رجباني وهم ، زوجها عاصي الرحباني، وأخيه منصور رحباني.
عرفها العالم بصوتها المميز وحنجرتها الذهبية التي لم يولد مثلها، فكانت كلما غنت شعر المستمع وكأنه انتقل إلى عالم اخر فوق السحاب، فقدمت أنواع مختلفة من الأغاني، فغنت للحب والحزن وقدمت اغاني سياسية ودينية، فكانت تواكب جميع حالات مستمعيها بأغانيها. نشأت فيروز في منطقة بسيطة في بيروت، فعاشت في حارة زقاق البلاط، وكان والدها رجل بسيط يعمل في مطبعة الجريدة اللبنانية لوريون، أما والدتها فكانت امرأة مسيحية تدعى ليزا البستاني، وكانت تتقاسم مع جيرانها أدوات المطبخ.
عشقت فيروز الغناء منذ عمر السادسة، فكانت تستند على شباك غرفتها تستمع إلى "راديو" الجيران الذي كان يبث أغاني لأم كلثوم ومحمد عبد الوهاب وعبد الحليم حافظ.
كانت البداية الفنية لفيروز عندما أعلن الأستاذ محمد فليفل، أحد الأخوين فليفل اللذين لحنا النشيد الوطني السوري؛ في حفلة المدرسة التي أقيمت عام 1946م عن اكتشافه الجديد، ألا وهو صوت فيروز، لكن والدها رفض بسبب العادات والتقاليد، ولكنه وافق بعد أن أقنعه "فليفل" أنها لن تغني إلا الأغاني الوطنية، بشرط أن يرافقها شقيقها جوزيف . ثم انضمت فيروز إلى فرقة الإذاعة الوطنية اللبنانية بعد دخولها المعهد الوطني للموسيقى، بشهور قليلة، وعلقت "فيروز" عن هذا الحدث في أحد أحاديثها النادرة وقالت "كانت أمنيتي أن أغني في الإذاعة، وقد أخبروني أنني سوف أتقاضى مبلغ 100 ليرة (21 دولارًا) في الشهر، كانت فرحتي لا توصف، لكن في نهاية الشهر لم أكن محظوظة كفاية، بسبب خصم الضريبة".
توفيت والدت فيروز في نفس اليوم الذي سجلت فيه أغنية "يا جارة الوادي" من ألحان الموسيقار محمد عبد الوهاب، وتحولت إلى الكنيسة الأرثوذكسية الشرقي، بعد زواجها من عاصي الرحباني، الذي أنجبت منه كلا من الملحن وعازف البيانو اللبناني زياد الرحباني، ليال الرحباني وريما الرحباني وهالي الرحباني. قدّمت المئات من الغاني مع الأخوين رحباني، وأخيهما الأصغر إلياس، وهي أغاني أحدثت ثورة في الموسيقى العربية لتميزها بقصر المدة وقوة المعنى، بخلاف الأغاني العربية السائدة في ذلك الحين التي كانت تمتاز بالطول، وكان يميز أغاني فيروز البساطة في التعبير مع عمق الفكرة الموسيقية وتنوع المواضيع؛ حيث غنت للحب والأطفال، وللقدس لتمسكها بالقضية الفلسطينية، وللحزن والفرح والوطن والأم، كما قُدِّمت عدد كبير من أغاني فيروز ضمن مجموعة مسرحيات، وصل عددها إلى خمس عشرة مسرحيّة، من تأليف وتلحين الأخوين رحباني، و تنوّعت مواضيع المسرحيّات بين نقد الحاكم والشعب وتمجيد البطولة والحب بشتى أنواعه.
عشقت فيروز فلسطين فقدمت لها الكثير من الأغاني الوطنية، وأعلنت غضبها فقدمت "الغضب الساطع آت"، وغنت للشارع الفلسطيني "زهرة المدائن"، كما غنت " سيفٌ فليشهر" وقالت " أنا لا أنساكِ فلسطين، ويشدُ يشدُ بيّ البعدُ.. أنا في أفيائك نسرينُ، أنا زهر الشوك أنا الوردُ".