برزت المثلية الجنسية فى الأدب العربى منذ القدم كأحد الموضوعات الهامة المسكوت عنها والتى تحتوى دائمًا على تفاصيل مثيرة، حيث كان العرب يحبون الشباب الأملس ويتقربون إليهم، كماء جاء فى سير وتاريخ العرب، كذلك برزت فى شعر أبو نواس فى الغزل فكان أول من كتب الغزل الصريح فى الرجال واستحدث وقتها ما سمى (بالتغزل بالرجل) كما لم تخلو كتابات الجبرتى وحكايته التاريخية عن المثليين وعن بعض الخلفاء الأمويين والعباسيين الذين كان بضعهم من المثليين. وفى الفترة الأخيرة برزت مجموعة من الروايات التى تحدثت عن المثلية بشكل أعمق حيث كانت شخصية المثلى حاضرة فى بعض الأعمال الروائية العربية كشخصية ثانوية، كما فى «عمارة يعقوبيان» لعلاء الأسوانى، «لا سكاكين فى مطابخ هذه المدينة» لخالد خليفة لذلك نحاول أن نرصد فى هذا التقرير أهم الروايات العربية التى تحدثت عن هذا الموضوع. فى غرفة العنكبوت آخر الروايات التى تطرقت للمثلية الجنسية هى «فى غرفة العنكبوت» للكاتب محمد عبدالنبى عام 2016 حيث تعتمد الرواية على تسليط الضوء على حياء المثلييين بداية من حادثة «الكوين بوت» الشهيرة فى مصر عام 2001 حين ألقت السلطات القبض على اثنين وخمسين مثليًا بتهمة «ممارسة الفجور». وتبرز الرواية نماذج مختلفة للمثليين لتكسر الصورة النمطية المكرّسة فى وعى الناس عنهم فنقرأ عن عدة شخصيات مثلية وعن تجاربها وحياتها وقصصها من خلال علاقاتها مع هانى سواءً قبل القبض عليه أو بعده. ويستطرد الكاتب فى سرد قصص كل من عرفهم من أصدقاء ومعارف وحتى أشخاص مارس جنسًا سريعًا معهم كما يروى قصص الناس الذين عرفهم خلال أيام احتجازه لنصبح أمام مجموعة كبيرة من الشخصيات المثلية تتنوّع فى أفكارها ومواقفها وطرق عيشها إلا أن ما يجمعها كلها هو رفض المجتمع لها، وكيف ينعكس ذلك على تصرفاتها، فيأخذ رد الفعل أشكالاً عديدة، منها التقوقع ومنها التمرد ومنها الانتحار. رائحة القرفة تختلف رواية رائحة القرفة عن سابقتها حيث تتناول الكاتبة السورية يزبك موضوع المثلية الجنسية عند النساء فى روايتها رائحة القرفة، وتحكى الرواية علاقة سيدة من دمشق بخادمتها الصغيرة وتغوص فى عالميهما السفلى المدقع الفقر وعالم الطبقة المترفة، وتحول هذه العلاقة إلى لعبة قوية فى يد الخادمة وتجعل منها المبرر الوحيد لشعورها بإنسانية مفقودة، وتفتح عوالم مغلقة وممنوعة الإشهار، لأنها تمس أكثر مكامن الوجع فى روح الإنسان الخائف والمقموع». وتحاول الكاتبة ألا ترجع المثلية إلى عوامل نفسية أو اجتماعية بل تضيف إلى ذلك دون أن يبدو فى كتابتها وعظ أو تحليل واضح، عوامل اجتماعية وتربوية واقتصادية منها عادات اجتماعية تتسم بتخلف وظلم واستبداد عند الرجل ومنها الفقر والجهل. شارع العطايف تحكى رواية «شارع العطايف» للكاتب السعودى عبد الله بن بخيت قصة ثلاثة شبان سعوديين يعيشون فى شارع العطايف، وهو شارع فقير مهمل تجتمع فيه كل أسباب الانحراف وتفرض فيه علاقات القوة سطوتها على الجميع، الأمر الذى يجعل من المثلية ناتجًا مفروضًا من قبل الأقوياء على الضعفاء. وتستطرد الرواية فى سرد حكايات شخصيات مهزومة ومكسورة تشكل مثليتها عبئًا عليها بالدرجة الأولى فتضطر إلى ممارسة الجنس المثلى بسبب الانغلاق والتوق إلى أنثى غائبة يصعب رؤيتها والالتقاء بها فى مجتمع مغلق وبسبب التعرض للاغتصاب فى الطفولة وبسبب وجود طاقة جنسية لا يمكن تفريغها إلا من خلال العلاقات المثلية فتصبح المثلية مجرد جسر لتفريغ المكبوت. ونلاحظ أن شخصيات الرواية تحلم بالزواج كى تتخلص من واقع مثليتها فهى فى الداخل تحتقر مثليتها أو اضطرارها لممارسة المثلية وتنظر لها كعيب ينبغى التخلص منه، منتظرة أن تسنح لها فرصة الزواج كى تتخلص من مثليتها، ولكن أقدار الرواية تجنح بها نحو مصير واحد ينتهى بها إلى الموت. فندق بارون يتحدث الكاتب السورى عبدو خليل فى روايته «فندق بارون» عن امرأة إنجليزية جاءت إلى مدينة حلب ونزلت فى فندق «بارون» وفى إحدى السهرات تأخذها الحمية وتمارس الجنس مع أحد الأشخاص العرب، وكانت نتيجة هذه العلاقة أنها أنجبت بنت عادت إلى لندن وتتزوج من شخص غنى جدًا يورثها مالًا كثيرًا وتصاب بالأمراض، وتبدأ تحتضر عندها تخبر ابنتها بضرورة الذهاب إلى مدينة حلب وإلى فندق «بارون» تحديدًا لكى تجد والدها. قبل احتضار الأم كانت تمارس السحاق مع بنت فى عمر ابنتها كانت تقوم هى بدور الرجل والبنت بدور المرأة، وبعد أن تتعرف هذه البنت على ابنة المرأة التى تمارس معها السحاق تبدأ علاقة سحاق جديدة بينهما وتعرف الأم بتلك العلاقة، ولا تمانع فى استمرارها بشرط أن تتجه إلى العلاقة الجنسية الصحيحة حتى تكتمل أنوثتها وتنجب. أنا هى وأنت عالجت الكاتبة إلهام منصور موضوع المثلية الجنسية فى روايتها «أنا هى أنت» من خلال رؤية تحررية تنظر إلى المثلية كحق من الحقوق الفردية التى لا يحق لأحد التدخل فيها. وتدخل الرواية عالم المثلية الأنثوى من خلال تسليطها الضوء على حالات مختلفة منها قصة سهام التى لا تجد نفسها إلا فى المثلية الأنثوية وميمى المتزوجة التى تمارس الجنس المثلى بعد أن مارست الغيرى. ودافعت الرواية بشكل ضمنى عن حق بطلتها فى الاعتراف بهويتها وحقها فى إشهارها حيث نجد لغة متعاطفة مع البطلة تشرح عذابها وضياعها وتشرّد شهواتها فى ممرات ضيقة ساعية لإيجاد منافذ نور تعبر عن ذاتها من خلالها.