ينتظر الوفديون انتخابات حزبهم التى تُجرى بعد 8 شهور من الآن، على مقعد رئيس الحزب، على صفيح ساخن بسبب الصراعات الدائمة داخل بيت الأمة والاستقالات المتكررة من رئيس الحزب الدكتور السيد البدوى والقيادى بالحزب الدكتور بهاء أبوشُقة. وعلى خطى حزب المصريين الأحرار الذى بالكاد تم تأميمه، تجرى محاولات تأميم حزب الوفد بهيئته البرلمانية داخل مجلس النواب، والتى بدأت من استقطاب القيادات الشبابية داخل الحزب، منذ تأسيس حزب مستقبل وطن، أما على مستوى رئاسة الحزب فتجرى الانتخابات القادمة وسط تخوفات من أعضاء الحزب من تكرار سيناريو حزب المصريين الأحرار فى الوفد، بعد تصعيد الدكتور عصام خليل، وهو السيناريو الأقرب بعد إعلان المستشار بهاء أبوشقة ترشحه للانتخابات، رغم مواقفه التى كانت مضادة لمواقف الحزب داخل البرلمان وكان دائمًا يختار صف ائتلاف «دعم مصر»، لتجرى الانتخابات القادمة وسط صراعات قوية بين صف تيار الوفد القدامى والشباب حفاظًا على حزبهم من «سطو الحكومة». بهاء أبوشقة رجل القانون تعلم كيف يراوغ جيدًا، فبعد أن كان الرجل الأول فى البرلمان فى تمرير اتفاقية تيران وصنافير من خلال اللجنة التشريعية، تغيب عن الجلسة العامة وقت التصويت الجماعى عليها. موقف أبوشقة من الاتفاقية أحدث أزمة حقيقية داخل حزب الوفد، وتسببت فى معارضات كبيرة للنائب الأكبر سنًا والذى تولى أولى جلسات البرلمان، لأنه أخذ صفًا مضادًا لموقف الحزب الذى من المفترض أنه كان يرأس هيئته البرلمانية. «أبوشقة» تغيب عن الجلسة العامة للبرلمان التى عقدت فى 14 يونيو الماضى، ليتبرأ من الاتفاقية أمام شباب الوفد ومن دعمه لموقف الحكومة فى اللجنة التشريعية بعد الهجوم الحاد من شباب الوفد وأعضاء الهيئة البرلمانية والهيئة العليا، فصدر عن مكتبه بيان يبرر تغيبه عن اللجنة العامة للمناقشة وأنه كان فى قضية كبرى للغاية، لكن البيان أحدث نتيجة عكسية فى مردوده بين شباب الوفد ليزداد الشباب فى هجومهم الذى اختلط بالسخرية من رئيس اللجنة التشريعية بالبرلمان، فى تساؤلاتهم عن أهمية القضية التى تتسبب فى تغيبه عن جلسة بهذا الشكل، رغم أنه يعمل فى مجال الجنايات. أبوشقة اضطر لإصدار بيان لاحق ينفى فيه كل ما جاء فى البيان السابق، وقال إنه لم يصدر من مكتبه فى الأصل، لكن مصدر مقرب من المستشار بهاء أبوشقة شدد فى تصريحات ل«الصباح» أن البيان الصادر عن مكتب المستشار بهاء أبوشقة كان بأوامر شخصية منه، وأنه هو نفسه من كتب البيان وراجعه، وأن أسلوب كتابة البيان وصياغته اللغوية، واختيار المفردات، هى طريقة المستشار بهاء أبوشقة فى الكتابة وأن مكتبه هو الذى أرسله لأحد المواقع البرلمانية. مصادر مطلعة بحزب الوفد، أكدت أن اجتماعًا طارئًا عقد فى الهيئة العليا للحزب بحضور كل أعضاء الهيئة البرلمانية، عقب موقف المستشار بهاء أبوشقة من اتفاقية تيران وصنافير، المصادر أكدت أن الاجتماع شهد هجومًا حادًا على أبوشقة وانتقادات لاذعة، وقال أعضاء الهيئة البرلمانية خلال الاجتماع إن أبوشقة لا يعقد معهم أى اجتماعات، وأنه «مش فاضى للهيئة أو الحزب» وخرج الاجتماع بنتيجة أن بهاء أبوشقة لا يصلح رئيسًا للهيئة البرلمانية لحزب الوفد لعدة أسباب منها مواقفه المضادة وغير المتطابقة مع الهيئة البرلمانية لحزب الوفد بالبرلمان، والتى دائمًا ما تأخذ جانب الحكومة. النائب صلاح عقيل عضو الهيئة البرلمانية للحزب تولى فى هذا الاجتماع منصب رئيس الهيئة البرلمانية للحزب، وهو من نواب الحزب الذين دخلوا البرلمان بالنظام الفردى عن محافظة أسيوط، وعقب الاجتماع اعتبر بهاء أبوشقة أن القرار بمثابة إقالة له، وهو أمر لا يتماشى مع تاريخه السياسى فى حزب الوفد، وهو ما زاد رغبته لخوض انتخابات رئاسة الوفد القادمة لرد هيبته بالإضافة إلى دعم جهات الدولة لقرار ترشحه. بيان الاستقالة التى أعلن عنها أبوشقة جاءت عقب الاجتماع الذى تقرر فيه الإطاحة به من رئاسة الهيئة البرلمانية ولم يكن سببها ما أعلنه عن اختراق غير الوفديين للحزب، وذلك بحسب المصدر الذى طلب عدم الإفصاح عن هويته. أبوشقة عقب إعلانه عن الاستقالة أغلق هاتفه وسافر إلى قضاء رحلة فى الساحل الشمالى، وترك الحزب فى أزمته، ورفض الذهاب لحضور الإفطار الجماعى الذى دعا إليه «هانى سرى الدين». أما بالنسبة لخوضه الانتخابات على مقعد رئيس الحزب، فأكد المصدر أن الحديث يدور داخل أروقة حزب الوفد بالنقد ضد بهاء أبوشقة، وأنه كان سكرتير عام ضعيف فى الأداء والنشاط والقيام بالواجبات والجولات فى المحافظات إذا ما قورن بالسكرتير العام السابق الدكتور فؤاد بدراوى الذى انشق عن الحزب وأنشأ تيار الإصلاح، وذلك نظرًا للسن ومسئولياته فى البرلمان، وهو سيكون الحال نفسه إذا ما فاز برئاسة حزب الوفد، فسيضطر إلى تفويض غيره فى أغلب مهامه ولن يكون هو المحرك والدينامو داخل الحزب ومن المؤكد أنه سيشهد خلق تيارات كثيرة داخل الحزب لهشاشة وضعف الإدارة إذا ما تولى أبوشقة الرئاسة. وأضاف المصدر أن مكتبه سرب خبرًا مفاده أن المستشار ما زال يدرس قرار ترشحه للانتخابات ولم يحسم بعد، وأكد المصدر أن أسرة بهاء أبوشقة تضغط عليه كثيرًا لعدم الترشح لهذا المنصب الذى لا يحتاجه بحسب رؤيتهم وأبرز المعارضين له داخل أسرته فى قرار الترشح للانتخابات الوفدية هو «محمد بهاء الدين أبوشقة» والذى يعمل مستشارًا قانونيًا للرئيس عبد الفتاح السيسى. وأشار المصدر إلى أن انتخابات الوفد حاليًا تشهد ثلاثة تيارات، الأول هو تيار المستشار بهاء أبوشقة ورغم معارضة الحزب لكثير من مواقفه داخل البرلمان إلا أنه يمثل التيار المحافظ داخل الحزب، أو بحسب وصفه «الوفديين القدامى»، لكن هذا التيار يمكن أن يشهد انقسامات، فالمصدر شدد على أن محمد عبدالعليم داود، العضو البارز فى حزب الوفد ومن أقدم الأعضاء الذين لهم تاريخ نيابى كبير يدرس بقوة قرار ترشحه لرئاسة الحزب، لإنقاذه من براثن المستشار بهاء أبوشقة التى ستسلمه للدولة وتقوم بتأميمه لصالح النظام السياسى ليتحول من هيئة برلمانية معارضة داخل مجلس النواب إلى حزب سياسى تابع للدولة وداعم لتوجهاته داخل البرلمان وهو السيناريو الأقرب للتنفيذ على خطى السيناريو الذى حدث مع حزب المصريين الأحرار. وشدد المصدر على أن عبدالعليم داود يحسم فى قرارة نفسه قرار خوض الانتخابات الوفدية، والمقربون منه يعلمون هذا جيدًا لكنه لن يعلن هذا الآن لتجنب حروب الانتخابات المبكرة، مشيرًا إلى أن المواقف السياسية لكلا الطرفين «عبد العليم _ أبوشقة» ترجح كفة الأول الذى مزق بيان الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك داخل البرلمان فى السابقة الأولى فى التاريخ إلى جانب المواقف السياسية الأخرى التى تلقى قبولًا داخل أروقة حزب الوفد، وكان يشغل منصب وكيل مجلس الشعب ويدعمه حسين منصور نائب رئيس الحزب، وهو شخصية تلقى قبولًا كبيرًا داخل الحزب، ويسيطر على كتلة تصويتية كبيرة، وحصل على الأكثر أصواتًا فى انتخابات الوفد الأخيرة، مشيرًا إلى أنه فى حزب الوفد لا أحد يستطيع أن يجزم أو يقطع بالرؤية السياسية للمستشار أبوشقة، إلا أنه يعتمد على تاريخه السياسى فقط، إلى جانب أن مواقفه السياسية خفضت من أسهمه كثيرًا. أما التيار الثانى داخل حزب الوفد فهو تيار «حسام الخولى» الذى أعلن ترشحه بشكل نهائى لانتخابات حزب الوفد، وهو تيار قوى داخل حزب الوفد، وهناك ياسر حسان من أبرز الداعمين لحسام الخولى. المصدر أكد فى تصريحه ل«الصباح» إن محاولات تفكيك حزب الوفد بدأت من فترة، على مراحل، بداية من تأسيس حزب مستقبل وطن، ثم مؤخرًا تولى الدكتور عصام خليل رئاسة حزب المصريين الأحرار، وفى المرتين كان يعرض على شباب الوفد من رؤساء اللجان النوعية والمحافظات تولى مناصب فى الحزبين برواتب شهرية وعروض أخرى مغرية بدعمهم فى انتخابات المحليات وضمان فوزهم، وانتخابات اتحادات الطلاب فى الجامعات. من جانبه قال عمر المصرى أمين صندوق شباب الوفد إن أكثر من ثلاثة تيارات الآن تصارع على رئاسة حزب الوفد فى الانتخابات القادمة، لكن حال فتح باب الانتخابات وإعلان المستشار بهاء أبوشقة ترشحه بشكل رسمى فتاريخه الوفدى يضمن له النجاح، لكن المنافسة لن تكون سهلة إذا أعلن محمد عبدالعليم داود هو الآخر ترشحه لرئاسة الوفد.