يضطلع بتفاصيل القضية إبراهيم سعودى، مُحامى المدعين الذين يتخطى عددهم 40 موكلًا من سكان منطقة الزمالك، بينهم «سميرة» الحريصة على حضور الجلسات المُتتابعة، والتى تابعت شرح وجهة نظرها: «الشارع اللى اختاروه للمحطة صغير جدًا واتجاه واحد، إحنا خايفين على البيوت والأرواح». بدأ النزاع القضائى بتقديم «سعودى» لدراسات هندسية خاصة تُرجح وقوع منطقة الزمالك فى خطر شديد جراء تنفيذ أعمال مسار المرحلة الثالثة من الخط الثالث لمترو الأنفاق، من شأنها تهديد التراث المعمارى والثقافى فى المنطقة، فضلاً عن اكتشاف مسار بديل كانت هيئة المعونة اليابانية «جايكا» قد رشحته أوائل الألفية الحالية، يمر إلى منطقة الكيت كات عبر كبرى علوى، أعلى سطح الماء، كما هو موضح حسب «سعودى» فى أحد كتب وزير النقل الأسبق إبراهيم الدميرى. يقول سعودى: «المسار الجديد أقل كلفة وأكثر أمنًا، تكلفته لا تتجاوز 3% من تكلفة الحفر تحت الأرض، الموضوع مافيهوش شفافية وماحسناش بأى دراسات جدية للتربة فى الزمالك». ويؤكد سعودى كذلك وجود علامات استفهام حول زيادة قيمة فوائد قروض المراحل الثلاث الأولى من الخط الثالث لمترو الأنفاق، وفقًا لبعض مُستندات القضية بينها البروتوكول المالى الموقع بين الحكومة والجهة الفرنسية المُمولة للمشروع: «الفائدة فى المرحلة الأولى كانت 0.02% فى المرحلة الثالثة أصبحت 1.97%». بعد تضخم ملف القضية قرر «سعودى» فصل أهم المُستندات التى تؤيد وجهة نظر المدعين فى حافظة مستقلة قدمها لهيئة المحكمة، بينها مُقتطفات من دراسة تقييم الأثر البيئى والاجتماعى للمرحلة الثالثة من مشروع خط مترو أنفاق القاهرة الثالث، يوصى بعضها برصد الاهتزازات أثناء مراحل الإنشاء والتشغيل للحفاظ على المبانى ذات القيمة التاريخية المهمة بمنطقة الزمالك، وكذلك حفظ المبانى بمناطق بولاق الدكرور وبولاق أبوالعلا من الانهيار لسوء حالتها، ورغم ذلك لم تتصاعد الاعتراضات سوى من سُكان الزمالك. فى مُحادثة هاتفية مع «المصرى اليوم» يوضح المُتحدث باسم الهيئة القومية للأنفاق، المهندس حسن توفيق، أن الزعم بعدم ملاءمة التربة بالجزيرة لأعمال الحفر غير صحيح هندسيًا وعلميًا، مدللا على ذلك بمحطة مترو الأوبرا ضمن الخط الثانى لمترو الأنفاق، والواقعة كذلك فى نطاق جزيرة الزمالك: «محطة الأوبرا افتُتحت سنة 1996، وإحنا عارفين تربتها كويس. والمفروض النهارده بعد 21 سنة تكون التكنولوجيا تطورت»، يقول «توفيق» إن أعمال الحفر سوف تتم بتقنية عالية على عمق يبلغ 30 مترًا تحت سطح الأرض، وهى مسافة بعيدة عن أعمق أساسات للبنايات المُجاورة ما يجعلها آمنة تمامًا، فيما أكد أن الاختبارات الجارية على المنطقة لاختيار المسار من شارع إسماعيل محمد على وجه التحديد مُستمرة منذ ما يزيد على 10 سنوات، واشترك فيها عدد من الخبراء والمكاتب الاستشارية العالمية وليس «هيئة الأنفاق» فحسب. وعن المسار البديل المُرجح من قبل دراسة Creats المُعدة من هيئة المعونة اليابانية، والذى كان يخص الخط الرابع من مترو الأنفاق، وليس الثالث بيد أن تطور الكثافة السكانية ومعالم الطرق والأحوال المرورية أخرجها عن نطاق النفاذ قال توفيق: «أنا مُجبر على اختيار الأنفاق، هو حد عاوز يدفع أكتر؟ لكن أنا عاوز مساحة من الطريق بعرض 20 مترا للرصيف والقطارات من رمسيس للكورنيش، كدا هنزود الزحام». من جهة أخرى، تواصلت «المصرى اليوم» مع هيئة المعونة اليابانية جايكا، بيد أن الهيئة رفضت التعليق استشعارًا للحرج. فى جلسة ال18 من إبريل الماضى، تم حجز الدعوى رقم 55989 للحكم فى الأول من يوليو 2017، الأمر الذى يعتبره «سعودى» خطوة إيجابية، ذيّلها بطلبين من هيئة المحكمة، وهما قبول الدعوى شكلاً وإلغاء القرار المطعون فيه بتحديد مسار المرحلة الثالثة من الخط الثالث لمترو الأنفاق بشارع إسماعيل محمد. حصّن «سعودى» الدعوة بطلب احتياطى، وهو ندب لجنة فنية من أساتذة كليات الهندسة والمركز القومى للبحوث لبيان مدى تأثير الاهتزازات والحفر بشارع إسماعيل محمد على المبانى والعقارات الأثرية، ويقول المُحامى: «لو القاضى لم يطمئن للدفوع بتاعتنا هنطلب ندب الخبراء، فى ناس عاوزة تصور إن سكان الزمالك رافضين المترو لأسباب طبقية ودا كلام فارغ، الناس خايفة على بيوتها». وقبل ختام حديثه مع «المصرى اليوم» يقول المُهندس توفيق: «إحنا ملناش مصلحة إن المترو يمشى فى الزمالك، إحنا بنشتغل لمصلحة المواطن وحريصين على سكان أى منطقة بنمر بيها أكتر من السكان نفسهم»، هكذا يؤكد المُتحدث باسم الهيئة القومية للأنفاق، ويضيف: «إحنا ساكتين، واللى القضاء يحكم بيه إحنا ملتزمين بيه»، وقال مسئول فى محافظة القاهرة أن الدولة تسير نحو التنفيذ مالم يصدر حكم قضائى يخالف ذلك.
