لا إحصاءات ولا بيانات رسمية من «الزراعة».. و«الخدمات البيطرية»: جاء عبر الحيوانات المهربة من ليبيا بيطريون: نفوق أغنام ومواشى بالجيزة والبحيرة والغربية والمنوفية بفيروس اللسان الأزرق بينما تتجه الهيئة العامة للخدمات البيطرية التابعة لوزارة الزراعة، نحو تنفيذ حملة مكبرة لتحصين المواشى وتسجيلها ضد مرض الحمى القلاعية المنتشر بصورة كبيرة بمختلف المحافظات، تظهر حالات جديدة من فيروس اللسان الأزرق الذى يصيب الأغنام والماعز والمواشى، ويعد رقم 16 فى قائمة الأمراض الأشد فتكًا بالحيوانات، وسط تكتم من وزارة الزراعة على الحالات التى يتم تسجيلها بالمحافظات. أطباء بيطريون بعدة محافظات كشفوا ل«الصباح» تسجيلهم لحالات إصابة بفيروس اللسان الأزرق، منها حالات نفوق، مؤكدين بدء المرض فى الانتشار خلال الأشهر الماضية، وسط غياب عمليات التحصين أو الكشف على الحيوانات، كون هذا الفيروس جديد على المزارعين. ففى محافظاتالجيزة والبحيرة والغربية والمنوفية، أكد أطباء بيطريون ل «الصباح» على نفوق مواشى لإصابتها بهذا المرض، نتيجة لتسربه مع الحيوانات المهربة من ليبيا عبر الحدود الليبية المصرية، بالإضافة إلى تعدد السلالات داخل مصر، واستيراد سلالات جديدة». وفى تصريح ل«الصباح»، تقول الدكتور حنان قرنى، المفتشة البيطرية بمديرية الطب بالجيزة، «تم تسجيل عدد كبير من الإصابات بمرض اللسان الأزرق، فى الجيزةومحافظات الوجه البحرى، ونفوق حالات بعد إصابتها بهذا المرض»، مشيرة إلى أن السبب الرئيسى فى انتشار هذا المرض هو «استيراد سلالات جديدة من الخارج، وتهريب الحيوانات المصابة من ليبيا إلى مصر». وأضافت حنان قرنى، «الحالات التى تم رصدها من قبل زملائها البيطريين، تمثلت فى إصابة الأغنام بتسمم حاد ولسان أزرق للأغنام، تبعها على الفور نفوق سريع، لافتة إلى أن تشخيص الأطباء البيطريين أكد إصابة هذه الحيوانات بفيروس اللسان الأزرق، فى ظل انتشار حاد لفيروس الحمى القلاعية وانشغال المسئولين بتحصين المواشى ضده». وقال الدكتور البيطرى رضا قادر، بمديرية الطب البيطرى بالبحيرة، إن المرض ظهر بين الأغنام فى المحافظة، لكنه لم يظهر حتى الآن فى الأبقار، مؤكدًا على المربين والفلاحين توخى الحذر عند شراء أى حيوان مهرب من دول مجاورة خاصة ليبيا لانتشار المرض بها، مشيرًا إلى عدم وجود أى إمكانيات أو تحصينات لمواجهة هذا المرض المعدى. ويوضح أن اللسان الأزرق مرض معدى فيروسى ينتقل عن طريق الحشرات المفصلية ويصيب الأغنام بصفة أساسية وأحيانًا الأبقار ويتميز بالالتهاب داخل وحول الفم والأنف وتقرحات على جانبى اللسان وزوايا الفم وحلمات التجويف الفمى، كما يتميز بالعرج والإجهاض والتشوهات الجنينية، ويتسبب المرض فى العديد من الخسائر التى تتمثل فى نفوق الأغنام وانخفاض الأوزان لطول فترة النقاهة. وأكد رضا قادر وجود 28 سلالة من المرض الفيروسى، منتشر بصورة كبيرة فى ليبيا، مشيرًا إلى أن الحالات التى ظهرت فى مصر، وراءها عمليات التهريب من ليبيا والسودان، وهو ما تعلم به الدولة جيدًا ولكنها غير قادرة على مواجهته. الدكتور علاء الدمياطى، مدير الطب البيطرى بمطروح، كشف أيضًا عن أن عمليات دخول الماشية والأغنام المصابة القادمة من ليبيا عن طريق المهربين والتجار، مستمرة منذ فترة طويلة، من خلال الرشاوى والتواطؤ بتغيير العينات التى ترسل للمعامل ونتائج التحاليل. وأشار إلى أنه يعمل منذ فترة طويلة بمديرية الطب البيطرى، ويعرف تفاصيل التلاعب جيدًا، مؤكدًا تلاعب مسئولين بالوقاية فى تقارير عينات الماشية، والمهربة لا تخضع لأى رقابة بيطرية. وأوضح مدير الطب البيطرى بمطروح، أن المديرية ليس من اختصاصها ضبط الماشية المهربة من ليبيا وإنما بمعرفة الجهات الأخرى المعنية، وتختص مديرية الطب البيطرى بالكشف عليها وأخذ عينات منها لتحليلها بالمعامل المركزية، وتكشف نتائج التحاليل أن الماشية القادمة من ليبيا مصابة بالحمى القلاعية أو بفيروس اللسان الأزرق. وأوضح «الدمياطى»، أن التجار والمهربين يحاولون تدمير الثروة الحيوانية فى مصر، مع تواطؤ بعض العاملين فى الطب البيطرى، خاصة أن هذه الماشية تعتبر من العوامل الرئيسة لانتشار الحمى القلاعية فى مصر، إذ تدخل إلى الأرياف وتختلط بالماشية المصرية، الخالية من فيروس اللسان الأزرق». وكانت هيئة الرقابة الإدارية، قد نجحت الأسبوع الماضى، فى ضبط مدير إدارة الوقاية البيطرية المتهم بتلقى رشوة، لمحاولته إنهاء إجراءات الإفراج عن الماشية المصابة بأمراض منتشرة فى ليبيا لصالح أحد الأشخاص، وإعدام حوالى 300 رأس ماشية خلال الفترة الماضية. وأكدت مصادر بالهيئة العامة للطب البيطرى، فتح النيابة العامة حاليًا التحقيق فى ملف التهريب، كشفت خلاله عن مخالفات وتجاوزات أخرى وقعت خلال الفترات السابقة، خاصة بعد واقعة مدير وقاية مطروح». لطفى شاور مدير عام مجازر السويس السابق، قال إن هناك فشلًا كبيرًا فى الإجراءات التى تتخذها الهيئة البيطرية العامة لمواجهة الأمراض وضبط عمليات الاستيراد، التى يتم من خلالها استيراد حيوانات مصابة لأمراض معدية، تقتل الثروة الحيوانية، مشيرًا إلى أن انتشار الحمى القلاعية بالصورة الحالية، وعدم فعالية تحصينات وزارة الزراعة لمواجهتها، يشير إلى وجود سلالات أخرى دخلت مصر من خلال عمليات التهريب من السودان وليبيا، وفشل منظومة الاستيراد وسيطرة رجال الأعمال على المسئولين. وأوضح مدير المجازر، أن منظمة الصحة العالمية، أعلنت ظهور مرض جنون البقر فى رومانيا، ومع ذلك فإن مصر ما زالت تستورد من هذه الدولة مواشى رغم إعلان المنظمة، وأن هناك حيوانات مستوردة من هذه الدولة موجودة حاليًا فى إحدى شركات الاستيراد فى محافظة الإسماعيلية، والتى يملكها مستورد أردنى شهير، وهذا المرض يعنى حدوث تغيرات فى تركيبات المخ، وليس له علاج. وقال شاور إن هذه الأمراض منتشرة بصورة كبيرة حاليًا، وتدمر الثورة الحيوانية، الملقاة فى ترع ومصارف المحافظات، لافتًا إلى أن مرضى الحمى القلاعية واللسان الأزرق ضمن أخطر 16 مرضًا يصيب الحيوانات، وكذلك يحتل القائمة الأولى فى تصنيف المرض العابر للحدود، مؤكدًا أن الإهمال فى الاستيراد، وعدم تحديد الحالة الوبائية للدول هى أبرز أسباب انتشار الحمى فى مصر. وقالت الدكتور شيرين على زكى، الطبيبة البيطرية بمديرية الطب البيطرى بالجيزة «الأزمة الأساسية تتمثل فى عدم وجود قاعدة بيانات للحيوانات والأمراض المتوطنة والمستوردة من الخارج»، لافتة إلى أن مديريات الطب البيطرى ترفض الإعلان عن أى إصابات بمرض اللسان الأزرق. من جهته أكد الدكتور إبراهيم محروس، رئيس الهيئة العامة للخدمات البيطرية، خطورة الوضع الناتج عن تهريب الحيوانات عبر الحدود الغربية مع ليبيا ومنها إلى السلوم ومرسى مطروح، ومن ثم تسريبها إلى باقى محافظات الجمهورية عبر الدروب الصحراوية الكثيرة فى هذه المنطقة، دون خضوعها إلى أى إجراءات، أو رقابة محجرية بيطرية. وشدد محروس على أن هذا الأمر يدق ناقوس الخطر لتعرض الثروة الحيوانية المحلية، وبالتالى تعرض اقتصاد الإنتاج الحيوانى لتهديدات كبرى جراء انتقال الأمراض الوبائية والمعدية للحيوانات المحلية، وذكر أنه على مربى الماشية عدم التعامل مع هذه الحيوانات. وأوضح رئيس الهيئة العامة للخدمات البيطرية، ل«الصباح»، أن اختلاط هذه الحيوانات مع الحيوانات المحلية يمكن أن ينقل إليها العدوى بالأمراض الوبائية والمعدية، مؤكدًا استمرار حملات التحصين الحلقى المجانى للماشية بالمحافظات، وأنه جارى التنسيق مع المحافظات لضبط أسواق الماشية وعمل مسوح للحيوانات بأخذ عينات من هذه الحيوانات والحيوانات المخالطة لها، لمعرفة هل هناك سلالات جديدة قد دخلت البلاد. وأضاف «محروس»، أنه تم تحذير المربين من هذه الحيوانات الوافدة، لتوضيح مدى خطورة اختلاط هذه الحيوانات بحيواناتهم والاهتمام بتحصينها داخل الأسواق والعمل على تسجيلها وترقيمها، مشيرًا إلى أن الهيئة تقوم بإعداد دراسة لعمل أسواق تتوفر فيها شروط الأمان الحيوى، يتم عرضها على وزير الزراعة، وتستهدف حماية الثروة الحيوانية من الإصابة بأى أمراض وبائية أو معدية.