يشترط وجود محرم وحجاب على الرأس خلال الجراحة ويتم أول الشهر العربى منظمة اليونيسيف: 91% من نساء مصر مختونات.. ومؤسسة قضايا المرأة: 97% «مقاولة» مع ممرضة الوحدة الصحية بحلوان على ختان شرعى ب 300 جنيه صرخات لفتاة صغيرة، مصحوبة بصوت أغانٍ دينية تخرج من راديو قديم استيقظ على صوتها أهالى إحدى ضواحى مدينة حلوان، الذى تبعه صمت تام للفتاة وللمحيطين بها، وللراديو كذلك، فقد دخلت فاطمة فى غيبوبة نتيجة هبوط حاد فى الدورة الدموية، بسبب النزيف الذى تعرضت له خلال عملية الختان، إلى أن تم إنقاذها سريعًا على يد أحد الجيران، الحاصل على دبلوم التمريض، والذى أكد أن الختان كان يتم على الطريقة الشرعية، وليس له علاقة بالهبوط الحاد الذى حدث للفتاة خلال العملية. وهنا كان لابد من التوقف لبحث مقصد الجار من مصطلح «الختان الشرعى»، وبالبحث تبين أن العائلات الملتزمة دينية تقبل على ختان إناثها على هذه الطريقة، والتى يصحبها بعض الطقوس على رأسها، وجود محرم مع الفتاة خلال إجراء العملية، وأن تكون الفتاة مستترة، وأن يتم إجراء العملية بداية مطلع الشهر العربى لحماية الفتاة من الحسد وغيره من الأمور التى قد تضر الفتاة.
صحة حلوان سيدة أربعينية، تدعى سناء محمد (اسم مستعار) تعمل ممرضة داخل مكتب صحة بإحدى مناطق مدينة حلوان، للوهلة الأولى عرضت مساعدتها علىّ؛ حين بادرتها بطلب الحديث معها منفردة، بعدما زعمت أننى جئت لها بعد توصيات عديدة من السكان المحيطين بالمنطقة، لإجراء عملية ختان لأختى الصغيرة البالغة من العمر 11 سنة. ارتبكت سناء قليلًا، ثم طلبت أن تحادثنى تليفونيًا فى نهاية اليوم، لأن الكلام فى مثل هذه الأمور داخل الصحة يشكل خطورة عليها، وبالفعل تمت المكالمة فى نهاية اليوم، ورحبت سناء كثيرًا بإجراء العملية، إلا أنها اشترطت أن تتم على الطريقة الشرعية، وعند الاستفسار منها عن ماهية الطريقة الشرعية؟، أجابت «لابد أن تكون البنت مستترة، ولا يُرى من جسدها غير موضع إجراء العملية فقط، حتى رأسها لابد أن يكون مغطى بحجاب للرأس، كما أنه يُشترط حضور أحد محارم الفتاة، والدها أو أخوها أو جدها أو خالها أو عمها». وفيما يتعلق بتوقيت إجراء العملية، اشترطت سناء أن تتم مطلع الشهر العربى المقبل، موضحة أنها تتبارك بظهور الهلال، وهو ما يجلب البركة على العملية وعلى الفتاة، ويمنع عنها الحسد، وييسر لها الإنجاب عقب زواجها، قائلة: «لو تم الختان فى أى وقت تانى البنت مش هتنجب بسهولة بعد زواجها»، واستكملت سناء طلباتها حتى وصلت للأمور المادية فطلبت 300 جنيه ثمنًا لإجرائها العملية، بخلاف بعض المتطلبات التى ستحضرها معها يوم العملية، تصل قيمتها ل 100 جنيه، بحسب تقديراتها.
عيادة مسجد ابن الخطاب وصفه العديدون وأشادوا بمهارة العاملين به، خاصة أنه يتبع صرحًا دينيًا كبيرًا، وبه عدد من الأساتذة والدكاترة الملتزمين أخلاقيًا ودينيًا، وبمجرد دخوله أخبرتنى إحدى العاملات أنه لا يتم إجراء عملية الختان بشكل رسمى داخل المركز، نظرًا لأن وزارة الصحة سنت عقوبات على من يفعل ذلك، إلا أن العاملين فى المركز يقبلون على إجراء العملية بشكل سرى، ومن ثم أخبرتنى بأن «مدام منى» (اسم مستعار) هى أشطر من يقوم بهذه العملية داخل المركز، وهى كبيرة فريق التمريض هناك خصوصًا على الطريقة الشرعية، وبالتواصل مع منى، تبين أنها تعمل فى هذه المهنة منذ أكثر من 15 سنة، وبعد عملها فى أكثر من عيادة تابعة للمساجد الشرعية، وبعد تعاملها مع عدد من الدكاترة الملتزمين حولت من طريقة ممارستها للعملية، بأن تشترط أن تتم وفقًا للشرع، مستعينة بعدد من الأحاديث النبوية التى تحث على ضرورة ختان الإناث، والتى كانت من بينها ما أشارت له من أن الرسول (صلى الله عليه وسلم) أرشد امرأة كانت تختن بالمدينة، إلى صفة الختان المحمود، فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (لا تُنْهِكِى فَإِنَّ ذَلِكَ أَحْظَى لِلْمَرْأَةِ وَأَحَبُّ إِلَى الْبَعْلِ). وأوضحت منى أن الختان الشرعى يختلف عن غيره فى أنه يدعم الحدود التى وضعها الدين فى علاقة المرأة بالأطباء عمومًا، فلا ينبغى أن تُكشف عورات المرأة على الأغراب حتى وإن كانوا نساء مثلها إلا فى وجود محرم، وبالتطرق للحديث عن ثمن الختان الشرعى، قالت منى إنها تتقاضى 500 جنيه فى العملية الواحدة بخلاف ثمن الطلبات التى تحضرها معها يوم العملية، موضحة أن الحجز لابد أن يتم قبلها بأسبوعين على الأقل نظرًا لكثرة أعداد الحالات لديها، موضحة أنها تجرى فى الأسبوع الأول من الشهر العربى نحو 5 عمليات ختان فى اليوم الواحد، ولا تجرى أى عمليات أخرى فى غير هذا الأسبوع. جدير بالذكر أن الأمر لم يختلف كثيرًا بالنسبة لعيادات منطقة الوايلى، فأخبرتنا نوال راضى (اسم مستعار)، وهى سيدة منتقبة تعمل فى عيادة مسجد خاتم المرسلين بمنطقة الوايلى، أنه يمكنها إجراء العملية بمبلغ 400 جنيه، بنفس الشروط الشرعية السابق ذكرها.
المختونات بالأرقام كشف التقرير السنوى الأخير الصادر عن منظمة الأممالمتحدة للطفولة «يونيسيف» بمناسبة اليوم العالمى لمناهضة ختان الإناث، أن هناك حوالى 91 فى المئة من النساء (فى الفئة من 15 سنة إلى 49) فى قرى مصر تعرضن للختان، بينما وصلت نسبة نساء المدن اللواتى خضعن لهذا التشويه إلى 85 فى المئة. وجاء فى التقرير ذاته أن نسبة الختان «مرعبة»، وأن عقوبة التجريم إما أنها لا تنفذ أو يتم تجاهلها على الرغم من حالات الوفاة، والتى كان أشهرها ما حدث فى يونيو عام 2013، بعد أن توفيت الطفلة سهير البالغة من العمر (13 عامًا) فى محافظة الجيزة أثناء إجراء العملية لها بسبب «الانخفاض الشديد فى ضغط الدم» حيث لم يسعفها أحد، وتركها القائمون على العملية وقتها حتى لفظت أنفاسها الأخيرة. فى الوقت ذاته، كشفت دراسة لمؤسسة قضايا المرأة والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية بالتعاون مع الاتحاد العام لنساء مصر، أواخر العام الماضى، أن مصر تضم عددًا كبيرًا من النساء المختتنات حيثُ يبلغ عددهن نحو 2.27 مليون امرأة، مما جعلها تتصدر دول العالم فى ختان الإناث، على الرغم من الجهود التى بذلت من جانب الحكومة، من تشديد للرقابة وتغليظ للعقوبات، بالإضافة للجهود التى بُذلت من عدد كبير من منظمات المجتمع المدنى والدولى ومنظمة الصحة العالمية لخفض معدلات ممارسة الختان فى مصر، إلا أن التقديرات تشير إلى أن معدل ممارسة الختان فى مصر وصل إلى97فى المائة تقريبًا.
ضحايا الختان هناك عدد كبير من ضحايا عملية الختان، منهن من فقدت حياتها إثره، عدد منهن يقوم أهلهن بالإبلاغ عن الواقعة، فيما يؤثر عدد آخر منهم الصمت خوفًا من التعرض للمسئولية الجنائية، منهم الحادث الشهير لفتاة السويس ميار محمد موسى، 17 سنة، لقيت حتفها منتصف العام الماضى عقب عملية ختان بمستشفى خاص، ما أدى إلى إصابتها بنزيف حاد، تبعه هبوط فى الدورة الدموية، ولم تمض ساعات على خروج الفتاة من المستشفى لتلقى مصرعها، والمؤسف أن والدة الفتاة هى من أرسلتها لنصيبها، فيما لم تحاول اللجوء للشرطة، بل حاولت التستر على فعلتها، بالاشتراك مع المستشفى الذى أنكر إجراء أى عملية ختان. فيما كشف مفتش وزارة الصحة بالسويس الواقعة، بعد شكوك فى سبب موت ميار نتيجة التهابات حادة بجانب الجهاز التناسلى، وبعد اطلاعه على جثة الفتاة وجدها وفاة نتيجة ختان، وأمرت وقتها النيابة العامة بالقبض على الطبيبة التى أجرت العملية فيما تم إغلاق المستشفى الخاص.
الأضرار يتحدث الكثيرون من الأطباء والمختصين عن أضرار عملية الختان، من نزيف، وهبوط الدورة الدموية، وغيرها من الأمور، إلا أن الدكتور سيد مجاهد أستاذ الجراحة العامة يرى أن مجرد فكرة أن تحدث عملية جراحية فى المنزل هى كارثة بمفردها بغض النظر عن نوع العملية سواء ختان أو غيره، فهناك تلوث كبير وعدوى تتعرض لها الفتاة خلال هذه العملية جراء استخدام أدوات قطع غير معقمة أو استخدام أدوات ملوثة لإيقاف النزيف، أو بسبب تلوث الجرح ذاته من عوامل أخرى فى المنزل، موضحًا ان هذه الالتهابات قد تكون موضعية فى مكان الجرح ويمكن علاجها بسهولة وقد تمتد وتنتشر العدوى عبر المجارى البولية أو القناة التناسلية مسببة التهابات شديدة ومزمنة يستغرق علاجها وقتًا طويلًا. وأوضح أنه قد يتسبب أيضًا فى تلوث الآلات المستخدمة أو أيدى من يجرى الختان فى نقل بعض الأمراض الخطيرة، مثل فيروسات الالتهاب الكبدى الوبائى والإيدز، أو مرض التيتانوس. فيما قالت سهير فرغلى» أستاذ علم نفس «الختان له أضرار نفسية جسيمة على الفتاة، يقع فى مقدمتها رفضها للزواج، وفى بعض الحالات يصل الأمر لنفورها من العلاقة الجنسية بعد زواجها، كما أنه يزرع بداخلها كراهية شديدة لعائلتها ولكل القائمين على الأمر الذين لم يتدخلوا لوقف هذه المأساة وإنقاذها منها». فى الوقت ذاته أوضحت الدكتورة سعاد عبدالمجيد رئيس قطاع تنظيم الأسرة بوزارة الصحة، أنه ممنوع منعًا باتًا وفقًا للقانون إجراء أى عملية ختان داخل المراكز التابعة لوزارة الصحة أو حتى داخل العيادات الخاصة للأطباء، وأوضحت أن رقم 16000 هو الرقم المخصص لنجدة الطفل، ويجب التعامل معه بشكل مباشر لبحث الشكاوى المقدمة.
العقوبات يشير سعيد راضى المحامى وأستاذ قانون العقوبات، إلى أنه وفقًا للمادة 242 مكرر، وبمراعاة حكم المادة «61» من قانون العقوبات، ودون الإخلال بأية عقوبة أشد ينص عليها قانون آخر، يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن خمس سنوات ولا تجاوز سبع سنين كل من قام بختان لأنثى، ويقصد بختان الأنثى فى حكم هذه المادة، كل إزالة لجزء أو كل لعضو تناسلى للأنثى بدون مبرر طبى، وتكون العقوبة بالسجن المشدد إذا نشأت عن هذا الفعل عاهة مستديمة، أو إذا أفضى ذلك الفعل إلى الموت. وأوضح راضى أن معظم عمليات الختان أصبحت تتم هذه الفترة فى سرية تامة، خوفًا من التعرض للعقوبات القانونية، التى فرضها القانون بعد أن فقدت العديد من الفتيات حياتهن جراء هذه العملية.
مؤيدو الختان على صعيد متصل، تقول هدى سعد «35 سنة» متزوجة، ولديها 3 بنات أكبرهن 12 سنة، إنها تؤمن بضرورة ختان الإناث، خاصة فى ظل الانحلال الأخلاقى الذى يعانى منه المجتمع خلال الفترة الحالية، موضحة أنها ذهبت مصطحبة ابنتها الكبرى إلى إحدى عيادات أمراض النساء والتوليد العام الماضى، لتختنها، إلا أن الطبيبة صممت على إجراء فحص مبدأى للبنت، لتستكشف من خلاله هل البنت تحتاج للختان فعلًا أم لا، إلا أنه أخبرت الأم أن ابنتها لا تحتاج للختان، ولا توجد لديها أى زيادات تحتاج للبتر. وأضافت هدى « فى حدود معلوماتى فإن ختان الإناث أمر شرعى، ويحث على العفة، ويقى البنت وعائلتها من مساوئ الوقوع فى الفواحش المنتشرة فى الوقت الحالى».