مسئول بجهاز رقابى: سعر المعلومة لا يقل عن 100 ألف جنيه.. ويصل لمليون المحتكرون يتلهفون على أى معلومات عن السلع التموينية.. ولا قيمة ل «البترولية» جهات أمنية تراقب موظفين للتأكد من ضلوعهم فى تسريب معلومات لكبار التجار لا مجال للشك فى أن أزمة ارتفاع الأسعار الأخيرة، لم تكن مفاجأة لكبار التجار ومحتكرى «قوت» الشعب، بعد أن قدمت إليهم قائمة بالسلع المقرر زيادة أسعارها، فضلًا عن السلع التى ستختفى من السوق بفعل تعويم الجنيه وأزمة الدولار وما ترتب عليها من آثار. تلك المعلومات لم تكن لتصل ليد التجار ومحتكرى السلع من جراء نفسها، بل تحتاج لمن ينقلها، ويكون مصدر ثقة للتاجر، وهنا يأتى دور «سمسار المعلومات»، ذلك الموظف الذى لم يتجاوز الدرجة الوظيفية الثانية، إلا أن الدور الذى يؤديه يجعله بالنسبة للتاجر أهم من الوزير نفسه. وفى هذا الإطار أكد مصدر مطلع بمجلس الوزراء ل«الصباح» أنه على مدار الشهور الماضية تلقى المجلس وبعض الوزارات كالتموين والصحة، بلاغات من مواطنين ضد تجار احتكروا بعض السلع، كالسكر على سبيل المثال، وأدوية القلب والضغط -بالنسبة لوزارة الصحة-، وقال «أغلب البلاغات والشكاوى ركزت على عامل مشترك وهو احتكار التجار وتخزين كميات كبيرة من السلع داخل مخازن، رغم أن الدولة لم تكن وقتها قد أقرت الزيادة، وبفحص البلاغات واستجواب أصحابها تم اكتشاف أمر خطير، وهو قيام بعض الموظفين بتسريب معلومات عن القرارات المقرر اتخاذها بشأن بعض السلع لصالح هؤلاء التجار». وتابع المصدر «تم تتبع بعض القرارات من أين خرجت ومع من كانت وتضييق دائرة الاشتباه، وبالفعل تم التوصل إلى معلومات مؤكدة حول ضلوع موظفين فى تسريب معلومات لصالح رجال أعمال، مقابل مبالغ مالية، وبعض هؤلاء الموظفين يعملون لصالح موظفين كبار، منهم وكلاء وزارة ومديرى قطاعات، وبعيدًا عن القانون، فإن أقصى ما يتم مع هؤلاء الموظفين إذا ما ثبتت بالدليل القاطع تورطهم، هو الخصم من الراتب أو النقل من وظيفته لمكان آخر، بتهمة إفشاء أسرار وظيفته. واستطرد المصدر «بالتزامن مع رصد هذه الوقائع تم إبلاغ الأجهزة الرقابية والأمنية لتبدأ عملية تتبع الموظفين ممن لهم صله بالمكاتب الفنية لوزارات الصحة والتموين ومجلس الوزراء لكشف تورطهم من عدمه فى تسريب المعلومات لصالح كبار التجار ورجال الأعمال، وتم وضع قائمة بالمشتبه بهم فى تسريب المعلومات لمراقبة هواتفهم وتحركاتهم». وحول سعر المعلومات، أكد المصدر، بأن كل معلومة ولها سعر على حسب قيمتها وجدواها، وربما زادت أسعار المعلومات بنسبة 100فى المائة بعد القرارات الاقتصادية الأخيرة، فالتجار باتوا يتلهفون على معلومة، فى المقابل هناك معلومات، رغم قيمتها، إلا أنها لا تساوى شيئًا، مثل المواد البترولية، فلا يستطيع أحد تخزين كميه تكفى السوق لسنة، على عكس السلع التموينية التى تملأ مخازن التجار وتكفى لسنتين، وعليه يركز السماسرة على المعلومات الخاصة بالسلع التموينية، وقد كان الدولار ضمن القائمة، حتى تحرر سعر صرفه، فبات لا يمثل قيمة بالنسبة للسمسار». فيما أوضح المصدر أن الوظيفة موسمية وترتبط بالقرارات الصادرة عن الحكومة. على الجانب الآخر، أكد مسئول سابق بجهاز رقابى -طلب عدم ذكر اسمه - أن بعض الموظفين ممن سقطوا فى قضايا فساد خلال الفترة الماضية، أرشدوا عن زملاء لهم داخل وزارات، تلقوا مبالغ على سبيل الرشوة مقابل تسريب معلومات عن أسعار السلع والزيادة التى أقرتها الحكومة، ووفقًا للتحقيقات التى أجريت معهم لم تكن أسعار المعلومات تقل عن 100 ألف، وتصل أحيانًا إلى مليون جنيه.
وعن الآلية التى يحصل من خلالها الموظفون على المعلومات حتى تصل ليد التاجر، أكد المصدر «لا توجد آليات ثابتة يعتمد عليها سماسرة المعلومات، ويمكن أن نصفها بالاجتهادات، التى يقوم بها الموظف الذى يعمل بأحد القطاعات الحيوية، وتتيح له مكانته الوظيفية الاستماع إلى أحاديث جانبية بين المسئولين، ومن ثم يسعى للتأكد من المعلومة، ليتواصل بعدها مع أحد التجار، وينبغى أن يكون على سابق معرفة به، ضمانًا للثقة وحتى لا يبلغ عنه الأجهزة الرقابية، وفيما بعد يسعى التاجر إلى الموظف ليحصل على المعلومة». وأفاد المستشار يوسف مبارك المحامى بالمحكمة الإدارية العليا، أن (الإخلال بواجبات العمل الوظيفى وخيانة الأمانة)، هى التهمة التى توجه إلى الموظف المتورط فى تسريب معلومات اقتصادية لكبار التجار بقصد احتكار السلع، وقد حددت المادة 94 من قانون العاملين المدنيين بالدولة حالات انتهاء الخدمة والفصل من الوظيفة إذا ما ارتكب الموظف جريمة خيانة الأمانة وإفشاء أسرار الوظيفة، حيث وجب القانون أن ينظر إليه باحتقار، بينما يعاقب كل من أفشى سرًا من أسرار المرضى بالحبس 6 أشهر وغرامة لا تتجاوز ال 500 جنيه». وتابع مبارك «يجوز محاكمة الموظف جنائيًا إذا ما ترتب على إفشاء السر ضرر اقتصادى بالدولة أو إحدى وزاراتها، مثل أزمة الدولار وتسريب الأسعار التى ستقررها الحكومة وسياسة تعويم الجنيه».