حركة القطارات| 45 دقيقة تأخير بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الخميس 18 أبريل 2024    أسعار الأسماك واللحوم اليوم 18 أبريل    حركة تنقلات واستعدادات عسكرية.. إيران تتجهز لرد إسرائيلي محتمل    القاهرة الإخبارية: الاحتلال يقصف مبنيين عسكريين وبنى تحتية لحزب الله في الخيام    حالة الطقس اليوم.. حار نهارا على القاهرة ومائل للبرودة ليلًا    بلاغ وكردون أمني.. ماذا حدث داخل مخزن كاوتش في شبرا الخيمة؟    منة عدلي القيعي: بجمع أفكار الأغاني من كلام الناس    طارق الشناوي: «العوضي نجح بدون ياسمين.. وعليه الخروج من البطل الشعبي»    نجم الزمالك السابق يطالب الخطيب بالتدخل لحل أزمة عبدالمنعم    إبراهيم سعيد: خالد بيبو "مهمش" في الأهلي وليست لديه صلاحيات عبد الحفيظ    الهلال بلا منافس.. ترتيب الدوري السعودي قبل مباريات اليوم الخميس 18- 4- 2024    كلام نهائي وتخفيض يسعد المواطنين، الإعلان اليوم عن الأسعار الجديدة للخبز السياحي والفينو    بعد استقالة المحافظين.. هل تشهد الحكومة تعديل وزاري جديد؟    ارتفاع درجات الحرارة بسبب تأثر البلاد برياح جنوبية غربية    أنت ابني وسأصلّي من أجلك، كاهن الكنيسة الشرقية في سيدني يصفح عن المهاجم (فيديو)    زلزال بقوة 6ر6 درجة يضرب غرب اليابان    تحقيق: بلينكن أخفى بلاغا بانتهاكات إسرائيلية في الضفة قبل 7 اكتوبر بينها قتل مسن خنقا واغتصاب مراهق    القباج تكشف ل«البوابة نيوز» قيمة رسوم الدفعة الثانية لقرعة حج الجمعيات الأهلية    فلسطين.. قصف مدفعي متواصل يستهدف المناطق الجنوبية لغزة    موقع أمريكي: واشنطن تضغط سرا على بعض الدول للتصويت ضد عضوية فلسطين    مواقيت الصلاة اليوم الخميس 18 ابريل في محافظات مصر    وزارة الطيران المدني توضح حقيقة انتظار إحدى الطائرات لمدة 6 ساعات    مدير أعمال شيرين سيف النصر: كانت عايزة تشارك في عمل ل محمد سامي ( فيديو)    أحمد عبد الله محمود يكشف كواليس تعاونه مع أحمد العوضي ومصطفى شعبان    ما حكم نسيان إخراج زكاة الفطر؟.. دار الإفتاء توضح    شاب يتحول من الإدمان لحفظ القرآن الكريم.. تفاصيل    ألفا روميو تقدم Junior .. أرخص سياراتها الكهربائية    سامسونج تثير الجدل بإطلاق أسرع ذاكرة في العالم .. فما القصة؟    حظك اليوم وتوقعات الأبراج الخميس 18/4/2024 على الصعيد المهني والعاطفي والصحي    استمرار نمو مخزون النفط الخام في أمريكا    الصين قادمة    دعاء الرياح والعواصف.. «اللهم إني أسألك خيرها وخير مافيها»    الكشف على 1433 شخصاً في قافلة طبية ضمن «حياة كريمة» بكفر الشيخ    7 علامات بالجسم تنذر بأمراض خطيرة.. اذهب إلى الطبيب فورا    رشة من خليط سحري تخلصك من رواسب الغسالة في دقائق.. هترجع جديدة    طريقة عمل مربى الفراولة، زي الجاهزة للتوفير في الميزانية    البنك الدولي يعتزم توصيل خدمة الكهرباء ل 300 مليون إفريقي    عيار 21 الآن بعد الانخفاض.. سعر الذهب في مصر اليوم الخميس 18 أبريل 2024    «البيت بيتى 2».. عودة بينو وكراكيرى    إبراهيم نور الدين: كنت أخشى من رحيل لجنة الحكام حال إخفاقي في مباراة القمة (فيديو)    أنت لي.. روتانا تطرح أغنية ناتاشا الجديدة    بعد 24 ساعة قاسية، حالة الطقس اليوم الخميس 18-04-2024 في مصر    تعرف على موعد إجازة شم النسيم 2024.. 5 أيام متصلة مدفوعة الأجر    الاتحاد الأوروبي يفرض عقوبات على إيران    علي جمعة: الرحمة ليست للمسلمين بل للعالمين.. وهذه حقيقة الدين    رئيس حزب الوفد ناعيا مواهب الشوربجي: مثالا للوطنية والوفدية الخالصة    استعدادا لمواجهة مازيمبي| بعثة الأهلي تصل فندق الإقامة بمدينة لوبومباشي بالكونغو    الله أكبر| احتفال مثير من روديجر بريال مدريد بعد الإطاحة بمانشستر سيتي    بابا فاسيليو يكشف عن تجاربه السابقة مع الأندية المصرية    «معلومات الوزراء»: 1.38 تريليون دولار قيمة سوق التكنولوجيا الحيوية عالميًا عام 2023    لقد تشاجرت معه.. ميدو يحذر النادي الأهلي من رئيس مازيمبي    أسباب نهي الرسول عن النوم وحيدا.. وقت انتشار الشياطين والفزع    الجامعة البريطانية في مصر تعقد المؤتمر السابع للإعلام    حظك اليوم برج الميزان الخميس 18-4-2024.. «كن مبدعا»    ارسنال ومانشستر سيتى آخر ضحايا الدورى الإنجليزى فى أبطال أوروبا    تراجع سعر الحديد الاستثماري وعز والأسمنت بسوق مواد البناء الخميس 18 ابريل 2024    بحجه تأديبه.. التحقيق مع بائع لاتهامه بقتل ابنه ضربًا في أوسيم    إطلاق النسخة الأولى من المهرجان الثقافي السنوي للجامعة الأمريكية بالقاهرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«اغتصاب شرعى »سيدات يروين قصص «الجنس بالإجبار » فى «عش الزوجية »
نشر في الصباح يوم 16 - 01 - 2017

المسح الصحى فى 2014: 4 % من المتزوجات و30 من المطلقات تعرضن للاغتصاب الزوجى
إحداهن قتلت زوجها «الجانى».. و«سميرة»: لا فرق بينه وما يحدث لأى مغتصبة بالإجبار
مشروع «قومى المرأة» عن العنف ضد «حواء» المطروح على البرلمان لم يتضمن «الاغتصاب الزوجى»
مسئولة بلاغات العنف ضد المرأة: «مش جوزها؟.. يعمل اللى عايزه.. إن شالله 20 مرة فى اليوم»
منسق «دعم النساء الناجيات من العنف»: قدمنا مشروع قانون ضد الظاهرة فى 2010 وتوقف بعد الثورة
إمام مسجد: ضعف الثقافة الدينية أدى إلى تفسيرات مغلوطة.. ولا يجب إقحام الدين فى المسألة
دراسة أجريت من 2012 حتى 2015 بأخميم: 80 % من الزوجات يتعرضن لعنف جنسى
مستشفى استقبل سيدة تهتك جهازها التناسلى بسبب العنف.. ولم يستطع اتخاذ إجراءات لأنه زوجها
أستاذ قانون: إحصائيات الاغتصاب الزوجى لم ترصد سوى 10 فى المائة.. والزوجة لا تبوح إلا بعد مدة
محام: عقد الزواج يجعل «الاغتصاب الزوجى» خارج نطاق قانون العقوبات
تعالت أصوات الشجار أثناء الليل من منزل (زينب. خ) فى مدينة الخصوص بمحافظة القليوبية، الصيف الماضى. لم يأبه الجيران كثيرًا، فقد اعتادوا على المشاجرات الليلية بين (زينب - 32 عامًا) وزوجها (أحمد. ر -36 عامًا).
بعد احتدام الشجار، سرعان ما خفتت الأصوات. لكن النهاية كانت مختلفة هذه المرة. فقد غادرت الزوجة تحت جنح الظلام إلى منزل شقيقتها. وفى الصباح عثرت الشرطة على الزوج جثة هامدة.
أثناء الاستجواب بقسم شرطة الخصوص، اعترفت زينب أنها ضربت زوجها على رأسه بيد المكنسة أثناء المشاجرة. وقالت إنها فاض بها الكيل من محاولاته المتكررة، وهو تحت تأثير المخدرات، ممارسة العلاقة الزوجية رغمًا عنها.
وفى يوليو الماضى، حررت الشرطة محضرًا بالواقعة تحت رقم 3398 إدارى 2016. فقد الزوج حياته، والزوجة أضحت وراء القضبان بانتظار المحاكمة بتهمة القتل العمد.
تعرف زينب أن ما فعله زوجها بها من ممارسة العلاقة الزوجية قسرًا، ليس مجرّمًا فى القانون الذى لا يعاقب الزوج إلا فى حالة محاولة إجبار الزوجة على العلاقة الزوجية من الدبر، وهو ما يعتبر هتكًا للعرض بموجب المادة 269 من قانون العقوبات، بشرط أن يثبت ذلك تقرير الطب الشرعى.
حالة زينب ليست الوحيدة بين النساء فى مصر اللاتى لا يمكنهن طلب الطلاق بسبب الشكوى من «الاغتصاب الزوجى» إذ لا يعترف المشرّع بهذه التهمة فى حين تعتبرها قوانين عالمية جريمة اغتصاب ولا تختلف فى بعض الدول عن الاغتصاب من قبل رجل غريب. بينما فى مصر فليس أمام الزوجة التى تعانى من هذا الاغتصاب المشرعن، إلا رفع دعوى خلع تتنازل فيها عن مستحقاتها مقابل إنهاء الزواج.
لم تلق زينب سوى الزجر من أهلها حين شكت انتهاكات زوجها. اعتبروا أن له أن يفعل بها ما يشاء بحكم فهمهم للتقاليد والدين. النهاية المأساوية لحياتها الزوجية ليست سوى قمة جبل الجليد الذى تراكم من معاناة زوجات مصريات أخريات، وثق هذا التحقيق عشر حالات منهن.. تختلف الأسماء لكن المعاناة واحدة.
الضرب مقابل الجنس
طوال ست سنوات من الزواج لم تكن داليا (اسم مستعار) تجرؤ على الهروب أو الشكوى من عنف زوجها، وتلذذه بإجبارها على ممارسة العلاقة الزوجية حتى لو كانت مريضة أو متعبة.
فى المرة الأولى التى شكت لأهلها، تلقت «علقة ساخنة» بالحزام من أخيها الأكبر، الذى اتهمها بأنها ستلوث شرفهم إذا تناثر الحديث حول شكواها. فاض بها الكيل حينما جاءها زوجها منتشيًا بجرعة مخدرات وأصر على مواقعتها، وهى تعانى من أوجاع الحمل. أوقعها أرضًا وضربها على بطنها، وبشق الأنفس استطاعت أن تفلت من يديه، وتحبس نفسها فى غرفة ابنتهما الوحيدة حتى الصباح. هذه المرة تفهمت والدتها -التى كانت انفصلت عن والد داليا- شكوى ابنتها، واستضافتها فى منزلها، لكن المحامين أكدوا أن خلاصها الوحيد هو رفع قضية خلع.
أما أمل (اسم مستعار) فكان الجرح القطعى الذى تسبب به زوجها فى رأسها، حينما حاول ممارسة الجنس معها عنوة بعد خمسة أيام من ولادتها القيصرية، سببًا فى إنقاذها. فالتقرير الطبى كشف أن الإصابة فى منطقة خطيرة قد تؤدى إلى الموت، فأصبح الزوج يواجه اتهامًا بمحاولة قتل زوجته. استغلت أمل الوضع لتتخلص من معاناتها على مدى عشر سنوات زواج، وخيرته بين الحبس أو التنازل عن المحضر مقابل الطلاق والالتزام بالإنفاق على بناتهما الثلاث.
محليًا، لا توجد جهة قامت برصد الاغتصاب الزوجى فى مصر، سوى المسح الصحى السكانى عام 2014 والذى تم تنفيذه تحت إشراف وزارة الصحة على مستوى كل محافظات البلاد، وقد رصد أن 4فى المائة أى نحو (267) من السيدات المتزوجات فى عينة البحث البالغة 6693 سيدة، تعرضن للعنف من أزواجهن بغية ممارسة الجنس عنوة.
وقالت 30 فى المائة ممن انفصلن عن أزواجهن -بحسب نتائج المسح السابق- إنهن تعرضن لهذا العنف مرة واحدة على الأقل، وهى نسبة مقاربة لما ورد فى تقرير منظمة الصحة العالمية عام 2013، الذى أُجرى فى عدة دول بينها مصر، ورصد أن 35 فى المائة من النساء يتعرضن لعنف جسدى أو جنسى من أزواجهن.
ثقافة مكرسة
فى استبيان عبر الإنترنت، تلقت معدة التحقيق على مدى أسبوعين ردودًا من 12 سيدة، تحدثن جميعًا عن تعرضهن لاغتصاب من قبل أزواجهن. واشتركن فى استخدام ثلاث كلمات «الألم، والإهانة، والضعف».
لم تكن الاستجابة للاستبيان بسهولة، فبعد أسبوع من نشره تقريبًا على صفحة إحدى المجموعات الخاصة بالأمهات الحاضنات على موقع التواصل الاجتماعى فيس بوك، لم ترد أى إجابة. لكن بعد نشر تأكيد على عدم نشر أى بيانات شخصية، وإمكانية إخفاء الاسم الحقيقى، وردت فى خلال 3 أيام 12 استمارة من أعضاء المجموعة.
ولم تجب أى سيدة بصورة مباشرة عن عدد مرات تعرضها للاغتصاب
فادية أبو شهبة أستاذ القانون الجنائى بالمركز القومى للبحوث الجنائية والاجتماعية قالت إن الثقافة المجتمعية فى مصر «ذكورية»، تعتبر أن العلاقة الزوجية حق للرجل فى أى وقت إذا أراد، وليس للزوجة أن ترفض مهما كانت الأسباب.
تصف أبو شهبة الإحصائيات الميدانية لرصد الاغتصاب الزوجى مجتمعيًا بأنها «ذات أرقام مطموسة»، لا ترصد سوى 10فى المائة من الحجم الحقيقى، وأن الزوجة لا تبوح به إلا بعد مدة طويلة، حينما تشعر بأنها لم تعد قادرة على تحمل الضرر النفسى أو الجسدى.
ناهد عمارة مسئولة الدعم النفسى بمركز قضايا المرأة، أوضحت أن الشعور بالذل والانكسار، هو أبسط الأضرار النفسية التى قد تصيب الزوجة نتيجة إجبارها على العلاقة.
وأضافت أنه وفقًا للحالات التى قابلتها، فالأضرار النفسية التى تصيب المتزوجة لا تختلف عن المغتصبة العادية، ويمكن أن تتدهور الحالة لتجعل مواطن اللذة فى كمون تام لا يحدث لها إثارة، وهؤلاء غالبًا من يتهمهن أزواجهن بالبرود الجنسى.
تفسيرات مغلوطة
كل الحالات التى وثقها التحقيق اتفقت على أن الزوج كان يستخدم الدين لتبرير سلوكه العنيف، وإجبار الزوجة على العلاقة دون رضاها.
لكن محمد حمودة إمام مسجد الصديق فى سوهاج، والذى يشارك فى حملة تطوعية للتوعية بمخاطر العنف ضد المرأة، قال إن «الله تعالى بيّن شكل العلاقة الزوجية بشكل صريح فى القرآن حينما قال: وانكحوهن بالمعروف». وأضاف أن الإسلام نهى عن مواقعة المرأة أثناء الحيض والنفاس، كما نهى عن المواقعة من الدبر لأنها مخالفة للفطرة. وأشار إلى أن الحديث النبوى يقول «لا يقعن أحدكم على امرأته كما تقع البهيمة، وليكن بينهما رسول، (قيل وما الرسول، يا رسول الله) قال: القُبلة والكلام».
وقال حمودة إن ضعف الثقافة الدينية أدى إلى تفسيرات مغلوطة يستخدمها الناس على أهوائهم. وأضاف «قبل أن يستخدم الزوج الأحاديث التى تتحدث عن حقه الشرعى واجب عليه أيضًا أن يقرأ فى حقوق الزوجة، وألا يقحم الدين فى ذلك».
الوضع يزداد سوءًا فى المناطق الريفية ومحافظات الصعيد التى أظهرت أرقام المسح السكانى الصحى أن حالات العنف الجنسى الزوجى بها تجاوزت 50فى المائة حسب إجابات المنفصلات عن أزواجهن.
وأظهرت دراسة للاتحاد النوعى لمناهضة العنف ضد المرأة والطفل، أجريت فى الفترة من منتصف 2012 حتى منتصف 2015، شملت 700 أسرة فى مركز أخميم بمحافظة سوهاج، أن 80فى المائة من الزوجات يتعرضن لعنف جنسى زوجى.
وقالت أسماء نشأت، المدير التنفيذى السابق لجمعية خدمات ليدا بسوهاج، إحدى الجمعيات التى شاركت فى الدراسة السابقة، إن وعى الزوجة بحقوقها غير متوافر فى تلك المجتمعات. وأضافت أن الزوجة «تخاف أن تشكو من تصرفات شاذة يجبرها عليها الزوج، لأن المجتمعات المغلقة المحافظة على وجه الخصوص، تعد معرفة الفتاة بالأمور الجنسية سبّة فى حقها، وإشارة على أنها لا تتمتع بالحياء».
من خلال مركز المرأة للإرشاد والتنمية القانونية، والذى يعمل فى نطاق محافظات شمال الدلتا، وصلتُ إلى سميرة –اسم مستعار– التى تقطن قرية فى ريف محافظة الدقهلية فى دلتا النيل.
قالت سميرة إنها لا تريد الانفصال عن زوجها حرصًا على أطفالها، لكنها لا تستطيع منعه من تكرار إجبارها على ممارسة العلاقة الزوجية. وتقول إنها أصيب ذات مرة بنزيف، وفى مرة أخرى بالتهابات شديدة، وكانت تداوى نفسها بنفسها «ذات مرة أجبرنى على ممارسة العلاقة، وأنا فى دورتى الشهرية، وقال لى بلامبالاة: استخدمى القطن لوقف النزيف».
وأضافت «إيه الفرق بين اللى بيحصل معايا واللى بيحصل لأى واحدة يتم اغتصابها، أنا طول الوقت قرفانة من نفسى ومنه، هو بيدور على متعته وأنا مش مهم».

المستشفيات ودور الرعاية
أظهر توثيق الشهادات خلال التحقيق، أن الزوجة إذا لجأت لمستشفى لعلاج إصابات نتيجة الإجبار على ممارسة العلاقة الزوجية، لا يمكنها إثبات هذا السبب فى التقرير الطبى، تقول إيمان عبد الله إخصائية النساء والتوليد فى مستشفى المطرية التعليمى، إنها استقبلت إحدى الحالات، كان الزوج يمارس ضدها العنف الجنسى باستخدام يده، لدرجة أدت لتهتك فى جهازها التناسلى الداخلى. قدم المستشفى لها العلاج لكن لم يمكنه اتخاذ إجراءات أخرى ضد الزوج، طالما أنها حالة سيدة متزوجة. وأضافت أن التقرير الموثّق من المستشفى لإثبات الاعتداءات الجنسية، يصدر فقط فى حالة اغتصاب أنثى من غير زوجها، ويكون ذلك بناء على محضر فى قسم الشرطة.
عدم اعتراف الدولة بالعنف الجنسى ضد الزوجة يجعل أيضًا البيوت الآمنة للنساء -وهى تسعة بيوت تخصصها وزارة التضامن الاجتماعى لاستقبال الناجيات من العنف- لا تستقبل الزوجات المتعرضات للاغتصاب الزوجى، إذ لا تعده تلك البيوت نوعًا من العنف.
اتصلت معدة التحقيق بالخط الأرضى الذى تخصصه وزارة التضامن الاجتماعى لشئون المرأة، وتستقبل من خلاله الاستفسارات عن الخدمات التى تقدمها للمعنفات ومن ضمنها البيوت الآمنة.
وفى مكالمة مسجلة، قالت الصحفية للموظفة المسئولة إن «صديقتى تبحث عن بيت آمن لأن أهلها لا يساندونها فى حين تتعرض للعنف الجنسى من زوجها». ردت الموظفة بأنها لا تفهم المشكلة. وتساءلت مستنكرة «هو مش جوزها؟ من حقه يعمل اللى هو عايزه.. إن شالله 20 مرة فى اليوم. ده مش العنف اللى بنستقبله»
واعتبرت الموظفة أن صديقتى لا تصنّف كحالة معنّفة تدخل فى نطاق البيوت الآمنة، ونصحت بأن ترفع صديقتى قضية خلع إذا كانت لا تحتمل الحياة مع الزوج.
غياب قانونى
محمد كارم، مقرر اللجنة الثقافية بنقابة المحامين، أوضح أن المادة 60 من قانون العقوبات تقول إن مواده لا تنطبق على أى فعل تم ارتكابه بحسن نية، لذا فالعلاقة الزوجية تخرج تمامًا من مواد القانون، لأن عقد الزواج وفقًا لقانون الأحوال الشخصية رقم 1 لسنة 2000، هو وثيقة تبيح للرجل الاستمتاع بزوجته وفقًا للشرع، وهو ما يجعل «الاغتصاب الزوجى» خارج نطاق المادة 267 من قانون العقوبات الخاصة بالاغتصاب.
وأضاف أن عدم وجود قانون يجرم هذه الأفعال، يجعل الزوجة لا تستطيع تحرير محضر شكوى ضده، وبالتالى لن يصدر لها تقرير من الطب الشرعى لإثبات الأمر. وقال «إذا أرادت الانفصال، فليس أمامها سوى الخلع».
ويقضى الخلع وفقًا للمادة 20 من قانون الأحوال الشخصية، بتنازل الزوجة عن جميع حقوقها المالية الشرعية وردّ الصداق الذى دفعه الزوج.
وقالت انتصار السعيد مديرة مؤسسة القاهرة للتنمية، إن عدم وجود أى إجراء قانونى يحمى الزوجة من هذه الانتهاكات، يجعل الحل الوحيد أمامها هو الانفصال مما يهدم الكثير من الأسر. وأضافت أن المعاناة الأسوأ تكون فى حالة السيدات اللائى لا يقدرن على تحمل التكلفة الاقتصادية للخلع فيؤثرن الصمت والتحمل.
ويأتى ذلك رغم توقيع مصر على اتفاقية الأمم المتحدة لمنع كافة أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو). وتحفظت مصر على أربع مواد فى الاتفاقية، وهى المادة الثانية والفقرة الثانية من المادة التاسعة والمادة 16 والفقرة الثانية من المادة 29، وتدور كل التحفظات على ضرورة ألا تخالف تلك المواد مبادئ الشريعة الإسلامية، خاصة المادة 16 التى تتحدث عن أمور خاصة بالزواج والعلاقة بين الأزواج.
ووفقًا للمادة 93 من الدستور المصرى، تلتزم الدولة بالاتفاقيات والعهود والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان التى تصدق عليها وتصبح لها قوة القانون بعد نشرها وفقًا للأوضاع المقررة.
المجتمع المدنى حاول من جانبه وضع مشروعات قوانين تجرم العنف الجنسى الزوجى. وعمل مركز النديم لتأهيل ضحايا العنف والتعذيب -وهو منظمة غير حكومية- على مشروع قانون فى 2008 تضمن إنشاء وحدات خاصة فى كل أقسام الشرطة بها شرطيات وطبيبة نسائية ووكيل نيابة، على أن يكون الإبلاغ حق لكل من علم بالانتهاكات، مع وضع آليات لحماية سرية المبلغة.
ونص مشروع القانون على إمكانية إثبات الانتهاكات بتقرير الطب الشرعى وشهادة الشهود مثل الجيران أو الأبناء أو الأقارب. وتدرجت العقوبات المقترحة من إجراءات الحماية مثل إبعاد الزوج عن مكان الواقعة لفترة يحددها القاضى، وفرض فترة خدمة عامة، إلى إجراءات عقابية فى حال تكرار الجريمة.
وقالت ماجدة عدلى مدير مركز النديم ومنسق برنامج دعم النساء الناجيات من العنف إنه بمجرد الإعلان عن مشروع القانون، قامت حملة مضادة قوية باعتباره يخالف الشرع والدين، فتوقف المشروع فى البرلمان وقتها.
وأضافت «قدمناه فى 2010، وتم قبوله، لكنه توقف بعد ثورة 2011، ولم يتجدد الحديث عنه من قبل التشريعيين».
ومن جانبه، أعلن المجلس القومى للمرأة منذ 2013 عن إعداد مشروع قانون للعنف ضد المرأة، وقدمه مؤخرًا فى بداية الدورة البرلمانية الحالية والتى بدأت فى الثانى من أكتوبر الماضى.
لكن مشروع قانون المجلس، والمنشور إلكترونيًا، لم يتضمن أى مادة خاصة بالعنف الجنسى الزوجى.
إيهاب الطماوى أمين سر اللجنة التشريعية بالبرلمان قال إن المجلس قد يناقش مشروع قانون المجلس القومى للمرأة فى الدورة البرلمانية الحالية، وعند سؤاله عن قضية العنف الجنسى الزوجى، قال الطماوى إنه لا توجد قضية بعينها يركز المجلس عليها، لكنه تعهد بأن يتضمن القانون الجديد كل الحقوق التى نص عليها الدستور للمرأة ومناهضة التمييز ضدها.
لكن طوال فترة انعقاد المجلس خلال الدورة البرلمانية الأولى، لم يطرح أى من نوابه قضية العنف ضد المرأة.
ويتشابه هذا الفراغ القانونى لوقف الانتهاكات ضد المرأة مع عدد من الدول العربية الأخرى.
وتبدو تونس الدولة الوحيدة التى بدأ البرلمان فيها اتخاذ موقف واضح من العنف الزوجى ضد المرأة، فبعد أن خرج مفتى الجمهورية السابق حمدة سعيد، فى ديسمبر 2015، فى حوار مع وكالة تونس إفريقيا للأنباء، ليحرم بشكل قاطع «الإكراه على الجماع» بين الزوجين، تقدم نواب حزب النهضة، فى آخر أكتوبر الماضى، بمشروع قانون جديد لمنع العنف ضد النساء، مازال موضع النقاش، وينصب بشكل صريح على تجريم الاغتصاب الزوجى، وهو ما لا يتضمنه قانون العقوبات التونسى حاليًا، حيث يتعامل مع وثيقة الزواج –مثل الموقف المصرى– على أنها وثيقة تقر رضا الزوجة عن العلاقة الزوجية.
والاغتصاب الزوجى مجرم فى تشريعات دول غربية منذ فترة طويلة، مثل فرنسا التى أصدرت عام 2010 قانونا صريحا يتعلق بالأعمال المرتكبة بين الأزواج، ويسمح لقاضى شئون الأسرة بأن يصدر على وجه الاستعجال أمرًا لحماية الزوجة بالإبعاد المكانى للزوج المعتدى على زوجته فى ثلاث جنح من ضمنها الاغتصاب الزوجى.
ذات الأمر فى القانون الأمريكى، ففى عام 1993، سنت 50 ولاية والعاصمة واشنطن قوانين ضد الاغتصاب الزوجى، وتساويه ولايات بالاغتصاب من غير الزوج.
وفى أكتوبر الماضى، قبضت قوات الشرطة الألمانية على زوج سورى، اتهمته زوجته بالاغتصاب الزوجى، وهو أمر مجرم فى القانون الألمانى أيضًا. وقال الرجل أمام المحكمة إنه لم يكن يعلم أن الإجبار على العلاقة الزوجية مجرّم فى ألمانيا وتعهد للمحكمة بأن زوجته إذا قالت «لا» بعد ذلك، فهى تعنى «لا».
أنجز هذا التحقيق بدعم من شبكة إعلاميون من أجل صحافة استقصائية عربية (أريج).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.