يبدو أن تعديلات قانون الإجراءات الجنائية الذى سمح بالتصالح مع رموز عصر مبارك مقابل رد الأموال التى تم الحصول عليها بشكل غير مشروع إلى خزينة الدولة، لم تعد على الدولة بأى منفعة خاصة وأن القانون يؤكد محاسبة الشخص على مجمل ثروته المثبتة بواقع إقرار الذمة المالية الذى يقدمه بنفسه إلى جهاز الكسب غير المشروع بوزارة العدل، حيث يتم التلاعب بتلك الإقرارات وإخفاء ممتلكات بالخارج والداخل عن الوزارة وفقاً لمصادر قضائية، فلا يكون أمام الجهاز إلا الرضوخ لهذا الإقرار بعد أن يتم تشكيل لجنة من الخبراء لتقييم تلك الممتلكات والمحاسبة بناءً عليها، أو رفض العرض المقدم من المتهم، وهو الإجراء الذى اتبعته الوزارة مع كثير من المتهمين حتى الآن على رأسهم وزير الصناعة والتجارة الأسبق رشيد محمد رشيد. وقال مصدر قضائى ل«الصباح»، إن الإجراء الطبيعى الذى تم فى وقت سابق مع متهمين بالكسب غير المشروع عقب تعديلات القانون، تم خلال ثلاث مراحل، تبدأ بتقديم المتهم طلب التصالح من خلال موكله ومرفق معه إقرار الذمة المالية يتبعها مراجعة وفحص هذا الإقرار بمعرفة لجنة من خبراء وزارة العدل وتقييم للأصول والممتلكات وتحديد حصة الدولة من هذه الممتلكات، لينتهى الأمر عند مجلس الوزراء الذى يعرض عليه نتيجة التفاوض والمبلغ الذى سيرد إلى الدولة ليصدر قراره بشأن قبول العرض المقدم من عدمه، وهو ما تم مع رجل الأعمال حسين سالم، ويتم الآن مع 12 مسئولًا سيتم الكشف عن تفاصيل التصالح معهم بمعرفة مساعد الوزير للكسب غير المشروع المستشار عادل السعيد فى وقت لاحق خلال مؤتمر صحفى معلن. وتابع المصدر: «فى الوقت الحالى يشهد جهاز الكسب بوزارة العدل، أزمة حقيقية بسبب التلاعب فى إقرارات الذمة المالية من قبل المتهمين، وهى المسألة التى تُعطل إجراءات التصالح، خاصة وأن الوزارة أنفقت مبالغ ضخمة فيما مضى للتعاقد مع مكاتب محاماة بالخارج لتتبع أموال رموز عهد مبارك ومعرفة حجم الأرصدة فى البنوك دون فائدة، وهى السياسة التى رفضها تماماً المستشار حسام عبدالرحيم وزير العدل، والذى يتلقى تقريرًا أسبوعيًا من الجهاز حول عروض التصالح التى تأتى من المسئولين السابقين والمتهمين بالكسب غير المشروع، فمنذ ثورة 25 يناير وحتى الآن استقبلت الوزارة حوالى 1000 طلب تم تقديمها إلى مجلس الوزراء الذى أحالها للجهاز، وإجمالى عدد الأشخاص الذين تم التصالح معهم 25 مسئولًا فقط وإجمالى المبالغ تقريباً 700 مليون جنيه، إضافة إلى مبلغ ال 5 مليارات الذى سدده رجل الأعمال حسين سالم، ومن المتوقع أن تصل المبالغ إلى 10 مليارات جنيه بعد الانتهاء من فحص باقى الطلبات. واستطرد المصدر: «رشيد محمد رشيد وزير الصناعة والتجارة الأسبق تم رفض التصالح معه بعد اكتشاف تلاعب فى إقرار الذمة المالية الخاصة به وذلك من واقع تحريات لجنة الخبراء، وعليه قيمت اللجنة المبلغ المستحق رده للدولة بمليار و500 مليون إجمالى ما حققه من كسب غير مشروع، فى حين عرض رشيد رد 500 مليون فقط وهو ما رفضه مجلس الوزراء، كذلك وزير الإسكان إبراهيم سليمان والمتهم فى قضية الحزام الأخضر والذى تقدم نهاية العام الماضى بطلب للتصالح مع الدولة مقابل رد ما حصل عليه مضافًا إليه قيمة الغرامة، وتم رصد مبالغ تم إخفاؤها عن الجهاز فتم رفض الطلب ليعاد تقديمه مره أخرى، حيث يلجأ المتهمون إلى حيل قانونية لا تستطيع الوزارة اتخاذ قرار بشأنها وهو التنازل عن ممتلكاتهم لصالح بعض المقربين منهم بتواريخ قديمة هذا بالنسبة للممتلكات داخل مصر، أما فى الخارج فلا تعلم عنها الوزارة شيئًا خاصة وأن إمكانية تتبع الأموال غير متوافرة فى الوقت الراهن ويتم الاستعانة بدلاً عنها بمكاتب محاماة بالخارج ويتم التعاقد معها بمعرفة السفارات والقنصليات المصرية بالخارج. وعن باقى المتهمين ممن تلاعبوا بإقرارات الذمة المالية، أكد المصدر، أن القائمة طويلة وتضم 30 اسماً، ومن أبرزهم: صفوت الشريف ونجلاه إيهاب وأشرف الشريف، والذى صدر ضدهم حكم بالسجن لمدة 5 سنوات على خلفية اتهامهم بتحقيق كسب غير مشروع وتغريمهم 500 مليون جنيه، يوسف بطرس غالى والذى أعاد تقديم إقرار الذمة المالية من جديد وجار فحصه وبيان مدى صحته، زكريا عزمى وصهره رجل الأعمال جمال حلاوة وشقيقته وقد أحيلوا إلى المحكمة بعد فشل المفاوضات معهم بشأن رد الأموال المستحقة إلى الدولة وتلاعبهم بإقرارات الذمة المالية، فى حين تقدم رجل الأعمال أحمد عز والمتهم فى قضية الاستيلاء على حديد الدخيلة بإقرار تم عرضه على لجنة من خبراء وزارة العدل وبعض الأكاديميين والخبراء من البنك المركزى حيث تعتبر واحدة من أكبر القضايا التى تنظر فى الوقت الراهن أمام الجهاز، وفى حال صدور قرار بالإدانة من المتوقع أن يتقدم عز بطلب للكسب من أجل التصالح. فى سياق آخر، أكد جميل سعيد محامى زكريا عزمى رئيس ديوان رئيس الجمهورية السابق أن موكله لم يتلاعب بإقرار الذمة المالية، حيث رفض جهاز الكسب غير المشروع طلب موكله بسداد 3 ملايين و600 ألف جنيه قيمة المصروفات غير معلومة المصدر التى أوردها جهاز الكسب غير المشروع بعد مراجعة إقرار الذمة المالية لموكله، وتمسك بسداد كل الأموال التى أوردها تقرير الخبراء الأول الذى نقضته محكمة النقض، التى بلغت 18 مليون جنيه، وهو الأمر الذى دفعنا إلى اللجوء للقضاء والاستمرار فى جلسات المحاكمة مرة أخرى والتمسك بتقرير الخبراء الثانى الذى خفض المبلغ إلى مليون و800 ألف جنيه ورد مثله.