اعتمد على توصيات «شهاب».. ورفع الطلب السعودى إلى رئيس الحكومة لا يزال ملايين المصريين يضعون أياديهم على قلوبهم، تأهبًا للموقف الشعبى حول نقل تبعية جزيرتى تيران وصنافير للمملكة العربية السعودية، بينما يستمر المتخصصون فى البحث والتقصى حول الوثائق والمراسلات التى اعتمد عليها مجلس الوزراء المصرى فى إعلان ملكية الجزيرتين للسعودية، ليكتشفوا كلمة السر فى حرب الوثائق التى اشتعلت على مدار الأيام الماضية. كلمة السر، تمثلت فى خطاب من المملكة العربية السعودية فى أغسطس 1989، للخارجية المصرية، وبشكل محدد من وزير الخارجية السعودى إلى د. أحمد عصمت عبد المجيد، وزير الخارجية، والتى حملت فى بندها الثانى: «أود أن أشير إلى الاتصالات التى جرت بينى وبين معاليكم فى نيويورك، والتى تطرقت إلى بحث موضوع جزيرتى تيران وصنافير التابعتين للمملكة العربية السعودية، حيث أبديتم عدم وجود أى اعتراض أو تحفظ لديكم فيما يخص سيادة المملكة على هاتين الجزيرتين سوى ما قد يتعارض مع التزامات مصر الإقليمية والدولية التى تقضى بعدم تواجد أى قوات عسكرية بهما». ربما كانت تلك الوثيقة وراء الموافقة على إعادة الجزيرتين للسعودية، خاصة بعد المحادثات بين وزيري الخارجية المصرى والسعودى حول الجزيرتين فى نيويورك، ومن بعدها رفع «عصمت» مراسلة لمجلس الوزراء برئاسة د. عاطف صدقى يقول له حاملاً توصيات دراسة الموقف القانونى بعد خطابين سابقين للمملكة العربية السعودية. والمراسلة عبارة عن خطاب «سرى للغاية» يكشف عن إرسال المملكة العربية السعودية لخطابين إلى مصر، الأول بتاريخ أغسطس 1988، والثانى فى فبراير 1989، تطلب فيه من مصر وعدًا بأن تنظر إلى أمر الجزيرتين وتلتزم بوعودها السابقة مع الحكومة السعودية بأنه لا أزمة فى سيادة المملكة على الجزيرتين، منوهًا إلى أن وزارة الخارجية قامت بدراسة الطلب السعودى فى ضوء أحكام القانون الدولى من ناحية والظروف السياسية والعلاقات المصرية الإسرائيلية من ناحية أخرى، كما قال «عصمت» فى رسالته: «قد تدارست الموضوع بصفة خاصة مع الدكتور مفيد شهاب رئيس قسم القانون الدولى بجامعة القاهرة، حيث اتفقنا فى الرأى على عدد من الحقائق، والتى أتشرف برفعها إليكم». وبموجب تلك المراسلات والوثائق أصبحت الدولة مجبرة على الاعتراف رسميًا بتبعية الجزيرتين للسعودية، وأصبحت هذه الرسائل دليلاً لدى السعودية للمطالبة بحقها فى الجزيرتين فى حال إذا تم اللجوء للتحكيم الدولى بناءً على تلك المراسلات والتى تحولت لاعترافات. د. هايدى فاروق، مستشارة قضايا الحدود، أكدت أن الخطابات المتبادلة بين الحكومتين المصرية والسعودية فى عام 1990 كانت لمسئول سابق، نافية أن يكون هذا المسئول رئيس الجمهورية أو رئيس الوزراء وقتها، لافتة إلى أنه تم تسليم كل الوثائق التى تؤكد ملكية مصر لهذه الجزر منذ سنوات طويلة، واستشهدت برئيس قلم التاريخ فى وزارة الحربية المصرية عودة شقير، والذى كان ضمن اللجنة الثلاثية الحربية فى محادثات طابا الأولى، والذى قال «بوصفهما الجزيرتين جزءًا من حدود شبه جزيرة سيناء». فيما أوضح د. جمال شقرة رئيس مركز دراسات الشرق الأوسط، وعضو اللجنة التى شاركت فى ترسيم الحدود بين مصر والسعودية، إن الجانب السعودى قدم كثيرًا من الوثائق والأدلة التى تثبت حقه فى الجزيرة، واللجنة كان أمامها كل هذه الوثائق، ومنها وثائق الخارجية المصرية التى تؤكد أن مصر احتلت الجزيرة وهذا لا يؤثر على السيادة، وبعيدًا عن تلك المستندات طلب سعود الفيصل من وزير خارجية مصر عصمت عبد المجيد إعادة الجزيرتين إلى السعودية، ورد عصمت عبد المجيد بالإيجاب مؤكدًا أن مصر لن تعارض فى إعادة الجزيرتين، وعندما عاد إلى مصر رفع الأمر إلى رئيس الوزراء وسلمه رسالة «الفيصل»، وطلب منه أن يفوضه فى الرد على السعودية، وبالفعل فوضه وكانت الوثيقة الشهيرة التى صدرت عام 1990، لتؤكد أن مصر لن تمانع من رد الجزيرتين السعوديتين. أما السفير جمال بيومى مساعد وزير الخارجية الأسبق، فأكد أن المخاطبات الرسمية عادة ما تكون من رئيس لرئيس ومن وزير لوزير، وأنه من الأصول أن تكون المحادثات القومية صادرة لرئيس الدولة مباشرة، مشيرًا إلى أنه فى حالة قضية تيران وصنافير الخاصة بالسعودية، فقد تمت الخطابات بناءً على تفويض، وأن مخاطبات السعودية لمصر سليمة، حيث يجوز ذلك دبلوماسياً خاصة إذا كان وزيرًا مفوضًا.