العلاج «مجانًا» ب«رش المياه».. و«تيموثاؤس»: نستخدم المزامير لشفاء الممسوسين بمجرد أن تنتهى الصلاة تبدأ حلقة عجيبة من الصراخ والأنين الذى لا يختلف فيه المسلم عن المسيحى، حيث يجلس الاثنان بجانب بعضهما البعض داخل صرح كبير يرجع تاريخه لقرون وهو الكنيسة المرقسية بالأزبكية، ويتكرر هذا المشهد العجيب أسبوعيًا من يوم الجمعة حيث اجتماع القمص مكارى يونان، الذى يشتهر بين المسلمين قبل الأقباط بقدرته على إخراج الشياطين ومعالجة من تم مسه من الجن، كما يعتقد البعض. وفى معايشة لأحد تلك الاجتماعات، قامت بها «الصباح» لرصد تلك الأجواء التى تخرج أحيانًا عن نطاق فهم العقل، ففى السابعة من مساء كل يوم جمعة يجتمع كل من طلب بركة أو لديه مشكلة وحتى من لديه مرض فى انتظار حضور المنقذ الذى يؤمن جميع من يحضرون ذلك الاجتماع على قدرته العلوية التى يستمدها من السماء حسب ظن البعض، آملين أن يخلصهم من الجان ويحررهم من قيود الشيطان التى ألمت بأجسادهم الواهنة. يوم الجمعة هو يوم مختلف بالنسبة لقاطنى منطقة الأزبكية، الذين اعتادوا منذ تولى القمص مكارى يونان مسئولية الكنيسة المرقسية على مشاهدة المسلمين من الجنسين ومعظمهم من النساء المحجبات بل والمنقبات قبل المسيحيين، وهم يهرعون إلى صرح الكنيسة الذى يزدحم فى ذلك اليوم بشدة، لدرجة أنك لا تجد موطئًا لقدميك، ولشدة الزحام تلجأ الكنيسة لعمل مكان للجلوس فى الحوش، والنادى المصاحب للكنيسة تصحبه شاشات كبيرة لمشاهدة الحاضرين للعظة . بعد أن كان الصمت يسود الكنيسة أثناء عظة القمص مكارى يعلو الصراخ الخافت والأنين الصادر من أفواه إحدى المريضات ممن يجلسون فى مكان مخصص لهم قريبًا من الهيكل، والقمص يبدأ الصراخ العالى والارتماء على الأرض من أناس تملكهم الشيطان أو الجن حسب معتقد المسلمين ليتوجه إليهم القمص مكارى ومعه المياه ليرشها عليهم ويبدأ بتلاوة الصلوات على أحدهم للشفاء. ثلاث رشات من المياه المصلية على وجه نبيلة صابر ليخرج منها الشيطان، بعد أن كانت ملقاة على الأرض تنتظر قدوم القمص مكارى ليشفيها، وكان سؤاله الأول: هل أنتى مسيحية؟ تجيبه ب«نعم» ليبدأ بتلاوة الصلوات والنفخات «وهى نفخة هواء من فم الكاهن يعتقد فيها المسيحيون أنها من روح الله نظرًا لأن رجال الدين هم وكلاء الله على الأرض ورسموا بيد الله ومشورته» حسب زعمهم، وتختلف عملية إخراج الشياطين من جسد المسيحى عن المسلم فى سؤال «مكارى»: هل الشخص المسيحى مواظب على الاعتراف والتناول أم لا؟ فى اعتقاد أن ابتعاد المسيحى عن ممارسة طقوسه يجعل جسده سبيلًا للشيطان. «إذا كنت شيطانًا فمكانك تحت الأقدام باسم يسوع المسيح الناصرى أحرقك وانتهرك».. هذا ما بدأ به القمص مكارى كلامه إلى إحدى الإناث اللاتى كن يصرخن، وعندما انتهرها لم تصمت بل زادت فى صراخها ليقول إنها تدعى ذلك لعدم استجابتها لكلامه، ثم يضع علامة الصليب على رأسها لتصمت ويأمرها أن تقول اسمها فيتكلم الروح الساكن بها ويقول: «حورس» وعندما يسألها لكم عام تسكنها، قال: «5 سنين»، ثم يتوجه بالصليب أمامها مباشرة لتبدأ فى الارتعاش والخوف ليسألها ما هذا؟، وتجيب: «الصليب»، ويختلف القمص مكارى عن باقى الشيوخ أو السحرة الذين يخرجون الشياطين. لأنه يخلص المرضى من الأرواح الشريرة مجانًا، وسر قوته هو الروح القدس «روح الله» الذى يستخدمه لمحاربة الأرواح الشريرة، بحسب زعم مريديه. ويعتبر اجتماع الجمعة آخر مرحلة من مراحل إخراج الشياطين بعد فشل المريض فى التخلص من الشيطان، بعدما زار وصرف مبالغ طائلة على الشيوخ والسحرة أو حتى الأطباء. وكشف الراهب القمص تيموثاؤس المحرقى، طقوس الكنيسة فى طرد الجن والشياطين والأرواح الشريرة، وفى كتابه «الطريقة الكتابية لإخراج الشياطين كما مارسها وعلمها الرب يسوع»، الصادر مؤخرًا عن دار النشر الأرثوذكسية. ويشير الراهب، إلى أن الشيطان يسكن جسد الإنسان والحيوان، مؤكدًا أن الكتاب المقدس يثبت أن الإنسان الواحد قد يسكنه أكثر من شيطان، مثلما قيل عن مريم المجدلية التى أخرج الرب منها سبعة شياطين، بل ومن الممكن أن تسكن آلاف الشياطين فى إنسان واحد، وقد تسكن الشياطين فى الحيوانات أيضًا.