مستشار الكنيسة: الحكم يثبت حالة ولا ينص ولا يرسخ للزواج المدنى المحامى صاحب الحكم: لا أريد مباركة الكنيسة للزواج المدنى ولكن عليها ألا تتدخل بسلطاتها لمنعه القس سيلا عبد النور: رفض الزواج الثانى أدى لخروج كثيرين من المسيحية الناشط جون تكلا: المجمع المقدس هو المُشرع الأوحد للقوانين الكنسية.. وليس المحاكم أصحاب الأزمة: الكنيسة تغلق أبوابها فى وجهنا.. ونريد قانونًا مدنيًا صريحًا لزواج الأقباط يظل الطلاق ومن ثم الزواج الثانى، القضية الأكبر التى تواجه الكنيسة الأرثوذوكسية المصرية وتضعها هدفا للتصيد والتشهير من قبل البعض، فلا يمر أسبوع إلا وهناك جديد فى مشكلة الأحوال الشخصية فى الكنيسة، وصدام بين أطرافها الثلاثة وهم أصحاب المشكلة والرافضون للطلاق، والطرف الثالث الحائر بين الاثنين، ورغم ذلك فإن موقف الكنيسة غير محدد حتى الآن، ومؤخرًا حصل محامٍ على حكم بإقرار الزواج المدنى بين زوجين من الأقباط الأرثوذوكس، وهو ما دفع أصحاب المشكلة إلى المطالبة بقانون يحل الأزمة. يقول سعيد عبد المسيح المحامى الحاصل على الحكم ل«الصباح»: «موضوع الزواج المدنى كان يطبق بين المصريين والأجانب فقط، ويتم فى الشهر العقارى، ويقوم الكاهن بإجراء إكليل فى الكنيسة، بهذا الزواج، وذلك مُحرّم على المصريين، فالكنيسة منذ 10 سنوات لا تعطى تصريح زواج للحاصلين على أحكام طلاق، ولا توجد معايير لهذا الامتناع فى المجلس الإكليريكى، ومنذ 2008 لا يوجد قانون يحكم الأحوال الشخصية للأقباط بعد إلغاء لائحة 38». ويتابع عبد المسيح «القضية التى حصلت فيها بحكم بالزواج المدنى، لشخص كان يريد الطلاق، حيث سافر إلى الخارج ورفع قضية هناك للطلاق، وبالفعل حصل على حكم بالطلاق، ثم أراد أن يتزوج مرة أخرى فحرر توكيلًا لشقيقه تزوج من خلاله زواجًا مدنيًا بحكم محكمة حصلت عليه له، وتم توثيق حكم الطلاق، الذى تم فى الخارج وتزويجه مرة أخرى». ويؤكد عبد المسيح أن الحكم الذى حصل عليه، يعد أول حكم لإثبات الزواج المدنى بين اثنين أرثوذوكس فى مصر، وسوف يتم إجراء الطقوس الدينية للزواج فى الخارج، وهو ما يعد دمجًا للزواج المدنى والكنسى، والورقة التى تعطيها الكنيسة للمتزوجين حديثًا لقضاء شهر العسل فى الخارج أو فى الفنادق، بمثابة عقد زواج عرفى للمعاملات المدنية، والكاهن فى الكنيسة يقوم بدورين؛ التوثيق والزواج الكنسى، ولا أريد أن تبارك الكنيسة الزواج المدنى وإنما أطالبها بألا تُحرِم راغبى الزواج المدنى منه، فللأسف هناك تعليمات من الكنيسة للشهر العقارى بعدم توثيق الزواج المدنى للمسيحيين، وبالفعل ترضخ المحاكم فترفض التوثيق، رغم أن القانون والدولة يبيحان الزواج المدنى». وعبر «الصباح»، يقول عبد المسيح للحاصلين على الطلاق «الزواج المدنى مفتوح، ومن يريد الزواج فليتفضل، ولا شأن لكم بالكنيسة، وعليكم الالتجاء إلى الدولة ومؤسساتها لتوثيق هذا الزواج، لأن المطلق، وفقًا لصفته ببطاقته الشخصية، تعده الكنيسة متزوجًا». ويرى القس سيلا عبد النور، كاهن كنيسة هرم ستى أنه لا يصح الانحياز لوجهة نظر واحدة، فى مسائل الأحوال الشخصية للأقباط، ويقول «الرأى المتشدد المتحكم فى تلك القضايا أدى إلى خروج كثيرين من المسيحية، ويتم تقديم هذا الرأى على أنه الرأى الأرثوذوكسى والكتابى السليم، وأن الخروج عليه هو خروج على تعليم الآباء والكتاب المقدس، فى تجاهل كامل لآراء آباء آخرين فهموا الكتاب بطريقة أقل تشددًا، بل إن الآباء المتشددين فى هذه النقطة، مع كامل احترامى لهم، حينما رغبوا مثلًا فى السماح بالطلاق لعلة تغيير الدين، لم يروا فى هذا تعارضًا مع الكتاب المقدس الذى لم يذكر هذا، ولكننا جميعًا وافقناهم على هذا الرأى غير الموجود فى نص كلام المسيح، ولكنه مقبول من حيث الرحمة وفهم روح الكتاب، التى أرى أنها تدفعنا للرحمة والحب، وهذا ليس تهاونًا ولا خروجًا عن الكتاب والآباء». ويعلق فادى كريم مؤسس مجموعة (نعم لقانون مدنى للأحوال الشخصية): «لا زواج مدنيًا للأقباط إلا فى حالتين فقط، وفق قانون 1955، أولًا: فى حالة اختلاف الملة بين أحد طرفى الزواج، وفى هذه الحالة يتم تطبيق الشريعة الإسلامية.. وثانيًا: إذا كان أحد الأطراف أجنبيًا لا يحمل الجنسية المصرية». ويتابع «هناك بعض المحامين يثيرون البلبلة بين متضررى الأحوال الشخصية ويدعون أنهم مدفوعون من الكهنة». المستشار منصف سليمان عضو المجلس الملى العام ومستشار الكنيسة يرى، فى كلامه ل«الصباح»، أن الحكم موضوع الحديث «لم يقل إنه زواج مدنى، ولكن يثبت حالة معينة، وبذلك لن يرسخ للزواج المدنى، ولا ينص على ذلك، بل يؤكد أنه لا يوجد زواج مدنى فى مصر، بنص الدستور». الناشط القبطى جون تكلا، وهو من رافضى الزواج المدنى يقول «أسجل احترامى لأحكام القضاء، ولكن نحن لدينا عقيدتنا وتشريعاتنا والأحكام المقدسة التى نسير بها، وأرى أن الحكم لا يلزم سوى من أراد الانشقاق عن شَركة الكنيسة المقدسة وطوعها، وهؤلاء لم يعد يحق لهم أن يمارسوا أسرار الكنيسة، أما نحن فلا يلزمنا سوى تعاليم الإنجيل، والمجمع المقدس هو المُشرٍع الأوحد للقوانين الكنسية، وليس المحاكم المدنية، وكما قال القديس يوحنا ذهبى الفم: (إذ ليس بحسب القانون المدنى، سندافع أمام الله فى اليوم الأخير بل بحسب الناموس الذى وضعه الله القدير). وأظن أن هذا ما أتاحه لنا الدستور المصرى فى مادته الثالثة ونصها: (مبادئ شرائع المصريين من المسيحيين المصدر الرئيسى للتشريعات المُنَظِمة لأحوالهم الشخصية وشئونهم الدينية)». ويتعلق أصحاب مشاكل الأحوال الشخصية بأى أمل يظهر أمامهم كى يحلوا مشاكلهم بعيدًا عن الكنيسة، يقول أحدهم ويدعى إبرام ناجى «كل ما أثير من حديث حول الحكم ليس له أى قيمة، فلا يعتبر مرجعية للزواج المدنى فى مصر، ولذا نطالب بقانون مدنى صريح للزواج وخاصة للأقباط، لحل المشكلات العالقة بعيدًا عن الكنيسة، أما أن نعالج المشكلات بمثل هذه الأحكام فسوف تنحدر بالجميع إلى هوة لا يعلم إلا الله مداها». مؤسس رابطة الصرخة للأحوال الشخصية للأقباط إسحاق فرنسيس: «هذا الحكم صحيح ويتيح الزواج المدنى، وهناك 900 حالة زواج عرفى بين الأقباط.. فماذا نفعل إذا؟ كانت الكنيسة تغلق أبوابها فى وجه المتضررين وتتعمد تعذيبهم».