الكاتدرائية: 171 ألف أسرة تستفيد من التبرعات.. ونعد لائحة جديدة لتحديد المستحقين «أخوة الرب» مصطلح كنسى يعبر عن فقراء المسيحيين، فقد حذر الكتاب المقدس من الغنى الفاحش وجعل الجميع سواسية، (مَنْ لَهُ ثَوْبَانِ فَلْيُعْطِ مَنْ لَيْسَ لَهُ، وَمَنْ لَهُ طَعَامٌ فَلْيَفْعَلْ هكَذَا)، ومنا هنا أخذت الكنيسة تقليدها فى خدمة الشريحة العريضة التى يتجدد الحديث عنها مع كل احتفال بأعياد الميلاد، لمنح عطايا الكنيسة للفقراء لمساعدتهم على أعباء الحياة، خاصة فى الأعياد. وتوجه للكنيسة الكثير من الانتقادات من جانب بعض أفراد الشعب على عدة مستويات، يأتى على رأسها الثراء الفاحش الذى يظهر فجأة على بعض رجال الدين، بما لا يتناسب مع دخلهم، بالتزامن مع الزيادة الملحوظة فى شريحة الفقراء «أخوة الرب»، نظرًا للظروف الاقتصادية التى تمر بها البلاد، بالإضافة إلى طرق تحصيل الأموال من الأغنياء وتوزيعها على الفقراء. ورغم أن الكتاب المقدس أوصى بالفقراء، إلا أن أخوة الرب لا زالوا يتقدمون بالعديد من الشكاوى التى تتلخص فى ضيق يد الخدام عليهم، وعدم كفاية العطايا لاحتياجاتهم. تقول «م. ع.»: «ماذا تفعل 200 جنيه هذه الأيام؟ والخدام يتعبوننا عند طلب أى شىء، مما يضطرنى للكذب لأخذ أموال من كنيسة أخرى لسد احتياجاتى، ولا بد أن يكون لدى الخدام رحمة أكثر عند التعامل معنا». فيما تقول «ن. ك.»: «الكنيسة تنتهك أسرارنا بطلبهم وطريقة عملهم لبحث الحالة والسؤال عن حالتنا الاجتماعية فى المنطقة التى نعيش بها.. وهذا يعنى أننى مطالب بفضح نفسى وإبلاغ الجميع باحتياجى، حتى يؤكدون ذلك لمبعوثى الكنيسة حين يأتون إلى منطقة سكنى للسؤال عنى». ويرى آخرون أنهم يعانون من استعلاء الخدام ونظراتهم التى تختلط بالاحتقار لهم عند أخذ المعونة قبيل الأعياد، فيقولون إنها تعطى لهم بطريقة مهينة على مرأى ومسمع من الجميع، حيث يأتى الناس فيرونهم جالسين بانتظار دورهم لأخذ المعونة، محبذين أن يكون لهم مكان خاص وموعد خاص، بعيدًا عن مواعيد الاجتماعات حتى تحفظ لهم كرامتهم. واختلفت إدارة الراحل، البابا شنودة الثالث، فى إدارة ملف أموال الفقراء عن الطريقة التى يتبعها البابا تواضروس، فقد أسس البابا شنودة لجنة البر فى جميع المحافظات للاهتمام بأمور الفقراء، وأعطاهم أولوية خاصة، وخصص لهم وقتًا من اجتماعه الأسبوعى لحل مشكلاتهم والتحدث إليهم، بينما اعتبر البعض ما قام به البابا تواضروس من تفويض الكثير من صلاحياته للمساعدين والسكرتارية والأساقفة نوعًا من التنصل من المسئولة والهروب من لقاء أخوة الرب، وهو الأمر الذى صنع هاجسًا لدى البعض من إلغائه مستقبلًا. « يا ريت ترجع تانى».. هكذا ترحمت «ك. ن.» على أيام البابا شنودة قائلة: «كان يحب الفقراء، وعندما كنت أذهب إليه لطلب أى شىء، كان يعطينى دون أن يطلب بحث حالة ولا يرهقنى بالتنقل على الكهنة كى أطلب، كان يعطينى ما أريد، وكنت أشعر أنه أبى الذى بعثه ربنا لنجدتنا». فيما يرى أحد خدام أخوة الرب بإحدى الكنائس- والذى طلب عدم ذكر اسمه - أن بعض الكنائس الحالية تخلق بطالة مقنعة داخل خدمة أخوة الرب، نتيجة العطاء بسخاء دون نظرة موضوعية للحالات، فهناك فئات لا تستحق الإعانة الشهرية، وتستجدى من الكنائس، لاسيما ما كان يحدث فى لجنة البر لاستعطاف قلب قداسة البابا شنودة، فكان يعطى كل سائل دون بحث، مشيرًا إلى أن إلغاء البابا تواضروس لجنة البر العامة وجعل كل إيبارشية مختصة بفقرائها قرار حكيم، حيث منع البعض من الحصول أكثر من مرة على أموال لا يستحقونها. خادم آخر يرى أن الأمر يحتاج إلى التنظيم، وأن الكنيسة مسئولة عن الأسرة التى لا تجد من يعولها، بالإضافة إلى المريض والفقير وغير القادر على العمل والمسن، وغير ذلك من دعم الأسر الفقيرة فى التعليم، محملًا الكنيسة مسئولية خلق آليات جديدة للتعامل مع الأزمة التى تتفاقم بسبب الحالة الاقتصادية، ومساعدتهم فى البحث عن فرص العمل عن طريق المشروعات الصغيرة، مشيرًا إلى أهمية بحث الحالة الاجتماعية قائلًا: «أعطت الكنيسة معاقًا ذهنيًا عربية كارو، فباعها وصرف الأموال هباءً». فيما انتقد الناشط القبطى، ثروت صبحى، ما وصفه الفساد المتفشى فى خدمة أخوة الرب، وسطوة رجل الدين واستفادتهم من التبرعات، فيحصلون على 25 فى المائة من التبرعات رغم المرتبات والهدايا الدورية، وهو ما اعتبره فسادًا مقننًا، حول الكاهن من خادم إلى موظف يسعى لجمع الأموال إرضاءً للأساقفة، فيأخذ جمع التبرعات 50 فى المائة من وقت الخادم، مما يجعله مقصرًا فى خدماته الروحية فتردت الخدمة. وطالب البابا فى لقائه بكهنة وخدام أخوة الرب بالتنظيم والاهتمام بصدق المعلومات وتدقيق البيانات محذرًا من «التواكل» الذى يخلق فردًا عالة على المجتمع والدولة والكنيسة، ولابد من خلق الثقة مع العاطى، وكرامة للعطية وتقديمها بصورة لائقة. ميرفت النمر، الناشطة القبطية، تؤكد تفاوت المستويات المادية بين الكنائس، وهو ما خلق معاناة لسكان العشوائيات والريف، محملة الكنيسة مسئولية القرار الذى وصفته بالعشوائى بجعل كل كنيسة متكفلة بذاتها. وشددت على أهمية دور المجلس الملى فى حل أزمة فقراء الأقباط، وقالت إن وجود المجلس الملى الذى يشرف على هيئة الأوقاف القبطية، ووضع نظام يشبه البنوك ببطاقة ائتمان يسحبون بها الأموال من الكاتدرائية، يلغى حصول واحد على أكثر من حقه، ويساوى بين الجميع فى العطايا ويحفظ كرامتهم. وقال القس بيشوى شارل، سكرتير البابا للرعاية الاجتماعية، فى مقاله بمجلة الكرازة، إن الكنيسة تقوم بإعداد لائحة جديدة لخدمة «إخوة الرب» أخذت فى اعتبارها توصيات المجمع المقدس التى تقضى بتخصيص 30 فى المائة من إيرادات الكنائس للمحتاجين، و30 فى المائة للمبانى، و30 فى المائة للإدارة والمرتبات، و10 فى المائة للطوارئ، موضحًا أن 171 ألف أسرة مسيحية تستفيد من خدمات الرعاية الاجتماعية بالكنيسة، التى تقدم من خلالها المعونات المادية والعينية للأسر الفقيرة. وقال إنه سيتم تأسيس قاعدة بيانات موحدة تتمتع بالسرية التامة، وتعتمد على بيانات الرقم القومى مع استمارة بحث حالة كاملة موحدة تصدر من البطريركية بها أسماء أفراد الأسرة وأرقامهم القومية وأية بيانات تفيد فى خدمتهم، مع إدخال الاستمارات على قاعدة بيانات عامة وموحدة على مستوى الجمهورية، مع وضع رقم كودى لكل أسرة على مستوى الجمهورية، والاحتفاظ بسرية البيانات التى يشرف عليها الأب الأسقف فقط وكاهن لكل منطقة للتواصل مع البطريركية، وتسمى استمارة بحث الحالة باستمارة «طلب البركة». وتابع القس بيشوى: تم تخصيص مركز خدمة تليفونية للبطريركية للاستفسارات والتدريب واستخراج تصاريح الدخول على البرنامج، كما تم الاتفاق مع الكنائس على توحيد صيغة الخطابات التى يرسلها الآباء الكهنة لطلب المساعدة للأسر المحتاجة بكنائسهم، مؤكدًا أن الهدف من هذا البرنامج هو الوصول لسد احتياجات سائر المحتاجين المسيحيين حتى فى الأماكن التى يصعب الوصول إليها، مع العدالة فى التوزيع على المحتاجين والاهتمام بالجانب الروحى وإجراء إحصائيات متنوعة عن أصحاب المهن المختلفة ونسبة الأمراض ونسب التعليم والأمية، وعدد الأسر التى تحتاج سكنًا ملائمًا.