جيهان وفاطمة.. أوشكتا على الموت بعد تناول «المفيجين» و«ميفيبريستون».. و«الصباح» ترصد 15 صفحة على مواقع التواصل الاجتماعى لترويجها يحظر القانون إجراء عمليات الإجهاض.. وتفصل نقابة الأطباء الطبيب الذى يقوم بها.. لكن المفارقة أن ما هو ممنوع فى الواقع.. متاح فى العالم الافتراضى حيث تنشر المواقع التى تبيع أدوية الإجهاض الحديثة على «فيس بوك» بإعلان يبشر الراغبات فى الإجهاض بانتهاء مشكلاتهن، وبعيدًا عن أعين التفتيش والرقابة على الأدوية، تروج تجارة أدوية الإجهاض عبر مواقع التواصل الاجتماعى، من خلال أكثر من صفحة، رصدت «الصباح» بعضها، وبعض ضحاياها من السيدات. «الآن يمكنك أن تتخلصى من جنينك ب 700 جنيه فقط مع أقراص ميزوتاك بطريقة آمنة ودون اللجوء إلى طبيب، للاستعلام والاتصال على الرقم التالى....»، هكذا جاء نص إعلان نشرته إحدى الصفحات المتخصصة فى بيع أدوية الاجهاض بمواقع التواصل الاجتماعى. الصفحة التى تحمل اسم «ميزوتاك»، نشرت عدة أرقام هاتفية للتواصل مع جمهورها، وتواصلت «الصباح» مع أحد الأرقام الهاتفية، الذى أجاب بعد محاولات عديدة، وردًا على سؤال بشأن المنتج قال المتحدث، ويدعى الدكتور إسلام: ميزوتاك أقراص عبارة عن علاج لقرحة المعدة، وله استخدامات أخرى مثل تسريع عملية الإجهاض بدلًا من الطرق العشوائية التى تؤدى إلى نزيف يسفر عن الوفاة فى بعض الحالات. وأضاف: هناك استخدامات سلمية لميزوتاك حيث ننصح به للأم فى الشهور الأخيرة لتسريع عملية الولادة من خلال وضع نصف قرص يوميًا داخل المهبل ووقف عملية النزيف ما بعد الولادة، أما استخدامه فى الشهور الأولى من الحمل خلال 62 يومًا فيؤدى إلى الإجهاض، وهو غير متوافر بالصيدليات حيث نقوم باستيراده من الخارج وعليه فثمن العبوة الواحدة تصل إلى 700 جنيه. وردًا على سؤال عن مصادر الحصول على الدواء، أجاب الدكتور إسلام: يقوم الزبون بتحويل المبلغ فى شكل رصيد إلى الرقم الذى تكلمنى عليه، وأنا سأقوم بإرسال شخص إليك ومعه الحبوب، وبمجرد أن تتم عملية التحويل تحصل على ميزوتك، بشرط ألا يزيد عمر الجنين على 62 يومًا لأن هناك أدوية أخرى نقدمها حال زاد عمر الجنين على 62 يومًا حرصًا على حياة الأم. توجهت «الصباح»، إلى أحد أطباء النساء والتوليد بمنطقة الزيتون، رفض ذكر اسمه، حيث منحنا بيانات لحالتين كانتا قد تعرضتا لنزيف حاد عقب استخدام هذه الأدوية. فاطمة. ح 35 عامًا، بدأت حديثها ل«الصباح» معربة عن أسفها وندمها لاستخدام مثل هذه الأدوية القاتلة التى كادت تنهى على حياتها، مؤكدة فى نفس الوقت حصولها على حبوب الإجهاض من أحد أفرع صيدلية شهيرة يمتلكها طبيب بوزارة الصحة. وتابعت فاطمة قائلة: رزقنى الله بتوأمين متتالين، والحمل الثالث لم يكن فى حساباتى، فحاولت التخلص منه بطرق تقليدية بالقفز من مكان عالٍ وحمل أشياء ثقيلة والسير لمسافات طويلة لكن دون فائدة، فنصحتنى إحدى صديقاتى بالبحث عن حبوب الإجهاض وكنت وقتها بالشهر الثالث، وذهبت لأكثر من طبيب لاستشارتهم بشأن هذه الحبوب وجميعهم رفضوا إعطاءها لى على «الروشتة» فكان السبيل هو الحصول عليها بشكل غير شرعى، وبالفعل نجحت فى الحصول على حبوب «ميفيبريستون» ومعروفة باسم آخر وهو «ار يو» مقابل 900 جنيه للعلبة الواحدة، وكان ذلك عبر أحد العاملين بصيدلية شهيرة. وتابعت فاطمة: تناولت الحبوب دون استشارة الطبيب وحدثت انقباضات بالرحم تبعها نزيف حاد، وانتقلت على إثرها إلى مستشفى السلام الدولى، وتم عمل اللازم لإيقاف النزيف والتدخل الجراحى لإتمام عملية الإجهاض، وتم تحرير محضر بالواقعة حيث علمت فيما بعد أن هذه الأدوية غير مصرح باستخدامها إلا بمعرفة الطبيب. جيهان. ج 43 عامًا، والتى كادت تنهى حياتها بيديها بعد تناول عقار الميفيجين، حيث حصلت عليه من خلال صفحة تروج للدواء عبر مواقع التواصل الاجتماعى. وأكدت جيهان ل «الصباح»: كان حملى الرابع بعد ولدين وبنت ولأن حالتى الصحية لم تكن تسمح بحمل رابع حاولت إجهاض نفسى، ولكن ساءت الأمور فلم يتوقف النزيف ليومين متتاليين، وبعدها ذهبت إلى عيادة خاصة ورفض الطبيب إسعافى وطلب منى الذهاب إلى المستشفى وهناك تم إسعافى. وتابعت جيهان أن وزارة الصحة تعلم بمنافذ بيع حبوب الإجهاض، ولكن دون أن تتحرك لأن كبار المسئولين بالوزارة لديهم صيدليات تقوم ببيع هذه الأدوية دون رقيب مقابل مبالغ مالية كبيرة. ثمن أغلب أدوية الإجهاض لا يتخطى حاجز ال 20 جنيهًا، ولكن يتم بيعها بمبالغ تصل إلى 1000 جنيه للعبوة الواحدة ولأن الصيادلة يعلمون قيمتها لا يصرفون حصصهم التى تأتيهم من وزارة الصحة ويسربونها للسوق السوداء، علاوة على الأدوية التى تأتيهم من الخارج مهربة. صيدليات الإجهاض بمساعدة إحدى الحالتين توصلت «الصباح» إلى موظف بصيدلية داخل منطقة حلمية الزيتون تبيع مثل هذه الأدوية، وفى البداية رفض التعامل معنا بحجة أن وزارة الصحة لم تعد تصرف هذه الأدوية ويتم بيعها بالمستشفيات الحكومية والخاصة، وفى نهاية المكالمة عرض علينا توفير مستحضر طبى يسهل عملية الإجهاض وهو ميزوتك، مقابل 800 جنيه عن العبوة الواحدة، وطلب أن تتم الصفقة خارج الصيدلية، وبمجاراة هذا الموظف فى الكلام لمعرفة الطريقة الشرعية للحصول على المنتج بسعر أقل، أكد بأن الدواء حتى لو مكتوب على روشتة طبيب لا يتم صرفه لأن الصيدليات غير مصرح لها بتداول هذه الأدوية حتى لو كانت مدونة فى روشتة الطبيب. وبسؤال الموظف عن أسعار أقل من التى ذكرها، أكد بأن هناك أنواع أخرى من أدوية الاجهاض وميزوتاك أقلهم فى السعر، وأسعار أدوية الإجهاض بالسوق السوداء على النحو التالى: الميفيجين ب 1000 جنيه، ميفيبرستون ب 900 جنيه، ار يو 486 والمسمى بعلاج الإجهاض السحرى ب 1200 جنيه. فى السياق نفسه، أكد الدكتور محمود أبو زيد صيدلى وعضو نقابة الصيادلة ل«الصباح»، بأن أغلب هذه الأدوية يكون آمنًا فى الأسابيع الأولى للحمل، ويتم استخدامها بمعرفة الطبيب لأن النساء فوق سن ال 45 سنة غير مصرح لهم بالحمل، لأن أغلب الأجنة تكون مشوهة، وبالتالى يتم التخلص من الحمل، وهناك تقارير من منظمة الصحة العالمية تؤكد هذا الكلام، ولكن ما يحدث داخل مصر هو إساءة لاستخدام هذه الأدوية واستغلالها لتحقيق أرباح خيالية من خلال تهريبها إلى دول السعودية والإمارات والكويت بعد تسريبها من مستشفيات الحكومة، بمعرفة أمناء المخازن بالتنسيق مع مديرى تلك المستشفيات. صفحات على الفيس بوك ما لايقل عن عشر صفحات تروج كل واحدة لمنتج مختلف عن الآخر، تحمل كل منها أسماء المنتجات التالية : ميزوتاك، بروستاكلاندين، بروجسترون مفيبرستون، ميسبروتول. التجمع الصيدلى يقر بصحة الواقعة فى سياق متصل، أكد الدكتور ياسر خاطر رئيس التجمع الصيدلى ل«الصباح»، إن بيع أدوية الإجهاض يتم على صفحات الفيس بوك، حيث يتم تداول 3 أدوية رئيسية «سيتوتك، ميزوتاك والبروستاكلاندين »، لافتًا إلى أن «السيسوتك، «، وهو عقار مهرب وعبارة عن لبوس ويأتى من تركيا وليبيا. وأضاف خاطر، إن أدوية ميزوتاك، كان يتم بيعه فى الصيدليات بشكل طبيعى، إلا أن قرار وزير الصحة الأسبق الدكتور فؤاد النواوى، بمنع بيع عقار الإجهاض فى الصيدليات العامة، وتخصيص بيعه على المستشفيات الحكومية والخاصة، تسبب فى فتح الباب أمام مهربى الأدوية بأن يقوموا ببيعه فى السوق السوداء. واستطرد خاطر، إن ارتفاع حالات الإجهاض بين السيدات أنعش سوق هذه الأدوية، حيث يتم تصنيع صنفين داخل مصر بمعرفة شركتى سيجما وشركة أدوية، بينما يأتى السيستوك مهربًا من الخارج. وأشار خاطر، إلى أن دور نقابة الصيادلة يقتصر على إبلاغ وزارة الصحة فقط، وتابع: قدمنا بلاغات عديدة ضد هذه الصفحات للصحة، ولكن دون جدوى، مشيرًا إلى أن عقوبة الصيدلية التى تقوم ببيعه تصل إلى غلقها نهائيًا. وزارة الصحة الدكتور طارق سلمان رئيس قطاع الصيادلة ومساعد وزير الصحة لشئون الصيادلة أكد ل«الصباح»، أن الصفحات التى يتم رصدها تقوم ببيع هذه الأدوية على مواقع التواصل الاجتماعى يتم إبلاغ التفتيش الصيدلى فورًا ويتم إغلاقها، مشيرًا إلى أن الوزارة أغلقت خلال الفترة الماضية ما يقرب من عشرات الصفحات كانت تبيع أدوية مهربة. وأضاف سلمان، إن بيع أى عقار خارج الصيدليات يعتبر عقارًا مهربًا ومضرًا بصحة المريض المصرى، ونحن نطالب أى جهة إذا قامت برصد أى صفحات يتم الإبلاغ عنها، وسيتم إغلاقها وتحويل من قاموا بإنشائها إلى النيابة بتهمة بيع أدوية مهربة.