رغم الحملات المناهضة لزواج القاصرات، إلا أن الأمر ما يزال كما هو فى قرى العديد من المحافظات وفى المقدمة منها محافظة الفيوم، ما يجعل نسبة زواج القاصرات فى مصر 14 فى المائة من مجمل الزيجات بحسب دراسة أجرتها الأممالمتحدة. ووفقًا لدراسة فرنسية فى جامعة السوربون، أن مصر تتصدر قوائم البلدان المنتشرة فيها زواج القاصرات، ونتاجًا لهذا ظهر عدد من المأذونين ومنتحلي المهنة يتحايلون على القانون بطرق عديدة ويتكسبون من وراء تلك الزيجات مبالغ طائلة وأصبح الموضوع مجرد طريقة للبيزنس والنصب. ومن حين لآخر يتم القبض بطرق وبلاغات عشوائية على المأذونين المزورين وعلى منتحلى المهنة ففى الفيوم تم القبض على ثلاثة مأذونين فى شهر واحد فى مراكز متفرقة حيث تم القبض على مساعد مأذون فى مركز أطسا بالفيوم قام بتزويج القاصرات فى القرية منذ ثلاثة أعوام وُجد معه عدد من الشهادات المزورة وختم شعار الجمهورية مزور وعدد من عقود الزواج المزورة كما تم القبض بعد أسبوعين على مدرس انتحل صفة مأذون شرعى بمركز أبشواى بالفيوم، وضبط بحوزته عدد من عقود الزواج للقاصرات المزورة أيضا، كما تم القبض على مأذون ببنها بالقليوبية حرر 16 وثيقة زواج من العقود المزورة. ويقول رئيس مباحث مركز أطسا بالفيوم المقدم عبد التواب أبو طالب إن البلاغات التى تأتيهم عن المأذونين المزورين أو منتحلى المهنة يتم بطرق عشوائية ومحض الصدفة ولا يوجد تنسيق مع أى جهة من الجهات المعنية للقبض على المزورين أو الحد من الظاهرة، وأشار إلى أن الأمر متفشى فى معظم القرى وأن الأهالى تتستر على الأمر خوفًا من المسائلة القانونية. أما عن طرق التحايل على القانون الذى صدر عام 2008 بعدم زواج الفتيات دون سن الثامنة عشر أو التزوير فى الأوراق فهى عديدة ومختلفة فيقول المأذون أحمد محمود أن معظم مأذونى القاصرات يكون لهم علاقة وثيقة بعضهم البعض فى كل محافظة أو مركز لتسهيل المهمات وتيسير الأمور كما يكون لهم علاقات ومعارف فى السجلات المدنية لاستكمال عملية التزوير وأشار أنه يوجد العديد من الدخلاء على المهنة والذين لا يكون لهم علاقة بالقلم الشرعى للمأذونين أو مسجلين من الأساس ولكنهم يكون لهم علاقات فيتحول الأمر إلى بيزنس وتربح لا أكثر. وأضاف أنه إذا أردت عقد زواج رسمى مزور فهذا سهل فى ظل العلاقات بين شبكة مأذونى القاصرات والتحايل على القانون فأنه يتم الإتيان بشهادة ميلاد الطفلة الأصلية ثم يذهب لبعض معارفه من الموظفين بالسجل المدنى لعم شهادة ميلاد مزورة تجعلها تتجاوز السن القانونى وكل هذا يتراوح سعره من 300 إلى 500 جنيه للشهادة الواحدة وبعدها يستطيع عمل عقد زواج رسمى بشهادة مزورة وختم نسر عليها مزور ويكون محل الإقامة فيها ليس له وجود من الأساس. ويتراوح أتعاب المأذون حينها من ألفين إلى خمس آلاف، أما الطريقة الثانية عقد الزواج العرفى ويكون أيضا شهادة الطفلة فيها مزورة من السجل المدنى ويتم عقد قسيمة زواج عرفى بختم مزور ولكن يكون أتعاب المأذون فيها أقل حيث تتراوح أتعابه من ألف إلى ألفين جنيه أما الطريقة الثالثة أن أهل الطفلة يذهبون لتحرير محضر بأنه تم زواجها على شاب على يد مأذون فى أى جامع دون علمهما وأن المأذون ليس له أى أثر ومن ثم يتم تحويل المحضر إلى النيابة وبعدها ستحكم النيابة بعقد الزواج دون النظر إلى الاعتبارات القانونية ومن ثم يوثق عقد الزواج بطريقة رسمية. ويقول المحامى محمد أحمد: إن جريمة التزوير تخضع لقانون العقوبات والتزوير فى أوراق رسمية ويتم الحكم عليه بالسجن من 10 إلى 15 عامًا. الفيوم من أكثر المحافظات التى بها أعلى نسبة زواج حيث تصل نسبة زواج القاصرات بها إلى 77 فى المائة، حيث إن 48 فى المائة منهن من سن 12-14 عاما و43 فى المائة من 15-17 عاما، وأن 55 فى المائة من مأذونى عشر قرى بالفيوم يقومون بتزويج الفتيات القاصرات وفقًا لدراسة أجرتها وزارة الدولة للأسرة والسكان. عند نزولك لبعض القرى بالفيوم فأنت لا تحتاج التحدث إلى أحد لتعرف مدى تفشى الظاهرة فهى موجود نصب عينيك فى شوارع القرية وضواحيها، فتجد أطفالًا يحملون أطفالًا فمعظم فتيات القرية متزوجات ويحملن ثلاثة أو أربعة أطفال. تقول أمل، 19 عاما، بقرية الجعافرة بالفيوم إنها تزوجت منذ خمسة أعوام، وتم تزوير شهادة ميلادها وعقد زواجها فى مركز آخر غير الذى تقيم فيه على يد مأذون بألفين جنيه وأنه يريد منها 300 جنيه الآن لتغير قسيمة زواجها بعقد رسمى غير مزور لكى تتمكن من عمل بطاقة رقم قومى.